أشادت منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) بدور السعودية وقيادتها النموذجية لمجموعة العشرين خلال فترة التحديات والتقلبات غير المرئية المتعلقة بالوباء، موضحة أن مجموعة العشرين لعبت دورا فعالا في تعزيز الحوار والتعاون والتعددية لدعم عملية التعافي والمساعدة في دعم مستقبل الطاقة المستدامة.
وأكدت "أوبك" في تقريرها الأخير نجاح الاجتماع الفني الثامن التحضيري لمجموعة "أوبك +"، "عبر الفيديو كونفرنس" الذي يسبق مباشرة الاجتماع الوزاري 180 لدول منظمة "أوبك" والاجتماع الوزاري الـ12 لتحالف "أوبك +" يومي الإثنين والثلاثاء المقبلين.
ونقل التقرير عن محمد باركيندو الأمين العام لمنظمة "أوبك" تأكيده على الدور الرئيس الذي تلعبه اجتماعات الخبراء الفنية في تزويد الاجتماعات الوزارية لمنظمة أوبك وغير الأعضاء بتحليلات موثوقة ودقيقة التي تشكل أساسا حاسما لصنع القرار.
وسلط الأمين العام الضوء على الحاجة إلى استمرار التعاون والحوار أثناء تفشي جائحة كورونا، ولا سيما مع الموجة الثانية من الوباء التي تسببت في إغلاق عديد من الدول، لافتا إلى أهمية المضي قدما في تعزيز التعاون المشترك. وأكد التقرير إلى أهمية جهود "أوبك +" ضرورة دعم استقرار سوق النفط إذ إن النجاحات التي تحققت حتى الآن تتطلب قدرا كبيرا من الصبر والتحمل وعدم الرغبة في الاستسلام وهي القيم التي تمسكت بها دول "أوبك +" في الأشهر الماضية.
وحول اللقاحات الجديدة، نوه التقرير إلى قول باركيندو إن هذه اللقاحات أعادت المعنويات الإيجابية إلى السوق ويجب أن يستمر المنتجون في التمسك بخطة خفض الإنتاج إلى حين التمكن من السيطرة على الجائحة وخفض الإصابات حيث إن الوضع الراهن ما زال كارثيا.
وأشار إلى الأثر المدمر للوباء في الاقتصاد العالمي وفي سوق النفط، مشيرا إلى أن الاستثمار في قطاع النفط قد انخفض بشكل كبير، وتراجعت الاستثمارات تصل إلى 30 في المائة لهذا العام على نحو أكبر مما كان عليه في فترة الركود 2014 - 2016 التي كانت صناعة النفط لا تزال تتعافي منها عندما ضرب كوفيد – 19 العالم، حيث تحتاج صناعة النفط إلى ضخ 12.6 تريليون دولار في الاستثمارات الجديدة للحد من التقلبات وتجنب أزمة طاقة مستقبلية محتملة.
وذكر التقرير أنه في الذكرى الـ60 لتأسيس "أوبك" أظهرت المنظمة مرونة لا مثيل لها في الأوقات الصعبة، مشيرا إلى أن الاجتماعات الفنية لتحالف "أوبك +" توفر منصة للتواصل بشأن القضايا الفنية وتبادل الرؤى والبيانات وبالتالي تعميق الروابط مع بعضها بعضا والفهم المتبادل للقضايا التي تواجه سوق النفط العالمية.
وأشار إلى تمتع "أوبك" برابطة قوية من الصداقة والتعاون مع وكالة الطاقة الدولية وهي رابطة نمت بشكل أقوى تحت قيادة فاتح بيرول مدير الوكالة، حيث تشترك منظمتا أوبك ووكالة الطاقة في الالتزام بتحسين توقيت البيانات والجودة والشفافية وتعزيز حوار المنتجين والمستهلكين في المجالات ذات الصلة.
وأثنى على المساهمات الكبيرة التي قدمتها السعودية من خلال قيادتها القديرة لمجموعة العشرين خلال هذا العام المضطرب الذي توج بالقمة الناجحة قبل أيام، مشيرا إلى أن الاقتصادات الرائدة في العالم أكدت الأهمية المحورية لإمدادات الطاقة المستقرة وغير المنقطعة لدعم عملية التعافي ولتحقيق مستقبل آمن ومستدام للطاقة.
وأشاد التقرير بتركيز قمة مجموعة العشرين على منصة الاقتصاد الكربوني الدائري مع الاعتراف بالأهمية لخفض الانبعاثات بهدف تعزيز النمو الاقتصادي مع دعم الإشراف البيئي من خلال إدارة الانبعاثات في جميع القطاعات بما في ذلك - على سبيل المثال لا الحصر - الطاقة والصناعة والنقل والغذاء.
وذكر أن العام الجاري بدأ بتوقعات متفائلة بشأن الاقتصاد العالمي ونمو سوق النفط الصحي لكن رؤية عام 2020 لم تتوقع التأثير المدمر لفيروس كورونا أو الخسائر المميتة التي تسبب بها في جميع أنحاء العالم ولا الضربة التي ألحقها بعديد من القطاعات الاقتصادية خاصة النفط الخام.
وأوضح التقرير أن التطورات الواعدة في مجال اللقاحات بثت حالة من التفاؤل والتشجيع متمنيا أن يتم طرحها بسرعة في السوق لإنقاذ الأرواح أولا وقبل كل شيء وأيضا للمساعدة في إعادة تشغيل الاقتصاد العالمي خاصة أن سوق النفط تعاني حالية تداعيات الموجة الثانية وتباطؤ التعافي الاقتصادي.
ورجح التقرير أن يسجل استهلاك النفط في العالم هذا العام نحو 90 مليون برميل يوميا وهو ما يمثل انخفاضا حادا بنحو عشرة ملايين برميل يوميا مقارنة ببداية العام، مشيرا إلى أنه في عام 2021 من المتوقع أن يرتد نمو الاستهلاك بنحو 6.2 مليون برميل يوميا إلى ما يزيد قليلا على 96 مليون برميل يوميا مقارنة بتوقعات سابقة لتأثير فيروس كورونا في الطلب التي تصل إلى 102 مليون برميل يوميا في العام المقبل.
وتوقع التقرير تسارع وتيرة الانتعاش الاقتصادي بسبب إجراءات احتواء جائحة كورونا التي من المفترض أن تؤثر في النقل وفي الطلب على الوقود الصناعي بشكل كبير في العام المقبل، لافتا إلى الضغوط الناجمة عن ارتفاع مستويات المخزونات حيث تظهر البيانات الأولية لتشرين الأول (أكتوبر) أن إجمالي مخزون النفط التجاري لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بلغ 208 ملايين برميل فوق متوسط آخر خمسة أعوام وذلك مقارنة بـ13 مليون برميل أقل من متوسط الأعوام الخمسة في كانون الثاني (يناير) من هذا العام.
وذكر أن الجهود الحاسمة والاستباقية لمجموعة "أوبك +" ساعدت في إعادة سوق النفط إلى وضع مستقر، مشيرا إلى أنه منذ أيار (مايو) الماضي ساعدت تعديلات الإنتاج التي أجرتها الدول في "أوبك +" على تقليل العرض العالمي بنحو 1.6 مليار برميل وهو إنجاز مثير للإعجاب حقا نظرا لعدم اليقين الاقتصادي الذي يطغى على الصناعة.
وأشار إلى أن الجهود التي بذلها تحالف "أوبك +" ليست فقط من أجل مصلحة الدول الأعضاء في إعلان التعاون ولكن من أجل المصالح الأوسع للمستهلكين والمستثمرين والاقتصاد العالمي بشكل عام، موضحا أنه لا يمكن أن يكون هناك انتعاش دون استقرار السوق ولا أحد يستطيع الاستفادة من التقلبات.
وأضاف أن آفاق النفط الخام تبدو ضعيفة حاليا لكننا نتوقع تعافيا تدريجيا لنمو الطلب مع تعافي العالم من صدمة الجائحة حيث يتوقع المحللون عودة الطلب العالمي على النفط إلى نمو سنوي قوي نسبيا ليصل إلى ما يقرب من 104 ملايين برميل يوميا بحلول عام 2025.
وتوقع أن يتضاعف الاقتصاد العالمي بأكثر من الضعف من عام 2019 إلى عام 2045 ليصل إلى 258 تريليون دولار وأن ينمو عدد السكان 20 في المائة، على الأقل إلى 9.5 مليار نسمة، مشيرا إلى أن العالم سيظل متعطشا للطاقة وسيظل النفط هو الوقود المهيمن في مزيج الطاقة العالمي في المستقبل المنظور، حيث سيمثل ما يقرب من 28 في المائة، في عام 2045 يليه الغاز عند نحو 25 في المائة.
ونوه التقرير إلى أن أغلب التقارير والأبحاث الدولية ترجح أن النفط والغاز سيحتفظان بأهميتهما في مزيج الطاقة في المستقبل المنظور، لافتا إلى أن الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ستظل هي القوة المحركة للنمو حيث ستشكل نحو 68 في المائة، من إجمالي الطلب على النفط بحلول عام 2045 بقيادة الهند والصين.
ونقل عن - بيانات "أوبك" السنوية في تقريرها عن آفاق سوق النفط لهذا العام - توقعها أن ارتفاع الطلب على النفط في الاقتصادات النامية والناشئة سيكون بمقدار 22.5 مليون برميل يوميا إلى نحو 74 مليون برميل في اليوم في عام 2045.
كما رجح التقرير أن البتروكيماويات والنقل سيدعمان الطلب على النفط الخام في المستقبل، معتبرا أن توليد الكهرباء هو المجال الوحيد المتوقع أن يشهد انخفاضا حيث يفسح النفط المجال لمصادر الطاقة المتجددة والغاز الطبيعي، معتبرا، أن النقل البري هو المحرك الحقيقي لاحتياجات النفط كما هو الحال اليوم وسيشكل 43 في المائة، من إجمالي الطلب بحلول عام 2045 حيث نرى مرة أخرى تحول النمو إلى الاقتصادات الناشئة والنامية مع ارتفاع استخدام المحركات البديلة في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وأشار التقرير إلى انخفاض استهلاك وقود الطائرات هذا العام حيث انخفض 50 في المائة، تقريبا مرجحا أن يتعافى ويكون المحرك الرئيس للطلب على النفط في المستقبل حيث ينمو بمقدار 2.8 مليون برميل يوميا بحلول عام 2045.
وعلى جانب العرض رجح التقرير أن تتعافى السوائل من خارج "أوبك" من الإغلاق المرتبط بالوباء على المدى المتوسط وفي المستقبل القريب من المتوقع أن تنخفض السوائل من خارج أوبك من ذروة بلغت نحو 72 مليون برميل يوميا بنهاية هذا العقد إلى نحو 65 مليون برميل يوميا في 2045.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، واصلت أسعار النفط الخام مكاسبها الأسبوعية للأسبوع الرابع على التوالي وربح كل من خام برنت والخام الأمريكي نحو 7 في المائة بفعل التفاؤل بلقاحات كورونا الجديدة التي من المتوقع أن تنهي الجائحة وتدعم تعافي الطلب على النفط الخام والوقود خلال الأشهر المقبلة.
كما يدعم المعنويات الإيجابية في السوق انطلاق الاجتماع الوزاري الموسع رقم 180 لدول "أوبك" الإثنين، يليه الاجتماع الوزاري لمجموعة "أوبك +" الثلاثاء، وسط توقعات قوية بأن المنتجين سيتخذون قرارا بتأجيل زيادة الإنتاج المقررة في العام المقبل والإبقاء على مستوى التخفيضات المرتفع الحالي الذي يقدر بـ7.7 مليون برميل يوميا لدعم تعافي الأسواق واستعادة التوازن.
وفي هذا الإطار، كلا العقدين مرتفع نحو 7 في المائة، على مدار الأسبوع بعد أنباء مشجعة عن لقاحات محتملة للوقاية من كوفيد - 19 من أسترا زينيكا وشركات أخرى. غير أنه بزغت تساؤلات بخصوص لقاح أسترا زينيكا، حيث أبدى عدة علماء تحفظات حيال نتائج التجارب.