قدم رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي استقالته رسميا الى البرلمان السبت، في خطوة تأتي بعد مناشدة المرجعية الدينية العليا لشيعة العراق الحكومة بالتنحي لإنهاء أسابيع من الاضطرابات الدامية.
أفادت مصادر برلمانية عراقية أن عبد المهدي سلم كتابا رسميا لاستقالته من المنصب إلى رئيس مجلس النواب، محمد الحلبوسي.
وأعلن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي الجمعة عزمه الاستقالة بعد مناشدة المرجعية الدينية العليا لشيعة العراق الحكومة بالتنحي لإنهاء أسابيع من الاضطرابات الدامية. لكن هذه الخطوة لم يكن لها تأثير يذكر على زخم الاحتجاجات.
ويأتي هذا التطور في الوقت الذي تشهد فيه العاصمة العراقية بغداد والمحافظات الجنوبية للبلاد، منذ مطلع أكتوبر الماضي، احتجاجات حاشدة على تدهور الظروف المعيشية وتنامي البطالة والفساد تحولت إلى صدامات متواصلة بين المتظاهرين ورجال الأمن.
والاضطرابات التي أسفرت عن مقتل أكثر من 400 شخص معظمهم من المتظاهرين هي أكبر أزمة تواجه العراق منذ سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على مساحات واسعة من الأراضي العراقية والسورية في 2014.
وذكر بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء يوم السبت أن مجلس الوزراء وافق على استقالة عبد المهدي لكن لا يزال يتعين أن يسحب البرلمان دعمه له في جلسة تعقد يوم الأحد لتكون الاستقالة رسمية.
وورد في البيان ”أكد رئيس مجلس الوزراء... أن الحكومة بذلت كل ما بوسعها للاستجابة لمطالب المتظاهرين وتقديم حزم الإصلاحات... داعيا مجلس النواب إلى إيجاد الحلول المناسبة في جلسته المقبلة“.
ورحب المحتجون العراقيون بالاستقالة لكنهم يقولون إنها ليست كافية ويطالبون بإصلاح نظام سياسي يرون أنه فاسد ويبقيهم في حالة فقر ويحجب عنهم أي فرص.
وقال رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، الذي أيد الاحتجاجات لكنه لم يدعمها بشكل كامل، في وقت متأخر يوم الجمعة إن المظاهرات يجب أن تستمر.
وقال في بيان على تويتر ”ينبغي أن يكون ترشيح رئيس الوزراء من خلال استفتاء شعبي على خمسة مرشحين“ مضيفا أن المحتجين يجب أن يواصلوا الضغط لتحقيق مطالبهم لكنه رفض اللجوء للعنف.
تواصل الاحتجاجات
في الاثناء، فتحت قوات الامن النار على محتجين حاصروا مقر قيادة شرطة الناصرية في جنوب العراق وحاولوا اقتحامه، ما اسفر عن اصابة 16 شخصا، فيما تجددت الاحتجاجات في انحاء البلاد.
وقال شهود أن 16 شخصا أصيبوا بجروح إثر إطلاق قوات الشرطة الرصاص عليهم، عندما حاولوا اقتحام مقر قيادة الشرطة الاتحادية في مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار (375 كم جنوبي بغداد).
وقال شهود العيان إن “قوات الشرطة أطلقت الرصاص الحي صوب متظاهرين خلال محاولتهم اقتحام مقر قيادة شرطة ذي قار لتفريقهم مما تسبب في إصابة 16 متظاهرا بجروح”.
وأوضح الشهود أن “عمليات كر وفر تشهدها حاليا شوارع الناصرية بين قوات الشرطة ومتظاهرين لإبعادهم عن مقر الشرطة الذي يصر المتظاهرون على اقتحامه”.
وفرض متظاهرون آخرون السيطرة على الجسور الثلاثة الكبرى النصر والزيتون والحضارات، فيما يتجمع الآلاف من المتظاهرين في ساحة الحبوبيّ.
وتعيش مدينة الناصرية حالة من الانفلات الأمني وسط غياب القيادات الإدارية والأمنية عن المشهد، حيث أعلن محافظ ذي قار ورئيس مجلس المحافظة ومعاونيهم وقائد الشرطة استقالاتهم على خلفية الاضطرابات الأمنية في المحافظة.
* العائلات تشيع قتلاها
تصاعدت الاضطرابات بعدما أحرق محتجون القنصلية الإيرانية في مدينة النجف في جنوب البلاد يوم الأربعاء ودفعت عبد المهدي لإعلان عزمه على الاستقالة. وفي الناصرية اندلعت اشتباكات دامية يوم الخميس بعد ساعات من إحراق القنصلية بالنجف.
وشهدت المدينة بعضا من أسوأ أحداث العنف في العراق منذ بدأت الاحتجاجات المناهضة للحكومة في بغداد في الأول من أكتوبر تشرين الأول.
ويخشى الكثير من العراقيين استمرار تصاعد العنف مع تشييع الأسر لقتلاها ومع بطء تحرك الحكومة صوب تنفيذ إصلاحات.
ومن المتوقع أن يستمر الجدل السياسي لأسابيع قبل اختيار رئيس وزراء خلفا لعبد المهدي وتشكيل حكومة جديدة.
وقالت المفوضية العليا لحقوق الإنسان شبه الرسمية في العراق في بيان يوم السبت إنه يتعين تقديم المسؤولين عن قتل المحتجين للعدالة وإنها ستجمع أدلة لمحاسبتهم.
ولم تشر المفوضية في بيانها لاستقالة رئيس الوزراء.
وحثت اللجنة الدولية للصليب الأحمر على منع سقوط المزيد من القتلى.
وقالت في بيان ”لا ينبغي استخدام الأسلحة النارية والذخيرة الحية إلا كملاذ أخير“.