في ذكرى مجرزة كفر قاسم صدور كتاب "الفلسطينيون في إسرائيل"

تاريخ النشر: 28 أكتوبر 2017 - 07:36 GMT
كتاب "الفلسطينيون في إسرائيل"
كتاب "الفلسطينيون في إسرائيل"

أصدر مدى الكرمل – المركز العربي للأبحاث الاجتماعيّة التطبيقيّة، كتاب "الفلسطينيون في إسرائيل-قراءات في التاريخ والسياسة والمجتمع" بجزأيه الأول والثاني بنسخة ورقية وبمجلد واحد باللغة العربية. يشمل الكتاب، الذي حرّره نديم روحانا وأريج صبّاغ-خوري، اثنا عشر مقالاً في الجزء الأول، وعشرين مقالاً في الجزء الثاني، لمجموعة من الأكاديميين، حول مواضيع مركزية تتعلق بالتاريخ والسياسة والمجتمع لدى الفلسطينيين في إسرائيل.


يركّز الكتاب بجزأيه على تشكّل الوعي السياسيّ والهُويّاتي والتغّيرات الاجتماعيّة الداخليّة عند الفلسطينيين ويتناول مداخل اختيرت بعناية من قبل المحررين، ومن قبل هيئة تحرير اقيمت خصيصا لهذا الغرض، بهدف المساهمة في تسليط الضوء على التجربة الجمعيّة التاريخية والسياسية لهذا الجزء من الشعب الفلسطيني. ويسعى الكتاب إلى المساهمة في تأريخ التجربة الفلسطينيّة في إسرائيل منذ بدء النكبة وإلى عرض تجربة الفلسطينيين من وجهة نظر نقديّة، وبسرديّة مختلفة عن السرديّة التي كتبت من المنظور الإسرائيلي المهيمن.


ملخص عن الكتاب:

يسعى هذا الكتاب إلى المساهمة في تأريخ التجربة الفلسطينيّة في إسرائيل بمنظور وخطاب مختلفين عن المنظور والخطاب الإسرائيليين السائدين. والمقصود أننا نسعى إلى عرض تجربة الفلسطينيين في إسرائيل من وجهة نظر نقدية، وبسردية مختلفة عن السرديّة القائمة التي كتبت – في المعتاد – من المنظور المهيمن.
سيرة مختصرة عن الكاتب:
نديم روحانا – مدير عام مدى المركل – المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية، واستاذ في كلية القانون والديبلوماسية في جامعة تافتس في بوسطن.
أريج صباغ-خوري: زميلة بحث في مدى الكرمل – المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية، وزميلة ما بعد الدكتوراه، مركز الدراسات الفلسطينية، جامعة كولومبيا.

مقدمة

في ساعات بعد ظهر الإثنين 29\10\1956، يوم بدأ العدوان الثلاثي على مصر، قرّرت قيادة الجيش الإسرائيليّ فرض حظر التجوّل على سكان كفر قاسم وقرى عربية أخرى مجاورة (مثل كفر برا وجلجولية والطيرة الطيبة وقلنسوة)، ابتداءً من الساعة الخامسة مساءً. وقد نُقلت أوامر حظر التجوّل من قائد المنطقة الوسطى، تسفي تسور، إلى الضباط الميدانيين ثم إلى وحدات من شرطة حرس الحدود وُضعت تحت تصرف الجيش لتنفيذ حظر التجوّل في تلك القرى.

وقد نقلت الأوامر بسرعة في ساعات بعد ظهر ذلك اليوم، ووصلت إلى علم المختار، وديع أحمد صرصور، في نحو الساعة الرابعة والنصف، أي قبل بدء سريان حظر التجوّل بنصف ساعة فقط. ولمّا أعلن المختار للضابط المسؤول أن مئات الأهالي يعملون خارج القرية وسيعودون بعد الساعة الخامسة، جرت طمأنته أن الجيش سوف يهتم بأمرهم.

كانت الأوامر التي صدرت من القائد الميداني للجيش، يسسخار شدمي، إلى الرائد شموئيل ملينكي –قائد كتيبة حرس الحدود- مشدّدة وحازمة بإطلاق النار على كل مَن يشاهَد خارج بيته في القرية بعد الساعة الخامسة، وإن كانوا من العائدين من عملهم دون معرفة بفرض حظر التجوّل. وبالفعل، قام جنود وضباط الوحدة المكلّفة بتنفيذ المهمّة في كفر قاسم، ومنذ الساعة الخامسة مساءً، بإيقاف أهالي القرية العائدين إلى بيوتهم عند مدخلها الغربي وأماكن أخرى، وأطلقوا عليهم النار بدم بارد، فكانت المجزرة.[1]

هكذا، خلال ساعة واحدة، ما بين الخامسة والسادسة من مساء ذلك اليوم، أطلقت النار على عشرات المواطنين العزّل وهم في طريق عودتهم إلى بيوتهم. وقام الملازم غبريئيل دهان بإبلاغ قيادته، تدريجياً، بعدد القتلى بقوله مثلاً: "15 عربيّا أقل"، للتعبير عن عدد القتلى. ولما صدرت أوامر القيادة بعد نحو ساعة من بدء المجزرة بوقف إطلاق النار على الأهالي، تبيّن أن حصيلة هذا العمل كانت 49 قتيلاً من الرجال والنساء والأطفال. أما أهالي كفر قاسم، ففرضت عليهم بعد عام ونيّف من المجزرة "صلحة" عبّرت عن استخفاف السلطات بالمواطنين العرب وأرواحهم. كذلك قُدّمت "تعويضات" هزيلة لأهالي القتلى أكّدت نهج تلك السلطات في تعاملها مع الفلسطينيّين.

تتميّز مجزرة كفر قاسم، عن غيرها من المذابح التي ارتكبتها إسرائيل ضدّ الفلسطينيّين، بأنّ ساحتها هي قرية وادعة في منطقة المثلّث الذي صار جزءًا من أراضي الدولة –حسب اتفاقية رودس مع الأردنّ في أعقاب حرب 1948. كما أن هذه المجزرة رغم وقوعها في الوقت نفسه الذي انضمّت فيه اسرائيل إلى العدوان الثلاثي على مصر، كانت ساحتها بعيدة عن جبهات القتال في قطاع غزّة وشبه جزيرة سيناء.

لقد أصدرت قيادة الجيش الإسرائيليّ أوامر حظر التجوّل المشدّدة على الأهالي، وسمحت لجنودها بإطلاق النار على من يكون منهم خارج البيوت، رغم عملها بوجود مئات منهم في أعمالهم، وبأنّهم سيعودون إلى منازلهم بعد الساعة الخامسة مساءً. هكذا جرى ترتيب مسرح الأحداث بشكل أصبح فيه وقوع المجزرة بأيدي عساكر حرس الحدود نتيجةَ طبيعيّة لتلك الأوامر والترتيبات. وتفاصيل ما جرى في هذه المجزرة معروفة وموثّقة، لا خلاف عليها بين العرب واليهود، على العكس من العديد من المذابح الأخرى (منذ دير ياسين في نيسان 1948، حتّى صبرا وشاتيلا في أيلول 1982، وجنين في أبريل 2002، وغيرها من المجازر). لذا، فإنّ هذا المقال –بنطاقه الضيّق- لا ينوي سرد تفاصيل الحدث ونتائجه المعروفة، بل سيخصّص صفحاته القليلة لموضعة هذه المجزرة في سياقها التاريخيّ، وإبراز خصوصيّتها ومغزاها وتداعياتها بالنسبة للفلسطينّيين داخل اسرائيل.

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن