صحف الاردن برسم الايجار!

تاريخ النشر: 04 يوليو 2007 - 02:46 GMT

محمد، شاب يبحث عن عمل، ولا تتيح له قدراته شراء الصحف يوميا للاطلاع على اعلانات التوظيف، لكنه وجد ضالته لدى المكتبة المجاورة التي تقوم بتأجيره جميع الصحف لقاء خمسة دنانير شهريا.

الحاجة ام الاختراع كما يقول تقرير لصحيفة "النشمية" الاردنية، والتي اوضحت ان طريقة الاستئجار التي اكتشفها محمد العورتاني هي في واقع الامر ذاتها التي يتبعها مئات الباحثين عن عمل.

ومن جانبهم، وجد اصحاب المكتبات والبقالات في تأجير الصحف المكدسة لديهم بالعشرات مصدرا جيدا لجني الربح، لحقيقة ان عملية بيعها لم تكن تعود عليهم سوى بهامش ربح ضئيل "لا يساوي همها" وفق ما يقوله احدهم.

حل للمشكلة

يقول العورتاني انه يبحث عن "وظيفه خارج الأردن خاصه أن الصحف اليومية تزخر بهذه الوظائف..لكن موازنتي عدم المؤاخذه لا تسمح بدفع دينار يوميا مقابل شراء ثلاث صحف".

وفي الاردن اربع صحف يومية باللغة العربية، فضلا عن عشرات اخرى اسبوعية.

وفي ما يراه محمد، فان "الاشتراك الشهري يحل المشكلة" المتعلقة بارتفاع كلفة سعر الصحف قياسا بقدراته المالية، كما انه "امر ايجابي لصاحب المكتبه والبقالة...والعاطلين عن العمل".

حسين عبيد، شاب اخر تخرج في تخصص ادارة ألاعمال قبل ثلاث سنوات وقد عمل في عدة وظائف لم تعجبه "بسبب تدني الرواتب" بحسب ما يقول.

وهو لا يزال يبحث عن "الوظيفة المناسبة" وذلك حتى يستقر ويتزوج كما يخبرنا.

ويقول عبيد انه مشترك في قراءة الصحف مقابل خمسة دنانير شهريا من بقالة الحي ويعيش "على أمل أن يتعثر بوظيفة مناسبة"

وخلال رصدنا لظاهرة تأجير الصحف، استمعنا الى شهادات عدد من العاطلين عن العمل من خريجي الجامعات في حي الونانات في ماركا الشمالية.

وعلمنا من هؤلاء انهم يحضرون يوميا إلى إحدى المكتبات في المنطقة لقراءة الصحف التي باتوا يستأجرونها بعد ارتفاع اسعارها، حيث يأخذون منها العناوين وأرقام الهواتف قبل ان ينطلقوا لتقديم طلبات التوظيف.

اشتراك محلي

على ان البحث عن عمل ليس السبب الوحيد وراء انتشار ظاهرة استئجار الصحف.

فهذا بشار، وهو شاب يعمل في سوق تجارية كبيرة، يخبرنا بانه يهوى متابعة الصحف الاسبوعية التي يزيد عددها على الثلاثين، لكن راتبه المتواضع لا يسمح له بشرائها، الامر الذي يجعل من الاشتراك الشهري حلا يمكنه من متابعتها جميعها.

ولفت بشار الى ان العديد من المكتبات باتت تضع عبارة "اشتراك محلي" للصحف لخدمة "سيدات البيوت حيث الفراغ بساعات طويلة والوحدة التي يمكن ان تكون فيها الصحف تسلية محببة مع فناجين القهوة الصباحية".

ويقول بشار ان "قراءة ما يزيد عن ثلاثين صحيفة ومجلة باشتراك لا يزيد عن سبعة دنانير امر مناسب قياسا باثمان هذه الصحف والمجلات".

ويؤكد بشار ان ظاهرة استئجار سيدات البيوت للصحف والمجلات "منتشرة بشكل كبير ويفوق التصور خاصة في ظل الأوضاع المالية للكثيرين".

واضافة الى سيدات البيوت، هناك بعض المتقاعدين من الوظائف، والذين التقينا بابن احدهم اثناء كان يلملم بعض الصحف من ارفف المكتبة من اجل اخذها الى ابيه الذي ينتظر على الشرفة لقراءتها.

وكما فهمنا من هيثم، فان اباه الحاج عوني مشترك في هذه المكتبة حيث تؤهله خمسة دنانير يدفعها شهريا لصاحب المكتبة لقراءة الصحف اليومية وما طاب له من الاسبوعيات.

تجارة كاسدة

على صعيدهم، يؤكد أصحاب بعض المكتبات انهم لجاوا إلى تأجير الصحف بسبب قلة الاقبال على شرائها من قبل المواطنين.

وقال احدهم ان "الصحف لم تعد اخبارها تهم الناس اللهم سوى أخبار الوظائف والوفيات، فالاخبار هي نفسها في كافة الصحف..ولا جديد تحت الشمس، خاصة مع وجود الفضائيات والانترنت".

واضاف ان ذلك ادى الى تراجع المبيعات في الصحف، وما ان انتشرت عملية التأجير حتى ازداد الاقبال على القراءة وايضا تصاعدت ارباح اصحاب المكتبات من هذه التجارة.

وفي العادة يقوم اصحاب المكتبات باعادة النسخ غير المباعة الى الصحف، وهو ما يمنع تعرضهم للخسائر في حالة كسادها، لكن هامش الربح المتاح من بيعها يظل ضئيلا، ومع انتشار ظاهرة التأجير بات الامر مربحا.

وبالطبع، فان المتضرر هو الصحف التي باتت مرتجعاتها من النسخ المطبوعة في حالة تصاعد مستمرة.

على الماشي

وما بين قلة الاقبال على الشراء وانتشار التاجير، تظل هناك ظاهرة القراءة "على الماشي" والتي يعاني اصحاب المكتبات منها الامرين وتدخلهم في شجارات مستمرة مع من يصفونهم بالفضوليين.

وتتمثل هذه الظاهرة في قيام بعض الاشخاص بتناول الصحف من الارفف وتصفحها وقوفا او بعد ان يجذبوا كرسيا صغيرا يجلسون عليه ويظلون على هذه الحال حتى يقرضوا ما امكنهم من تلك الصحف قبل ان يغادروا دون دفع أي ثمن.

هذه الظاهرة رصدناها بشكل واضح امام كشك أبو علي في وسط البلد وفي مكتبات في مجمع المحطه القديم.

على ان بعض اصحاب هذه الاكشاك والمكتبات يتساهلون مع قراء "على الماشي" بدافع تقديرهم للاحوال المالية الصعبة.