خطف الشباب المصريون الأضواء مجددا وعادوا ليتصدروا المشهد في بلاده، بعد أن عادت خلال "جمعة الأرض" مظاهر الثورة من جديد، وعادت مشاهد الاحتجاجات الكبرى التي غابت عن مصر منذ العام 2011، وهي احتجاجات شاركت فيها لأول مرة كافة القوى ولم تتذرع أي منها بوجود الآخر، كما كان الحال خلال العامين الماضيين.
وشكلت تظاهرات "يوم الأرض" تطورا جديدا بالغ الأهمية في مصر، حيث نزل شوارع القاهرة العدد الأكبر من المتظاهرين ضد السيسي منذ وصوله الى الحكم، فيما كان أهم ما ميز هذه الاحتجاجات أنها ضمت ممثلين عن مختلف التيارات في مصر، وأن الشباب عادوا ليتصدروها ويقودوها، وسط غياب للشخصيات الكبيرة التقليدية مثل المرشح السابق حمدين صباحي الذي أيد "يوم الارض" لكنه لم يشارك في أي من فعالياتها.
وأبلى شباب حركة 6 أبريل بلاءا حسناً في احتجاجات "جمعة الارض" التي طالبت برحيل السيسي وإنهاء حكم العسكر الذين تنازلوا عن جزيرتي "تيران" و"صنافير"، فيما دعت الحركة كافة القوى الثورية الى رص صفوفها والبدء بالاستعداد لمرحلة ما بعد السيسي.
وقالت حركة 6 أبريل في بيان: "لقد ارتكب هذا النظام مجازر مروعة بحق أبناء الشعب وقتل واعتقل الآلاف بحجة حماية الدولة ومكافحة الارهاب واعداً المواطنين بحياة كريمة.. ولم نجن سوى الدماء والتفرق والاذلال والفقر"، وأضافت: "لأول مرة نجد نظاماً سياسياً يسعى لإثبات عدم أحقيته في أرض يسيطر عليها بالفعل ويسعى لتقديمها لمن يدفع الثمن".
أما جماعة الإخوان المسلمين فشاركت باحتجاجات "يوم الأارض" على نطاق واسع، وقالت في بيان لها إن "الصورة باتت واضحة للغاية، نحن أمام مجموعة من المجرمين الذين يرتكبون أكبر عملية بيع لتاريخ وأرض وعرض مصر، وقد حان وقت الاتحاد، والعمل المشترك لإزاحتهم، وإنقاذ مصر، وليكن يوم الجمعة بداية لشرارة غضب جديد وحقيقي متصاعد لا يوقفه شيء سوى تحرير مصر".
وقال محلل سياسي مصري لــ"عربي21" إن أهم ما ميز تظاهرات "جمعة الارض" أنها أعادت الشباب الى مركزهم الطبيعي، ولم تكن احتجاجات بدعوة من فصيل سياسي معين كالاخوان أو غيرهم، وإنما كانت تظاهرات شبابية مصرية صافية شاركت فيها القوى السياسية بمختلف توجهاتها.
وبحسب المحلل الذي طلب من "عربي21" عدم نشر اسمه فان احتجاجات "جمعة الارض" تمثل تحولاً استراتيجياً في مصر، حيث تأتي بعد عامين من استقرار الأوضاع لصالح السيسي، لتشكل أو تهديد حقيقي لنظامه، وهو ما أعاد الأمل لدى الكثيرين بامكانية التغيير.
ويلفت المحلل الى أن الأنظار تتجه حالياً الى يوم الخامس والعشرين من أبريل الحالي الذي يتوقع أن يشهد تظاهرات واسعة، واحتجاجات أكبر، خاصة وأنه يوم له رمزية مهمة عند كل المصريين، حيث أنه ذكرى تحرير سيناء من الاحتلال الاسرائيلي.
يشار الى أن تظاهرات "جمعة الارض هي العرض" رفعت لافتات تطالب بإقالة السيسي، وعادت اللافتات التي تحمل كلمة (إرحل) لأول مرة منذ العام 2011، أما سبب الاحتجاجات فهو اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية والتي انتهت بموافقة مصر على تسليم جزيرتي "تيران" و"صنافير" للرياض لتنهي بذلك خلافاً حدودياً يعود الى عقود طويلة.

