انتقد الرئيس المصري حسني مبارك مبادرة الشرق الاوسط الكبير الامريكية وشدد على رفضه أي محاولة خارجية تهدف لادخال اصلاحات ديمقراطية في مصر.
ونقل مراسلون رافقوا الرئيس المصري بطائرته في رحلة العودة من الرياض قوله "ان من يتصور أنه من الممكن فرض حلول أو اصلاحات من الخارج على أى مجتمع أو منطقة فهو واهم. الشعوب ترفض بطبيعتها كل من يحاول اخضاعها أو فرض أفكار عليها."
وكانت مصر والسعودية قد قالتا يوم الثلاثاء في بيان مشترك ان العالم العربي الذي يواجه ضغوطا أمريكية لنشر الديمقراطية يطبق عملية اصلاحات خاصة به وسيرفض أي تغيير يفرض عليه من الخارج.
ويدعو الرئيس الامريكي جورج بوش لمبادرة الشرق الاوسط الكبير التي تستهدف تعزيز المجتمع المدني والاصلاح السياسي في المنطقة. ومن المقرر اعلان المبادرة رسميا في يونيو حزيران لكن مسؤولين أمريكيين لمحوا بالفعل الى أن واشنطن قد تكافيء الدول التي توصف بأنها اصلاحية بدعم دولي أكبر. وتقول حكومات عربية ان أحدا لم يستشرها في المبادرة وانه لا توجد سلسلة اجراءات اصلاحية موحدة تناسب منطقة بمثل تنوع الشرق الاوسط.
ونقلت وكالة انباء الشرق الاوسط عن مبارك قوله "نسمع هذا وكأن المنطقة ودولها ليس بها شعوب أو مجتمعات أو أن أراضيها فاقدة السيادة وليس لها صاحب. "وكنت أود أن أقول ان مثل هذه الافكار والتصريحات لا يصح التوقف عندها أو التعليق عليها ولكن لا بد من أن تتصدى المجتمعات وأصحاب الرأي والفكر فى دولنا لمثل هذه الافكار أو الاوهام وأن ترد عليها بشكل علمي ومعمق حتى لا نترك الفرصة لانطباعات خاطئة أو أوهام بأن الشعوب قابلة لها."
موضحاً أن "لكل شعب ومجتمع ظروفه وقيمه ودرجة نموه وتقاليده وجذوره فضلا عن تركيبته النفسية"، ومعرباً عن قناعته الكاملة بأن "الإصلاح بشكله الشامل ضرورة وحتمية شريطة أن يكون برنامج الاصلاح وبنوده نابعا من الداخل ووفق حاجة الشعوب وقناعاتها, وعلى أن تتم عملية الاصلاح بجرعات مناسبة يتحملها المجتمع ويقبلها والا كانت الفوضى وعدم الاستقرار"، وتابع في هذا السياق قائلاً إن "الدول العربية عازمة وبكل التصميم على اصلاح الجامعة العربية وتطويرها ووضع الآليات اللازمة لتفعيل العمل العربي المشترك".
وقال الرئيس المصري "اننا نسمع كثيرا من خلال طرح مثل هذه الافكار والمبادرات عن رغبة من يتقدمون بها في تحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة وأنا أقول لهم ان المدخل للسلام والاستقرار هو اقامة العدل واسترداد الشعوب لحقوقها وليس أبدا طرح مبادرات غير جادة."
وحذر مبارك من عواقب تماثل العنف الدموي الموجود في العراق اذا ما أطيح بأي نظام اخر في المنطقة بدعوى الاصلاح. وقال "اننا جميعا ندرك ضرورة الاصلاح وأهميته شريطة أن ينبع من داخلنا... ولقد بدأنا الاصلاح بالفعل وبالجرعات التي تتقبلها شعوبنا وتتحملها حتى لا ندفعها نحو الفوضى. والمثل فى العراق واضح."
وأشار مبارك الى أنه سبق أن حذر من "خطورة الاندفاع" قبل الحرب على العراق وقال "كنت صريحا للغاية حيث وصفت أيام ما بعد الحرب بالنسبة لهم بأنها ستكون أياما سوداء."
وكشف الرئيس المصري عن مشروع مشترك من المقرر أن تتقدم به كل من مصر والمملكة العربية السعودية وسورية إلى القمة العربية القادمة المقرر عقدها في تونس حول اصلاح الجامعة العربية، موضحاً أنه كلف وزير خارجيته أحمد ماهر بطرح هذا المشروع المشترك على مجلس وزراء خارجية الدول العربية المقرر أن يلتئم في القاهرة لمناقشته تمهيدا لعرضه على القمة العربية.
وأعرب عن اعتقاده بأن "المشروع يراعي تماما مصالح الامة العربية مجتمعة، واضعا في الاعتبار ظروف ومصالح كل دولة عربية على حدة، وقد ركزنا في هذا المشروع على
ضرورة ان يكون العمل العربي نابعا من نظام مؤسسي وليس عاطفياً، وبالتالي لايتأثر العمل العربي المشترك بأي اوضاع عابرة".
وتناول الرئيس المصري بالتفصيل أبرز ملامح المشروع المذكور قائلاً: "سياسيا .. يركز المشروع على ضرورة ان تكون هناك رؤية مشتركة بالنسبة للمخاطر الخارجية، وان يكون هناك موقف عربي موحد لمواجهة محاولات الفرض من الخارج.
واقتصادياً، لا بد وان تكون هناك روابط اقتصادية قوية بين الدول العربية تحقق المصالح المشتركة من خلال المشروعات المشتركة والاستثمارات المشتركة والتجارة البينية المتعاظمة خدمة للجميع، والسعي بقوة لاقامة السوق العربية المشتركة.
وأكد الرئيس مبارك على ضرورة "العمل من ان يكون للعرب برلمان عربي مشترك، ومحكمة عدل عربية، على ان تنفذ هذه المشروعات بعد المزيد من البحث والدراسة حسب ظروف كل دولة"، موضحاً أن "العمود الفقري لاصلاح الجامعة العربية يكمن في تعديل النظام الاساسي".—(البوابة)—(مصادر متعددة)