قضايا الدين والفيدرالية والمرأة تعرقل صياغة الدستور العراقي المؤقت

تاريخ النشر: 29 فبراير 2004 - 02:00 GMT
البوابة
البوابة

فشل مجلس الحكم الانتقالي في العراق في التوصل الى صياغة الدستور المؤقت وتمركزت الخلافات حول دور الدين الاسلامي ومكانته في التشريع ومطالب الاكراد بالفيدارلية وضم مناطق جديدة الى مدنهم وكان لقرار المجلس الغاء المادة 137 اثرا في تأجج الخلافات بين الاعضاء حول موقع المرأة. 

وكان على مجلس الحكم ان يوافق بحلول السبت (اممس) على دستور مؤقت للعراق طبقا لخطة أميركية تقضي بنقل السلطة للعراقيين بحلول يوم 30 حزيران/يونيو.  

وامضى اعضاء مجلس الحكم طيلة يوم امس السبت في اجتماعات مكثفة شارك في جانب منها الحاكم المدني الاميركي بول بريمر في محاولة للتغلب على الخلافات.  

وقال جاريد يانغ الناطق باسم سلطة التحالف ان المداولات ستستمر على "الارجح طوال الليل" موضحا ان مسألتي الاسلام والمرأة تشكلان المفصلين الاساسيين للنقاش. 

وأضاف ان اعضاء المجلس "لا يزالون متفائلين (...) وكما يحصل في كل ديموقراطية، فان التوصل الى اتفاق مهم قد يلزمه وقت طويل وعمل شاق".  

ورأى "انها وثيقة تاريخية مهمة ليس فقط بالنسبة الى العراق وانما للمنطقة باسرها (...)، واعتقد ان ارضاء النص ممثلي العراقيين امر اكثر اهمية من صياغته في وقت محدد".  

وأكد ان "محتويات الوثيقة اكثر اهمية من تاريخها".  

وأكد محمود عثمان، وهو كردي سني مستقل في مجلس الحكم، ان العديد من القضايا باقية تنتظر الحل وان المناقشات ساخنة.  

وقال انه يؤيد تجاوز المهلة اذا كان هذا يعني انه سيكون في الامكان التوصل الى اتفاق بدلا من ان يعلن المجلس التوصل الى اتفاق من ناحية المبدأ وترك بعض القضايا الى وقت لاحق، مثلما اقترح بعض اعضاء المجلس.  

ولفت الى أن "هذا قانون وليس بيانا سياسيا. القانون ينبغي ان يعلَن عندما تجري تسوية جميع القضايا وعندما تصبح الوثيقة مكتملة ومكتوبة بطريقة ليس فيها اخطاء". 

وتركزت احدى قضايا الخلاف الرئيسة في الانقسام حول مطالبة الاكراد بالفيديرالية وتوسيع نطاق الحكم الذاتي بضم مدينة كركوك الغنية بالنفط ورفضهم حل قوات "البشمركة". كما أصروا على حقهم بالتصرف بالثروات الطبيعية (النفط) بالاتفاق مع الحكومة المركزية. 

وكشف حامد البياتي مستشار المجلس الاعلى للثورة الاسلامية (شيعة) ان بعض اعضاء المجلس الشيعة اعتبروا انه يجب ان يطبق على جميع العراقيين ما سيطبق على الاكراد. وأضاف: "قلنا ان باقي الشعب العراقي ينبغي ان ينال الحقوق نفسها وان يطبق في الغرب وفي الجنوب ما سيطبق في الشمال". 

الاسلام والمرأة 

وكانت قضية الاسلام ودوره كمصدر تشريع اضافة الى موقع المرأة نقطة خلاف رئيسية اخرى ادت الى توتر شديد خلال النقاشات وكشف اعضاء في المجلس ان بعض المشاركين الشيعة تركوا طاولة المفاوضات الجمعة بعد الغاء مرسوم مجلس الحكم السابق رقم 137 الذي يقضي بتطبيق احكام الشريعة في قضايا الطلاق والميراث وقضايا الاحوال الشخصية الاخرى.  

وقال البياتي انه "كان من المقرر ان يخصص الاجتماع للبحث في القانون الانتقالي ولكن الرئاسة طرحت قضية المرسوم 137 واستقدمت بعض النساء للتأثير في نتيجة التصويت". ولكن عضو المجلس الشيعية رجا الخزاعي اعتبرت ان "الهدف كان تأكيد حقوق المرأة في القانون الانتقالي".  

قلق سني 

وفي موازاة ذلك، يعرب سُنّة العراق عن مخاوفهم من سعي الشيعة الذين يشكلون غالبية السكان للسيطرة على البلاد بعد عقود من القمع في عهد الرئيس السابق صدام حسين. وفي هذا الاطار، يضغط "المجلس الاعلى للثورة الاسلامية" من اجل ان تكون الرئاسة من نصيب الشيعة. ورفض المجلس اقتراحا ان تكون الرئاسة مداورة بين الشيعة والسنة والاكراد. وقال البياتي ان الرئاسة ينبغي ان تكون للشيعة مع نائبين للرئيس سني وكردي او ان تكون الرئاسة مداورة بين اعضاء هيئة خماسية تضم ثلاثة شيعة وكردياً واحداً وسنياً واحداً.  

واعتبر عثمان ان الاعضاء الشيعة يوظفون علاقاتهم بالمرجع الشيعي آية الله علي السيستاني للضغط من اجل تحقيق مطالبهم قائلين انها تحظى بدعم الاخير. وقال "اعتقد ان هذا يجعل الامور اكثر تعقيدا".  

ويوجه إرجاء اقرار القانون الانتقالي ضربة اخرى الى خطط اميركية لتسليم السيادة الى العراقيين الذين تقول واشنطن انهم لا يمكنهم اجراء انتخابات صحيحة قبل تسلم السلطة في منتصف العام. ويقول بعض اعضاء مجلس الحكم ومسؤولون اميركيون ان اسرع وسيلة لانجاز القانون قد تكون الاتفاق على الاختلاف الان على التفاصيل على ان يتوصل الاطراف الى تسوية لها عند صوغ الدستور الدائم الذي من المقرر اعداده بعد الانتخابات 

وسينظر الى تأجيل إقرار الدستور المؤقت على انه أول نكسة للخطط الاميركية المتعلقة بتسليم السيادة للعراقيين بعد ان استبعدت واشنطن والامم المتحدة امكانية اجراء انتخابات ملائمة قبل موعد 30 حزيران/يونيو لنقل السلطة.  

وقالت واشنطن التي ترغب في تجنب اي تأخير للموعد المقرر لانهاء احتلال العراق بشكل رسمي بسبب اقتراب موعد انتخابات الرئاسة الاميركية في 2004 انها تود التفاوض على تفاصيل عملية تسليم السلطة وليس على الموعد.  

مقتدى الصدر 

ومن جهته، جدد الزعيم الشيعي مقتدى الصدر الجمعة تهديداته باعلان "العصيان" اذا ما اصر الحاكم المدني في العراق بول بريمر على موقفه في ان يكون الاسلام احد مصادر التشريع في العراق.  

وقال الصدر في خطبة الجمعة امام مئات المصلين في مسجد الكوفة ان "امريكا لم تأت الا للاضرار بالاسلام ، لكن انتم ايها المحتلون لن تستطيعوا محو الاسلام". 

واضاف "ادعو المؤمنين الى ان يكونوا على اهبة الاستعداد متى تأتي اوامر الحوزة (اعلى مرجعية دينية في العراق) بالتصدي للاحتلال".  

وتابع الصدر "اطلب من مجلس الحكم (الانتقالي) ان يعلن العصيان ضد القرار واطلب من بريمر شخصيا التراجع عما صرح به ضد الاسلام".  

في كركوك، تظاهر حوالى ألفين من "جيش المهدي" الذي يتزعمه مقتدى الصدر، في استعراض للقوة في هذه المدينة التي تشهد توتراً بين العرب والأكراد. 

وقال ممثل الصدر عبدالفتاح الموسوي ان "الهدف من استعراض 18 وحدة من 1750 شخصاً بينهم 180 امرأة هو تعزيز الوحدة بين المسلمين والعراقيين غير المسلمين. وأضاف ان "كركوك لجميع سكانها وليست لمجموعة معينة". 

واستغرق العرض حوالى الساعتين، وشارك فيه فضلاً عن شيعة كركوك وشيعة المناطق المجاورة, رافعين أعلاماً عراقية وصوراً لمقتدى ووالده محمد صادق الصدر الذي اغتيل عام 1999. 

وقال جلال جوهر مسؤول الاتحاد الوطني الكردستاني في كركوك "لا نعارض هذه التظاهرة، فهذا جزء من الديموقراطية في العراق الجديد, لكن هذا النوع من التظاهر يجب أن يبقى سلمياً". واعتبر ان "الهدف من استعراض الجنود هو اظهار قوة أنصار الصدر وتأكيد وجودهم". 

وتشهد كركوك توتراً بين الأكراد الذين يريدون الحاقها بمنطقتهم والعرب والتركمان الذين يعارضون ذلك. 

الامم المتحدة تنتظر الرد  

وياتي وصل الانتقالي إلى طريق مسدود حول الدستور فيما أعلنت الأمم المتحدة أنها لم تتلق حتى الآن ردا عراقيا على تقريرها الذي استبعد إجراء انتخابات قبل موعد تسليم السلطة للعراقيين نهاية حزيران/يونيو المقبل.  

وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فريد إيكهارد إن المنظمة الدولية مازالت تنتظر هذا الرد لمعرفة ما إذا كان العراقيون يقبلون توصيات موفدها الأخضر الإبراهيمي بشأن الانتخابات أم لا.  

وأوضح إيكهارد أن العراقيين يجب أن يتشاورا مع سلطة الاحتلال للبدء بتنظيم الانتخابات فورا، مذكرا بأن التقرير يعتبر أنه بالإمكان إجراء انتخابات قبل نهاية العام إذا بدأت التحضيرات لها الآن.-(البوابة)-(مصادر متعددة)