تدفقت أعداد هائلة من الفلسطينيين، اليوم الجمعة، عائدين إلى مناطقهم في مدينة غزة وشمال القطاع، عبر شارعي الرشيد وصلاح الدين، وذلك فور دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى خطوط الانتشار الجديدة التي جرى التوافق عليها ضمن المرحلة الأولى من خطة الوساطة الأميركية.
وأكد مراسل الجزيرة أن آلاف النازحين بدأوا بالعودة تدريجيًا إلى مدينة غزة بعد إعادة فتح شارعي الرشيد وصلاح الدين، وسط تحذيرات من وجود ذخائر غير منفجرة وأوضاع ميدانية ما تزال غير مستقرة.
وفي بيان رسمي، أعلنت وزارة الداخلية في غزة أنها ستبدأ تنفيذ خطة انتشار أمني شامل في المناطق التي انسحب منها جيش الاحتلال، بهدف استعادة النظام وضبط الأوضاع العامة.
وقالت الوزارة: "ستباشر أجهزة وزارة الداخلية والأمن الوطني الانتشار في جميع محافظات قطاع غزة، والعمل بشكل عاجل على معالجة مظاهر الفوضى التي تعمّدت قوات الاحتلال نشرها على مدار عامين". كما دعت السكان إلى الحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، والتعاون مع عناصر الأمن والشرطة، والابتعاد عن التصرفات التي قد تشكل خطرًا على حياتهم.
وطالبت الوزارة الفلسطينيين بالالتزام بالتوجيهات الصادرة عن الأجهزة المختصة خلال الأيام المقبلة، في ظل الواقع الأمني الهش.
من جانبه، أعلن المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أن وقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ عند الساعة 12 ظهرًا بالتوقيت المحلي (9:00 صباحًا بتوقيت غرينتش)، مشيرًا إلى أن قوات الاحتلال سمحت بعبور المدنيين من جنوب إلى شمال قطاع غزة عبر طريقَي الرشيد وصلاح الدين.
وأشار المتحدث إلى أن قوات الاحتلال ستبقى متمركزة في نقاط محددة داخل القطاع، وحذّر من الاقتراب من منطقة معبر رفح ومحور فيلادلفيا، وكذلك من كافة مواقع تمركز الجيش في مدينة خان يونس.
كما وجّه جيش الاحتلال تحذيرات إضافية للفلسطينيين من ممارسة الصيد أو السباحة أو الغوص في البحر، بحجة أن قواته البحرية والجوية مستمرة في مهام "إزالة التهديدات الفورية" ضمن نطاق القيادة الجنوبية.
ويأتي هذا التطور بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فجر الخميس، التوصل إلى اتفاق بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) بشأن المرحلة الأولى من خطة وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، عقب أربعة أيام من مفاوضات غير مباشرة استضافتها مدينة شرم الشيخ المصرية، بوساطة من تركيا ومصر وقطر، وتحت إشراف أميركي مباشر.
وكان ترامب قد كشف، في 29 سبتمبر/أيلول الماضي، عن خطة من 20 بندًا تشمل وقف إطلاق النار، الإفراج المتبادل عن الأسرى، ونزع سلاح حركة حماس، كجزء من ما وصفه بـ"خارطة طريق لإنهاء الحرب".
وتُقدّر سلطات الاحتلال عدد الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة بـ48، بينهم 20 على قيد الحياة، في المقابل، تحتجز سلطات الاحتلال أكثر من 11 ألف فلسطيني في سجونها، وسط تقارير حقوقية فلسطينية وإسرائيلية توثق التعذيب، والتجويع، والإهمال الطبي، الذي أودى بحياة عدد كبير من المعتقلين.
منذ بدء العدوان في 7أكتوبر/تشرين الأول 2023، بدعم أميركي، ارتكب الاحتلال الإسرائيلي إبادة جماعية في قطاع غزة، خلفت حتى اليوم أكثر من 67,194 شهيدًا، و169,890 جريحًا، أغلبهم من الأطفال والنساء، فيما تسببت المجاعة وسوء التغذية في وفاة 460 فلسطينيًا، بينهم 154 طفلًا، وفقًا لتقارير فلسطينية وإعلامية وحقوقية موثقة.