لم يصدق سكان غزة أعينهم عندما قامت الشرطية الفلسطينية هبة مبروك لاول مرة بدورية في شوارع المدينة قبل 12 عاما.
وقالت الشرطية هبة البالغة من العمر 31 عاما "لم يتفهم الناس كيف تأتي لامرأة ان تجوب الشوارع وهي تؤدي المهام الشرطية مثلها مثل الرجل."
وفي إطار إحجام النساء عن كسر التقاليد المرعية في مجتمع مسلم محافظ لم تتجرأ سوى قلة من النسوة على الاستجابة لدعوة أعلنت عام 1995 للانخراط في سلك الشرطة بغزة في إعقاب إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية وسريان حكم ذاتي محدود.
وقالت الشرطية هبة "كان الأمر شاقا للغاية إلا إننا نجحنا في إقناع الناس بضرورة انضمام المرأة الى قوة الشرطة في البلاد."
الا انه حتى الان فان وجود 370 شرطية فقط في غزة والضفة الغربية المحتلة يمثل مجرد أقلية بسيطة ضمن قوات الامن التي يتجاوز قوامها 60 ألف فردا.
وقالت هبة "لم تتقدم سوى قلة من النسوة عند تأسيس السلطة الفلسطينية لكن في الآونة الأخيرة وعندما طلبنا متقدمات جددا دهشنا لتقدم المئات منهن."
من بين الاسباب التي جعلت من الخدمة في الشرطة قوة جذب معدلات البطالة المرتفعة المنتشرة بين الفلسطينيين منذ بدء انتفاضة عام 2000 والضائقة الاقتصادية التي فاقمها حظر غربي على المعونات في أعقاب تولي حركة المقاومة الاسلامية (حماس) زمام السلطة منذ عام.
وبزيها الشرطي الازرق الغامق باتت هبة مبروك شخصية تحظى بشعبية في الحي التي تقيم به في مدينة غزة حيث يتسابق الاطفال على مصافحتها فيما يتبادل الرجال والنساء معها التحية والتمنيات الطيبة.
وتعمل هبة الان في جهاز ادارة الشرطة ولم تعد تشارك في مداهمات الاعتقال او توجيه حركة المرور. وخطوة التغيير هذه أملتها جزئيا رغبة قوة الشرطة لابعاد الشرطيات عن مواطن الخطر خلال الاعمال المسلحة التي انتشرت في الآونة الأخيرة بين فصائل فلسطينية.
وهبة أم لطفلة عمرها سبع سنوات ودأبت على توصيل ابنتها للمدرسة قبل التوجه الى عملها وهي تعود الى منزلها في الموعد المناسب لاعداد الطعام وتنظيف البيت قبل عودة ابنتها من المدرسة.
وقال رمزي شاهين مدير المكتب الاعلامي بالشرطة الفلسطينية ان الشرطيات يلعبن دورا مهما في مكافحة الجريمة.
وقال انهن يساعدن في القاء القبض على اللصات وانه قد تسنى لهن "الدخول الى أماكن لم يكن يتسنى للرجل ارتيادها" بسبب تقاليد المجتمع.
وفي حين فضلت هبة وأخريات الانخراط في مهمة حفظ النظام اصبحت فلسطينيات أخريات اكثر فاعلية في جماعات نشطاء تزعمن الانتفاضة الفلسطينية. واشتركت بعض النسوء في مسيرات نظمتها جماعات مسلحة في غزة وجابت النسوة الشوارع في العروض وهن يحملن البنادق والقاذفات الصاروخية.
وشاركت النسوة الفلسطينيات ايضا في التفجيرات الانتحارية اذ فجرت فلسطينية كبيرة السن نفسها في الاونة الاخيرة قرب تجمع للجنود الاسرائيليين خلال مداهمة قامت بها القوات الاسرائيلية في شمال قطاع غزة.
وقال بعض رجال الدين الاسلامي ان من حق النسوة المشاركة مثلهن مثل الرجال في اعمال عدائية ضد إسرائيل.