2014: السنة التي اجتاز فيها بوتين الخط الاحمر

تاريخ النشر: 11 ديسمبر 2014 - 03:46 GMT
البوابة
البوابة

كان يوم 27 شباط الماضي اليوم الذي اجتاز فيه فلاديمير بوتين الخط الاحمر. ففي هذا اليوم اقتحمت مجموعة كوماندوس بامر منه برلمان شبه جزيرة القرم التي كانت تابعة لاوكرانيا والتى غير ضمها الى روسيا خارطة اوروبا وفتح عهدا من المواجهة الشاملة بين موسكو والغرب.

وحتى الان وبعد اكثر من عشرة اشهر من اعادة الحاق القرم بروسيا لم يعرف احد مدى عواقب قرار الرئيس الروسي.

عندما بدات الازمة الاوكرانية كان لفلاديمير بوتين بالفعل خبرة طويلة على راس الدولة الروسية مع 15 عاما في الحكم كرئيس (ثلاث ولايات) وكرئيس وزراء (مرتين) توالى عليه خلالها ثلاثة رؤساء اميركيين ومثل عددهم من الفرنسيين ومن رؤساء الوزراء البريطانيين.

حرب الشيشان والسيطرة على وسائل الاعلام المستقلة ووهن المعارضة الروسية اكسبته كلها سمعة الرئيس المستبد. لكنه في بلاده يعتبر رجل الاستقرار الاقتصادي الذي اسهم في ظهور طبقة وسطى بعد سنوات رئاسة بوريس يلتسين التي سادتها الفوضى. وهو ايضا صانع التجديد وسيد روسيا المرفوعة الراس بعد المهانة التي لحقت بها من سقوط الاتحاد السوفياتي.

حركة الاحتجاج المؤيدة لاوروبا في اوكرانيا وسقوط رئيسها الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش في شباط كانا اكثر مما يحتمله الرئيس الروسي الذي اتهم الغرب بالتدخل في المربع الروسي وحلف شمال الاطلسي بالتقدم الى ابواب روسيا.

بوتين لم ينتظر طويلا للرد على هذا الامر حيث اقدم على اعادة ضم شبه جزير القرم من خلال استفتاء على تقرير المصير تحول الى مبايعة له ثم تقديم الدعم العسكري للانفصاليين في شرق اوكرانيا كما تتهمه بذلك كييف والدول الغربية.

هكذا تجسد سوء التفاهم بين روسيا والغرب بوضوح. ففي حين ترى موسكو ان ضم شبه جزيرة القرم ليس سوى عودة طبيعية لهذه الاراضي "المقدسة" او "القدس الروسية" الى احضان الوطن ترى العواصم الاوروبية ان الرئيس الروسي اعاد بضربة قلم رسم خريطة اوروبا واستولى على اراض في تصرف لم يقدم عليه احد في القارة القديمة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

وفي الوقت الذي ينتقده فيه القادة الغربيون الذين يتهمونه ب"العدوان" على بلد اوروبي وتذهب الصحف الشعبية الاوروبية الى حد وصفه بهتلر الجديد بلغت شعبية بوتين اوجها في روسيا حيث تحول وهو في الثانية والستين الى بطل حقيقي لا سيما في نظر المناهضين للحلف الاطلسي ول"الزعامة الاميركية" للعالم والنظام الليبرالي الغربي.

هذه الرغبة في القوة لدى الرئيس الروسي اعادت الى الظهور كلمة كانت اختفت عام 1991 مع انهيار الاتحاد الاوروبي: "الحرب الباردة".

فمع عودة تحليق القاذفات الاستراتيجية بالقرب من دول اوروبية وانتشار السفن الحربية في تدريبات بحرية تثير قلق جنرالات الحلف الاطلسي الى عادت الى الاذهان صور من الماضي. الا ان الرئيس الروسي لا يرى في هذه التحركات سوى عودة الامور الى نصابها الصحيح فهو يرى ان الغربيين لم يحترموا ابدا وعودهم بعدم توسيع الحلف الاطلسي الى ابواب روسيا متساءلا: من الذين يهدد من؟.

منذ ذلك الحين والتساؤلات لا تتوقف: ماذا يريد بوتين؟ الى اي مدى ينوي الذهاب؟.

المحللة المستقلة ماريا ليبمان، المعارضة بشدة لبوتين، تقول "انه يعتبر نفسه زعيما ابديا مكلفا برسالة: انقاذ روسيا من الغرب. فهو يستشهد دائما باحداث لتاريخ ويسعى الى وضع نفسه بين القادة الذين انقذوا روسيا من الاخطار".

قنسطنطين كالاتشيف مدير مركز الابحاث السياسية يرى ان فلاديمير بوتين "يفكر فيما سيكتب عنه في كتب التاريخ".

واعتبر انه "بعد 50 عاما او مئة عام لن يتحدث المؤرخون عن سعر الروبل وانما عن اعادة ضم القرم والمواجهة مع الولايات المتحدة".

الخبراء يرون ان الازمة الاوكرانية اظهرت جليا ان فلاديمير بوتين لا يريد سوى امرا واحدا: الاحترام والمساواة في التعامل مع الولايات المتحدة.

ما المتوقع الان من روسيا؟ استمرار سياسة استعادة السلطة، وتغيير اولويات الطاقة من اوروبا الى اسيا وتفعيل العلاقات مع دول اميركا الجنوبية والشرق الاوسط، كما اعلن الرئيس مؤخرا، والاستمرار في دعم نظام الرئيس السوري بشار الاسد مع ضمان دور لا يمكن الالتفاف عليه في المفاوضات بشان الملف النووي الايراني.

والمواجهة مع الغرب؟ يرى كالاتشيف ان بوتين "يراهن على ان اعصاب الاوروبيين ليست بقوة اعصابه هو".

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن