أبلغ "الاقتصادية" مندوبون في منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" أن اجتماع مختصي النفط من المنظمة مع الدول المنتجة من خارجها أمس في فيينا لم يشهد أي مناقشات بخصوص إمكانية خفض إنتاج الدول الأعضاء أو غير الأعضاء، مؤكدين أن الهدف من الاجتماع كان معالجة هبوط أسعار الخام، ومناقشة مقترح فنزويلي بوضع حد أدنى لسعر برميل النفط.
وأوفدت خمس دول فقط من خارج أوبك ممثلين عنها لحضور اجتماع المختصين الذي عقد في مقر الأمانة العامة للمنظمة في فيينا وهي المكسيك وروسيا وكولومبيا وكازاخستان والبرازيل، وذلك من أصل ثماني دول غير أعضاء وجهت لها الدعوة لإجراء محادثات عن السوق.
وقال لـ "الاقتصادية"، أمبرجيو فاسولي مدير مركز أبحاث الطاقة في مدينة لوزان السويسرية، إن حالة من تباين المواقف تسيطر على المنتجين بسبب الظروف الراهنة للسوق حيث تدفع دول مثل فنزويلا ودول الجمهوريات السوفيتية السابقة في اتجاه خفض الإنتاج إلا أن دول الخليج وروسيا بينهما توافق واسع على عدم جدوى هذه الخطوة بسبب حالة وفرة المعروض وتنوع الموارد التي تسيطر على السوق وتمكن من تعويض أي خفض في الإنتاج بسهولة وتعود الأسعار مرة أخرى للانخفاض بينما تتأثر الحصص السوقية لكل منتج.
وأشار فاسولي إلى أهمية الحوار الذي تتبناه أوبك من خلال لجنة المختصين وحتى لو لم ينجح في الوصول لإجماع ومواقف موحدة إلا أنه يعمق التفاهم والحوار بين المنتجين وهو أمر جيد وصحي للسوق.
وأوضح فاسولي أن أوبك تزداد ثقلا في سوق النفط وتتبنى رؤى منفتحة على الآخرين ولها برامج حوار جيدة مع روسيا والاتحاد الأوروبي وأخيرا مع الهند كما أن العضوية تتسع وهذا دليل على قوة التأثير وزيادة ثقل المنظمة حيث نجد أن الاجتماع الوزاري المقبل سيشهد انضمام إندونيسيا كما تتردد أنباء عن تقدم السودان بطلب لعضوية أوبك.
وأشار لـ "الاقتصادية"، رالف فالتمان المختص النفطي، إلى أن شركات الخدمات النفطية في سباق مع الزمن لإيجاد حلول لأزمة انخفاض أسعار النفط الخام التي ارهقت الاستثمارات وعرقلت نمو الصناعة بشكل عام لافتاً إلى أهمية البحث عن الأسواق عالية الربحية وتقديم الحلول التقنية التي تخفض تكاليف الإنتاج.
وأضاف فالتمان أن بعض شركات الخدمات النفطية تعرضت لصعوبات واسعة حيث أعلنت أخيرا شركة شلومبرجر وهي من الشركات المتميزة في هذا المجال انخفاض أرباحها الفصلية بنسبة 50 في المائة بعدما واجهت تحديات كبيرة تمثلت في انخفاض أنشطة الحفر على نطاق واسع خاصة في المناطق ذات التكلفة المرتفعة.
وشدد فالتمان على ضرورة الحفاظ على الاستثمارات وتأمين الصناعة من خطر التوقف لأن ذلك يعني قلقا على مستقبل إمدادات الطاقة في العالم مشيدا بما أعلنته دول الخليج من استمرارها في الاستثمار مهما انخفض مستوى الأسعار وذلك لقناعتها أن مرحلة الانخفاضات لن تطول كثيرا وأن نمو الطلب قادم بقوة ليعيد للسوق زخمها وتوازنها.
من جهته، يؤكد لـ "الاقتصادية"، أوسكار آنديسنر مدير إدارة الشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية، أن عودة الصادرات النفطية الإيرانية سيكون لها تأثير ملموس في المعروض العالمي خاصة أن تصريحات رسمية تحدثت عن ضخ 500 مليون برميل إضافية يوميا خلال أسبوع من تخفيف العقوبات الاقتصادية.
وأشار آنديسنر إلى أهمية المباحثات التي تجري حاليا في طهران في إطار زيارة ألكسندر نوفاك وزير الطاقة الروسي لإيران متوقعا أن تركز المباحثات على سبل التعاون بين البلدين كمنتجين كبيرين ومؤثرين في السوق وضرورة التوصل إلى آليات جديدة لدعم استقرار السوق ومنع تفاقم الفجوة بين العرض والطلب خاصة في ضوء توقعات وكالة الطاقة الدولية باستمرار تخمة المعروض في العام المقبل.
ونبه آنديسنر إلى ضرورة التصدي لنشاط داعش في تهريب النفط الذي تفاقم في الآونة الأخيرة وتضاعفت الكميات المهربة وحقق التنظيم أرباحا طائلة يومية تستخدم في أغراض الإرهاب مؤكدا أن دخول روسيا في حرب سورية غير التوازنات في المنطقة وقد يقود إلى ارتفاعات في سوق النفط نتيجة القلق على الإمدادات.
وأوضح آنديسنر أن فنزويلا تضغط في اتجاه عودة أوبك إلى التدخل في السوق للتحكم في الأسعار حيث تلح في جعل 70 دولارا للبرميل حدا أدنى لسعر النفط موضحا أن أوبك في المقابل متمسكة بعدم العودة للتدخل في السوق للتأثير في الأسعار، وتصدر بيانات مستمرة تؤكد نمو الطلب وأن آليات السوق كفيلة قريبا بتحقيق هذا السعر وربما أعلى منه.
وقال وزير النفط الفنزويلي إيولوخيو ديل بينو إن سعر النفط الذي يحقق توازن السوق هو نحو 88 دولارا للبرميل، مضيفاً أن 40 دولارا للبرميل هو دون سعر التوازن.
على صعيد أسعار الخام، هبطت أسعار النفط أمس بعد أن أظهرت بيانات ارتفاع مخزونات الخام الأمريكية أكثر من المتوقع الأسبوع الماضي وهو ما عزز المخاوف بشأن تخمة المعروض العالمي وإن كان النفط قد وجد بعض الدعم في التراجع الطفيف لسعر الدولار.
وبحسب " رويترز "، فقد هبط سعر خام برنت في العقود الآجلة تسليم كانون الأول (ديسمبر) 30 سنتا إلى 48.41 دولار للبرميل بعد أن ارتفع عشرة سنتات عند التسوية في الجلسة السابقة.
ونزل سعر الخام الأمريكي في عقود كانون الأول (ديسمبر) 44 سنتا إلى 45.85 دولار للبرميل بعد أن ارتفع سنتا واحدا عند التسوية إلى 46.29 دولار للبرميل، فيما انتهى تداول عقود تشرين الثاني (نوفمبر) أمس الأول وأنهت تداولها على انخفاض 34 سنتا عند 45.55 دولار للبرميل.
وقال معهد البترول الأمريكي إن بيانات القطاع أظهرت ارتفاعا أكبر من المتوقع في المخزون التجاري من الخام في الولايات المتحدة بلغ 7.1 مليون برميل ليصل إلى 473 مليون برميل في الأسبوع الذي انتهي في 16 تشرين الأول (أكتوبر). وكان محللون قد توقعوا ارتفاع المخزون 3.9 مليون برميل فقط.
ومن المنتظر أن تصدر إدارة معلومات الطاقة الأمريكية في وقت لاحق البيانات الرسمية للمخزونات التي من المتوقع أن تظهر ارتفاع مخزونات الخام للأسبوع الرابع على التوالي.
وعقد في فيينا أمس نقاش فني بين مختصي نفط من منظمة أوبك وخارجها وذلك قبل اجتماع المنظمة المقرر في الرابع من كانون الأول (ديسمبر).
اقرأ أيضاً:
أوبك ستجتمع مع منتجين من خارجها اليوم... والسوق تترقب
أوبك تغير توقعاتها للطلب على النفط إلى 94 مليون برميل يوميا في 2016
أوبك تنوي التعاون مع دول خارج المنظمة لتحسين سوق النفط