''فضيحة المنح النفطية'' تتفاعل: مجلس الحكم العراقي يطالب بالتحقيق ومتهمون ينفون

تاريخ النشر: 28 يناير 2004 - 02:00 GMT
البوابة
البوابة

ما وصفته الصحف العراقية بـ"فضيحة المنح النفطية" للمؤيدين لنظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين بدأت تتفاعل على اكثر من صعيد: مجلس الحكم اكد المعلومات وطالب بالتحقيق وشخصيات متهمة نفت الامر برمته واعتبرته تسويغا للاحتلال. 

مجلس الحكم يتهم 

أعلن مسؤولون عراقيون أمس إن السلطات العراقية تنوي التحقيق في معلومات عن أن عشرات المسؤولين ورجال الاعمال حول العالم حصلوا بطريقة غير قانونية على براميل نفط في مقابل مساندة الرئيس العراقي السابق صدام حسين. 

وكانت صحيفة "المدى " العراقية المستقلة نشرت الاحد قائمة قالت إنها استندت الى وثائق وزارة النفط، بأسماء نحو 200 شخص وشركة ومنظمة داخل العراق وخارجه حصلوا على ملايين البراميل من النفط.  

واعرب عضو مجلس الحكم العراقي نصير الجادرجي عن اعتقاده أن هذه القائمة صحيحة، وطالب باجراء تحقيق ومحاكمة هؤلاء الناس.  

وتضم القائمة أبناء رؤساء عرب وأفراداً من أسر حاكمة عربية ومنظمات دينية وسياسيين وأحزاباً سياسية من مصر والاردن وسوريا ولبنان والامارات وتركيا والسودان والصين والنمسا وفرنسا ودول أخرى.  

ومن المنظمات التي وردت فيها الكنيسة الارثوذكسية الروسية والحزب الشيوعي الروسي وحزب المؤتمر الهندي ومنظمة التحرير الفلسطينية.  

وصرح الناطق باسم وزارة النفط العراقية عاصم جهاد أن الاف الوثائق التي نهبت من مؤسسة تسويق النفط العراقية بعد سقوط بغداد في أيدي القوات الاميركية في التاسع من نيسان 2003 يمكن أن تثبت أن صدام استخدم الرشى لكسب التأييد. وقال ان جميع من تورط في سرقة ثروات العراق سيحاكم.  

ويشير مسؤولون من وزارة النفط الى إنهم توقفوا عن بيع النفط من الشركات التي قد تكون عملت واجهة لانصار صدام.  

ولاحظ الناطق باسم المؤتمر الوطني العراقي انتفاض قنبر أنه حتى بعض المسؤولين الحكوميين من دول عربية منتجة للنفط حصل على نفط من صدام. وأضاف:" لقد تلقى هؤلاء رشى، ويا للاسف، الشعب العراقي هو الذي دفع الثمن".  

وعلى رغم العقوبات التي فرضتها الامم المتحدة على العراق، فقد سمح له ببيع نفط بين 1996 و2003 ضمن اتفاق مع المنظمة الدولية ينص على استخدام عائدات مبيعات النفط لشراء أغذية وأدوية وامدادات أساسية. لكن مصرفيين يقولون إن بعض الشركات الدولية التي كانت تبيع العراق بضائع قد يكون دفع عمولات الى مسؤولين عراقيين أودعت مصارف عربية في مقابل الحصول على عقود في اطار اتفاق "النفط مقابل الغذاء".  

ويقول تجار نفط ان العراق هرّب ايضا نفطا عبر موانئ جنوبية غير مراقبة من الامم المتحدة وعبر خط أنابيب يمر بسوريا. وتؤكد دمشق أن خط الانابيب كان يعمل فقط لاغراض تجريبية.  

وقال تاجر عراقي تعامل مع الحكومة السابقة: "لم يجد صدام مشكلة في منح براميل نفط لمن يريد".  

المتهمون ينفون 

بعد تأكيد معلومات "المدى" من مجلس الحكم الانتقالي تدافعت شخصيات عربية ودولية لدفع بلاء الاتهامات عن نفسها وقد لاحقت صحيفة "الرأي" الحكومية الاردنية الموضع وسألت بعضا من المعنيين في الاتهامات خاصة وان قائمة "المدى" نشرت اسماء اربع عشرة شخصية اردنية. 

واتهم النائب الاسبق في البرلمان الاردني وكاتب العمود اليومي في صحيفة "الرأي" فخري قعوار في تصريح للصحيفة "قوات الاحتلال الاميركي بتشغيل طاحونة ما وصفها بالشائعات" متحديا ان تعرض اي جهة اي وثيقة تثبت حصوله على هبات نفطية من عراق صدام حسين. 

واكد قعوار الذي ادرج اسمه ضمن القائمة ان علاقته مع العراق لا "تتجاوز التضامن"، معتبرا ان "هدف الحملة يكمن في الاساءة لمناهضي الاحتلال". 

اما رجل الاعمال فواز زريقات وهو صديق النائب البريطاني العمالي جورج غالاوي والذي ورد اسمه اكثر من مرة في القائمة بتلقي هبات هو وصديقه فقد وصف الاتهامات في تصريحاته لصحيفة "الرأي" بـ "انها سخيفة" وتحدث عن "سوء فهم" حيال مواقف دولة كانت ذات سيادة "تتصرف بالذي ترتأيه مناسبا". 

وقال زريقات : ان الحكومة العراقية "لم تدفع من جيبها لأي شخص بل كانت تحدد فقط من يشتري النفط من الشركات والافراد التي تأخذ بدورها هامش ربح بسيط بينما تذهب عائدات النفط لصندوق الامم المتحدة" بموجب صيغة النفط مقابل الغذاء التي اعتمدت عام ستة وسبعين لتخفيف آثار الحظر الدولي على العراق. 

واوضح رجل الاعمال الاردني انه عمل كوسيط لبيع بين ثمانية وتسعة ملايين برميل نفط خلال السنوات الماضية بهامش لا يتجاوز "خمسة سنتات للبرميل الواحد". 

وجاء في لوائح متلقي الهبات النفطية ان زريقات حصل على ستة ملايين برميل نفط من الحكومة العراقية السابقة. 

وجاءت هذه المعادلة بحسب زريقات بعد ان حظر مجلس الامن اواخر عقد التسعينات هامش الثلاثين سنتا التي وضعته الحكومة العراقية السابقة فوق سعر بيع النفط وذلك "بدل مصاريف ادارية". 

واعتبر زريقات انه كان من حق الحكومة العراقية السابقة، ذات السيادة، تسويق النفط بحسب مشيئتها بعد استحواذ صندوق الامم المتحدة على عوائد الخام من هذا البلد، الذي يتربع على ثاني اكبر مخزون نفطي بعد العربية السعودية في العالم بواقع 112 مليار برميل. 

الى ذلك اوضح ان الحكومة العراقية كانت توافق على طلب وسطاء البيع في حال "دفعوا تأمينات نقدية مقدما تعادل قيمتها 10 في المائة من ثمن الاموال المعادة للحكومة". 

وبينما رأى زريقات في نشر القوائم "تصفية حسابات سياسية في محاولة لاخراج (رئيس وزراء بريطانيا توني بلير والرئيس الاميركي جورج بوش) من المأزق السياسي والعسكري في العراق". 

وبعد ان اكد حق كل دولة في منح الشركات والدول الصديقة اولوية التعامل التجاري، اتهم الولايات المتحدة وبريطانيا التي وصفهما بـ"المحتلين والسارقين" باستثناء الدول والشركات التي عارضت الحرب من عقود النفط واعادة بناء العراق. 

يشار الى ان زريقات ينتمي الى حزب البعث العربي الاشتراكي ولعب دورا ناشطا في مساعدة العراقيين على مواجهة اثار الحصار الدولي الذي فرضته الامم المتحدة اواخر العام تسعين، عقب الاجتياح العراقي للكويت. 

شارل باسكوا  

وفي باريس، نفى أمس وزير الداخلية الفرنسي السابق شارل باسكوا الذي ورد اسمه في القائمة العراقية ان يكون تلقى "اي شيء" من الرئيس العراقي السابق. وقال: "لم أحصل على أي شيء بالتأكيد من صدام حسين، لا نفط ولا أي شيء آخر... من المحتمل أن يكون الامر يتعلق بوزير داخلية سابق، ولكن لست انا الوزير المعني (...) من الافضل النظر في اللائحة الى الذين كانوا في استمرار من داعمي صدام حسين والذين زاروه في شكل منتظم، وهذا الامر لا ينطبق علي. هناك عدد من الدول التي لا اعرفها. العراق هو احداها، وسوريا هي دولة اخرى منها"--(البوابة)—(مصادر متعددة)