تنهي الاطراف المحلية والاقليمية والدولية المشاركة بمؤتمر بغداد استعداداتها الأخيرة لعقد المؤتمر وقالت واشنطن انها ستتحدى ايران سوريا خلاله. فيما نفت الحكومة العراقية اعتقال ابو عمر البغدادي امير دولة العراق الاسلامية.
مؤتمر بغداد
حث زعماء الشيعة الذين يحكمون العراق جيرانهم والقوى الغربية يوم الجمعة على التكاتف لمنع انزلاق العراق الى حرب أهلية شاملة قد يتسع نطاقها لتشمل المنطقة.
وقال عبد العزيز الحكيم أحد أقوى زعماء العراق أمام عشرات الألوف من الزوار الشيعة في مدينة كربلاء عشية مؤتمر غير مسبوق ببغداد إن المؤتمر يجب ان يدعم التحول الى حكومة منتخبة.
وقال الحكيم أمام عشرات الألوف من الزوار الشيعة في مدينة كربلاء إن العمل على استقرار العراق " وتحقيق الامن فيه سينعكس ايجابيا على الامن والسلام الاقليمي والعالمي."
وقال الحكيم إن جميع الدول المشاركة في هذا المؤتمر مدعوة "الى التحلي بالروح الايجابية الرامية الى تعزيز الانجازات الكبيرة التي تحققت بتضحيات العراقيين" في السنوات الاربع الماضية.
واشنطن تتحدى سوريا وايران
وقبيل انعقاد المؤتمر، أعلن مسؤول اميركي رفيع ان الولايات المتحدة تنوي مواجهة ايران وسوريا مباشرة خلال المؤتمر بالاتهامات بانهما تنشطان في تصعيد العنف في العراق.
وقال ديفيد ساترفيلد مستشار وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس الخاص لشؤون العراق والذي سيشارك في المؤتمر الخميس ان الوفد الاميركي سيضغط على دمشق وطهران للرد علنا على الاتهامات في المؤتمر الذي دعا اليه العراق وتحضره الدول المجاورة له والدول الدائمة العضوية في الامم المتحدة.
وهذه اول اشارة تصدر عن مسؤولين اميركيين حول استعدادهم لاجراء محادثات ثنائية مباشرة مع الايرانيين والسوريين وهو ما كان من المحظورات الدبلوماسية حتى الآن في فترة رئاسة جورج بوش.
وقال ساترفيلد "اذا اتصل بنا السوريون او الايرانيون (على هامش المؤتمر) لبحث مسألة متعلقة بالعراق حول كيفية الوصول الى عراق آمن وديموقراطي فلن نرفض ذلك".
وتأمل واشنطن في ان تمارس خلال المؤتمر الضغوط على سوريا وايران لوقف اذكاء العنف في العراق.
واضاف ساترفيلد الذي سيشارك السفير الاميركي في بغداد زلماي خليل زاد في المؤتمر ان سوريا وايران "ستجدان نفسيهما مضطرتان الى الرد (على الاتهامات) ليس في لقاء ثنائي بل امام مؤتمر متعدد الاطراف يكون العراق محوره".
واضاف ساترفيلد خلال مؤتمر صحافي ان كل بلد سيقدم عرضا خلال هذا المؤتمر والولايات المتحدة ستستخدم الوقت المخصص لها لتحميل سوريا جزء من المسؤولية عن اسوأ اعمال العنف التي وقعت في الاسابيع الاخيرة وذلك عبر سماحها ل"عناصر جهادية" بعبور حدودها الى العراق.
واكد ان "الغالبية الكبرى من التفجيرات ما تشاهدونه كل يوم على التلفزيون يرتكبها اجانب وغالبية هؤلاء الاجانب يواصلون دخول العراق عبر الحدود السورية" مشددا "على ضرورة التحرك".
كما اتهم دمشق بغض النظر عن نشاطات المساعدين السابقين للرئيس العراقي الراحل صدام حسين الذين يلعبون "دورا كبيرا في تمويل وتوجيه التمرد" من منفاهم في سوريا.
وقال ساترفيلد ان من بين اهداف التفجيرات الاخيرة التي اسفرت عن مقتل العشرات بما فيها التفجيرات التي استهدفت طلاب الجامعات والحجاج الشيعة في بغداد عرقلة مؤتمر السبت "ونسف اية فرصة للمصالحة" داخل العراق او مع جارات العراق.
اما بالنسبة لايران فقال ساترفيلد ان واشنطن ستكرر خلال المؤتمر اتهاماتها للجمهورية الاسلامية بتزويد المليشيات الشيعية التي تشن هجمات على القوات الاميركية بالمواد والتدريب خاصة باستخدام القنابل المتطورة المخترقة للمدرعات التي تقول واشنطن ان الايرانيين هم الذين صمموها.
وفسر الكثيرون المؤتمر النادر الذي يجمع بين مسؤولين من الولايات المتحدة وسوريا وايران وجها لوجه بانه تغير كبير في سياسة واشنطن التي لطالما رفضت التعامل مباشرة مع الحكومتين منذ تولي بوش الرئاسة. غير ان احدا لا يعول على المؤتمر كثيرا في تحقيق نتائج مباشرة تضع حدا للعنف الدائر في العراق.
وفيما ترك ساترفيلد الباب مفتوحا لاتصالات ثنائية مباشرة مع الدولتين الخصمين على هامش المؤتمر الا انه رفض مرارا التصريح بما اذا كان الاميركيون سيسعون بشكل نشط لاجراء تلك المحادثات وقال ان الامر يعتمد على الاطراف الاخرى.
واوضح "سنرى كيف سيسير هذا المؤتمر (...) وما سيختار الايرانيون والسوريون فعله هو جزء من ذلك". ووصف ساترفيلد اجتماع السبت بانه مناقشات تمهد للمؤتمر الذي سيعقد على مستوى وزراء الدول المجاورة للعراق في نيسان/ابريل الذي من المقرر ان تحضره وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس وتم توسيعه ليضم مجموعة الدول الصناعية الثمانية الكبرى.
ويخشى جيران العراق السنة وفي مقدمتهم السعودية من أن يتحول العنف الطائفي الى حرب أهلية شاملة مفجرا زلزالا سياسيا يتجاوز حدود العراق.
وتتهم الولايات المتحدة سوريا وايران بدعم الجماعات المسلحة وهو ما تفيه الدولتان. وقال بوش يوم الجمعة إن الرسالة الاميركية الموجهة لهما ستكون واضحة في مؤتمر بغداد.
واضاف "رسالتنا للسوريين والايرانيين لن تتغير خلال ذلك الاجتماع..نتوقع منكم (سوريا وايران) مساعدة هذه الديمقراطية الشابة."
ومضى يقول إن الولايات المتحدة "ستدافع عن نفسها وعن شعب العراق من الاسلحة التي يتم نقلها لايذائهم."
وأعربت الدول العربية السنية عن قلقها ازاء تزايد نفوذ ايران الشيعية في العراق في حين تقول تركيا انها ستعارض انفصال اقليم كردستان العراقي الذي يحظى بالحكم الذاتي خشية أن يشجع ذلك النزعة الانفصالية لدى سكانها من الاكراد.
وقام المالكي يوم الجمعة بجولة نادرة في شوارع بغداد حيث زار جنودا يحرسون نقاط التفتيش التي أقيمت بموجب خطة أمنية تدعمها الولايات المتحدة منذ ثلاثة أسابيع لتطهير العاصمة التي يشوبها العنف من المسلحين السنة والميليشيات الشيعية.
وقال المالكي للصحفيين في محطة للطاقة في حي الدورة بجنوب بغداد ان هذا المؤتمر علامة باتجاه تحقيق الاستقرار في الموقف السياسي وتعزيز العملية السياسية التي بناها العراقيون "بجهدهم ودمائهم".
وأضاف المالكي أنه تم تشديد الاجراءات الامنية في بغداد قبيل المؤتمر الذي يعقد بمبنى وزارة الخارجية المجاور للمنطقة الخضراء شديدة التحصين.
نفي اعتقال البغداد
وفي الغضون، قال مسؤولون عراقيون انه تبين أن الزعيم البارز لجماعة على صلة بتنظيم القاعدة الذي اعتقل يوم الجمعة واعتقد في بادئ الامر أنه أبو عمر البغدادي ليس في حقيقة الامر زعيم جماعة دولة العراق الاسلامية.
وكانت جماعة دولة العراق الاسلامية التي أسسها تنظيم القاعدة في العراق وبعض الجماعات السنية المتشددة الاخرى في تشرين الاول/ أكتوبر أعلنت مسؤوليتها عن سلسلة من الهجمات الكبيرة.
وقال قاسم الموسوي المتحدث باسم الجيش العراقي ان الشخص المعتقل عضو بارز في تنظيم القاعدة وانهم كانوا يشتبهون في أنه أبو عمر البغدادي ولكن بعد التحقيقات الاولية ثبت أنه ليس البغدادي ولكنه زعيم كبير في القاعدة.
وقالت قناة العراقية التلفزيونية ان الرجل اعتقل يوم الجمعة في منطقة أبو غريب بالضواحي الغربية لبغداد.
وسيجتمع مسؤولون أمريكيون مع نظرائهم الايرانيين والسوريين يوم السبت في مؤتمر يعقد في بغداد بهدف وقف القتال الطائفي في العراق قبل أن يمتد الصراع في شتى أنحاء المنطقة الغنية بالنفط. ودعا العراق لعقد المؤتمر.
ويجمع المؤتمر الذي يستمر يوما واحدا مسؤولين من جيران العراق والاعضاء الدائمين بمجلس الامن وهم الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا ودول عربية. وبصفة عامة سيكون هناك 16 مندوبا في الاجتماع.
ولكن من المرجح أن يتركز الاهتمام على جلوس الولايات المتحدة مع سوريا وايران اللتين تتهمهما واشنطن بتأجيج العنف في العراق من خلال دعم سواء المسلحين السنة أو الميليشيات الشيعية. وتنفي ايران وسوريا هذه الاتهامات.