تحلّ اليوم الخميس الذكرى الأولى لمعركة “ردع العدوان”، التي انطلقت في 27 نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي وانتهت بإسقاط نظام بشار الأسد خلال 11 يومًا فقط، بعد أن حكم البلاد 24 عامًا. بدأت العملية من محافظة حلب شمالًا قبل أن تتجه نحو دمشق، حيث دخلها المقاتلون فجر 8 ديسمبر/كانون الأول 2024 معلنين نهاية حكم الأسد، الذي فرّ لاحقًا إلى موسكو. وقد شكلت فصائل سورية “إدارة العمليات المشتركة” لقيادة المعركة، وضمت “هيئة تحرير الشام” و“حركة أحرار الشام” و“الجبهة الوطنية للتحرير”، منهية بذلك 61 عامًا من حكم حزب البعث و53 عامًا من سيطرة عائلة الأسد.
أصدر الرئيس السوري أحمد الشرع قبل أسابيع مرسومًا يجعل يوم 8 ديسمبر عطلة رسمية وعيدًا وطنيًا، احتفاءً بإسقاط النظام. وقد مرت المعركة بمراحل سريعة ومتلاحقة، إذ سيطر المقاتلون خلال أيام قليلة على محافظات محورية، وسط انهيار واسع لقوات الأسد وحلفائه. انطلقت العمليات من ريف حلب الغربي في 27 نوفمبر، حيث تمكن المقاتلون من قطع الطريق الدولي بين حلب ودمشق لحرمان قوات الأسد من الإمدادات. وفي اليوم الأول استعادوا السيطرة على 18 قرية، ما عزز مواقعهم على الأرض.
في اليوم التالي، توسعت العمليات باتجاه محور سراقب في ريف إدلب لما يمثله من أهمية على الطريق الدولي، وتمكنت الفصائل من تحرير أكثر من 50 بلدة وقرية. وفي 30 نوفمبر أعلنت الفصائل السيطرة على مدينة سراقب بعد معارك عنيفة، بالتزامن مع اشتباكات حاسمة في أحياء مدينة حلب انتهت بانسحاب قوات الأسد وتسليم بعض المواقع لحزب العمال الكردستاني، في مشهد عكس التخبط المتزايد داخل معسكر النظام. وردت الطائرات التابعة للنظام وروسيا بشن ضربات مكثفة على المناطق المحررة دون تغيير مسار المعركة.
مطلع ديسمبر أُعلنت السيطرة الكاملة على مدينة حلب، ما شكل ضربة قاصمة للنظام الذي تراجع شمالًا نحو محافظة حماة. ودخل المقاتلون المدينة بشكل منظم، حافظوا خلاله على مؤسسات الدولة وطمأنوا المدنيين عبر انتشار واسع في الشوارع. ولم تكد حلب تتحرر حتى أعلن المقاتلون بدء معركتهم في حماة، والتي استغرقت نحو خمسة أيام. سيطروا خلالها على مدن وبلدات مهمة مثل صوران وطيبة الإمام، ثم خاضوا معركة جبل العابدين، الذي كان يُعد خط الدفاع الأخير عن حماة وحمص. وبعد معارك عنيفة انتهت الفصائل بالسيطرة عليه عبر عملية التفاف ناجحة، قبل أن تتقدم نحو قلعة المضيق ثم تدخل مدينة حماة في الخامس من ديسمبر.
فتح تحرير حماة الطريق نحو حمص، المدينة المفصلية التي لا تبعد سوى نحو 200 كيلومتر عن دمشق. وفي الجنوب، دخل مقاتلو درعا خط المعركة رغم عدم اتصال مناطقهم جغرافيًا مع الشمال، وسيطروا على المدينة خلال ساعات في 7 ديسمبر، لتنسحب قوات الأسد نحو إزرع ثم باتجاه العاصمة. وانتقلت موجة الانسحابات إلى السويداء، التي سيطر المقاتلون على مركزها خلال أقل من يوم واحد، قبل أن يتجهوا شمالًا للمشاركة في تطويق دمشق.
وفي الوقت نفسه، كانت الفصائل تضيق الخناق على حمص رغم الغارات الروسية التي استهدفت جسر الرستن لعرقلة تقدمها. ومع ذلك تمكن المقاتلون من العبور عبر الجسر المتضرر وطرق الأرياف، ما أدى إلى توسيع الطوق حول العاصمة التي باتت معزولة بالكامل، بينما تركزت الأنظار على القصر الجمهوري وسجن صيدنايا.
صباح 8 ديسمبر أُعلن رسميًا دخول المقاتلين إلى العاصمة وسقوط نظام بشار الأسد، قبل أن يُعلن مساء اليوم نفسه وصوله إلى موسكو بعد تقدمه بطلب “لجوء إنساني” تمت الموافقة عليه. وفي الوقت الذي عمت فيه الاحتفالات معظم المدن السورية، تكشفت مأساة سجن صيدنايا مع خروج آلاف المعتقلين بعد سنوات من الاحتجاز، بينما لم يظهر أثر لآلاف آخرين قضت عليهم قوات الأسد خلال فترة اعتقالهم.