من هو محبوب العلويين في سوريا؟

تاريخ النشر: 07 ديسمبر 2014 - 09:17 GMT
البوابة
البوابة

إنه الرجل الّذي يصعد داخل الجهاز الأمني السوري، عُرف بشاربه البعثي الخفيف وقبعته العسكرية المائلة على جبينه، العقيد سهيل الحسن ـ المعروف باسم “النمر” هو المهندس الرئيس للاستراتيجية الّتي أطقتها دمشق في ربيع 2013 ضدّ التمرّد.

في رصيده يظهر رفع الحصار عن الأحياء الموالية في حلب واستعادة السيطرة على القرن في الشمال الشرقي للمدينة وبداية التطويق الممكن لمحاصرة الأحياء الشرقية الّتي يسيطر عليها المتمرّدون. في شهر تشرين الاول  - أكتوبر، بعد أن تمّ تخريبها من خلال البراميل المتفجرة، استعادت قوّاته السيطرة على مدينة مورك في ريف حماة الّتي يمكن للقوّات الحكومية استخدامها كمنصة لإطلاق الصواريخ نحو ريف إدلب.

هذه الأعمال العسكرية منحت سهيل الحسن هالة منقطعة النظير داخل الأوساط الموالية. عشرات الصفحات على فايسبوك أنشئت لتمجيده ويتابعها عشرات الآلاف من الأشخاص. ويتمّ الاحتفاء بالعسكري كـ “رجل المرحلة” و”رمز النصر” أو أيضًا “بطل من زماننا”.

مكافح النيران في دمشق

فريدة من نوعها تمامًا في ظل أوتوقراطية مثل نظام الأسد، هذه العبادة المستشرية لديها دلالة كبيرة حول الاضطرابات في السلطة السورية. “إنهّا متلازمة سمير جعجع ـ يعتقد المحللّ السوري جهاد يزجي في إشارة إلى زعيم سابق لميليشيا لبناني تحوّل إلى السياسة ـ الحسن سيطالب أيضًا بما له عند نهاية الصراع، ولكن عليه ألّا ينسى أنّ في النظام السوري الشخصية الوحيدة الّتي يمكن تأليهها هي الرئيس”.

العقيد ـ من المرجّح أنه في الخمسين من عمره ـ لديه ورقتان رابحتان في اللعبة: مركزه داخل مخابرات جيش الطيران، الجهة الأمنية الأقوى في البلاد وانتماؤه إلى الأقليّة العلوية الّتي تنتمي إليها عائلة الأسد وكل نومنكلاتورا النظام. عسكرة الانتفاض السورية في 2012 فتحت الطريق أمامه. “القوّات البريّة كانت أمام تحدّ إمّا التكيّف أو الموت ـ حسب أرام نرغيزيان الخبير في الشؤون العسكرية في الشرق الأوسط ـ. الوحدات الكبرى تمّ تقسيمها إلى وحدات أصغر وأكثر تفاعلية. وتمّ تهميش القادة غير الأكفّاء أو كبار السنّ مما سمح للعساكر الأقلّ خبرة الحصول على مسؤوليات أكبر”.

المدمن للعمل الميداني، ظهر “النمر” شيئًا فشيئًا كمكافح النيران الطائر في دمشق. على الحجم يعرف كيف يعوّل على الدعم رفيع المستوى. “عندما يطلب قصفا جويا، يحصل عليه دائمًا”، يشهد محمد عبود، المنشق الّذي أصبح زعيمًا لمجموعة من المتمرّدين. طريقة الحسن تعمل في زمنين: قصف بساطي من خلال القنابل والصواريخ بداية ثمّ التطهير بيتًا بيتًا، تكتيك الأرض المحروقة يطبقه بحماس استثنائي. “إنه من بين العساكر الذين أطلقوا النار على المتظاهرين غير المسلحين في 2011، رغم أنّ التعليمات الرسمية دعت إلى تهدئة الوضع”، يتّهمه محمد عبّود.

كان من المنطقي أن يجبره النظام السوري على عدم الظهور لحمايته من الثوّار ولتهريبه من فضول المنظمات غير الحكومية الدولية الّتي تحقّق في جرائم الحرب المرتكبة في سوريا، ولكن في الربيع، تمّ رفع أوّل فيديو لـ “النمر” على الإنترنت، وقد تمّ تصويره من قبل سما تي في، قناة تابعة للنظام، ظهر فيها بصدد زيارة قواته على جبهة حلب. في صلابة مسرحية، استمتع لأحد رجاله يلقي قصيدة على شرفه قبل أن معانقته.

الرجل المناسب

المشهد فتح الباب على مصرعيه لـ “الهوس بالنمر”. متعبين من إرسال أبنائهم للقتال في صراع لا يرون له نهاية ومرعبين من صعود الدولة الإسلامية، رأى العلويون في العقيد الحسن الرجل المناسب. “إنّه ذكاء من قبل النظام ـ يرى فارس بيوش، عسكري سابق التحق بالثورة ـ لا يمكن أن نحارب من غير صورة البطل الّذي يشدّ من العزائم. أحد أسباب فشلنا هو عدم قدرتنا على إظهار شخصية جامعة. وعند ظهور شخص من هذا النوع، يتمّ تشويهه من خلال إشاعات الفساد”.

ولكن العديد من المؤشرات تؤكّد على أنّ الإعجاب الشديد بأصحاب الرتب العليا لا يروق تمامًا للنظام. في أواخر شهر أغسطس، اعتقلت المخابرات محاميا مواليا للنظام، مضر حسان. على تويتر، طالب السلطات بالكشف عن اختفاء مئات الجنود في المعارك مع الدولة الإسلامية كما ناضل أيضًا من أجل تعويض وزير الدفاع الحل بـ “محبوب العلويين”. في الآن نفسه، تمّ إنشاء صفحة على الفايسبوك تدعو إلى “تتويجه كرئيس للجمهورية السورية”. وهناك إشاعات لم يتأكّد من صحتها، تنتشر عبر الصحافة العربية، تؤكّد أنه مرشح الروس والإيرانيين في حالة الانتقال السياسي.

العديد من العناصر قد تعجّل بسقوطه، حيث إنّ نظام الأسد في الواقع لا يتسامح لا مع الصاعدين ولا مع الطموحين، خاصة إذا ما تفّقوا عليها: الجنرال علي دوبا، بارون نظام حافظ الأسد والد بشار تمّ إجباره على التقاعد سنة 2000 وغازي كنعان القنصل السوري في لبنان والعالم بعدد من الأسرار الضخمة من المرجّح أنّه قد “انتحر” في 2005. “أنتظر أن يعاد التاريخ ـ يقول فارس بيوش ـ سهيل سيكمل المهمّة القذرة ويتمّ التخلّص منه بعد ذلك”.

* عن "لوموند" الفرنسية.