أوروبا تُحمّل الاحتلال المسؤولية: عقوبات مرتقبة وتجميد تمويلات بملايين اليوروهات

تاريخ النشر: 21 سبتمبر 2025 - 05:40 GMT
_

 

رصدت مجموعة الأزمات الدولية تحولًا ملحوظًا في الموقف الأوروبي تجاه العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وسط تزايد الحديث داخل أروقة الاتحاد الأوروبي عن إمكانية فرض عقوبات على حكومة الاحتلال، بعد أن اعتُبر أن سياسات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو – المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية – تجاوزت الخطوط الحمراء وأضرت بالعلاقة مع التكتل الأوروبي.

وقالت ليزا موسيول، رئيسة قسم الشؤون الأوروبية في المجموعة، إن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، التي كانت تتجنب منذ بداية الحرب توجيه انتقادات حادة للاحتلال الإسرائيلي، بدت أكثر حزمًا في خطابها الأخير أمام البرلمان الأوروبي، حين وصفت ما يجري في غزة بأنه "يهز ضمير العالم"، مشددة على ضرورة أن يستخدم الاتحاد نفوذه لردع هذه الانتهاكات.

ووفقًا للمجموعة، اقترحت المفوضية الأوروبية سلسلة من الخطوات التصعيدية ضد الاحتلال، تشمل تعليق التعاون الثنائي، ووقف الامتيازات التجارية، وصولًا إلى احتمال فرض عقوبات مباشرة. ويُعتقد أن هذا التحول في الموقف الأوروبي جاء نتيجة ضغوط متزايدة من نواب البرلمان الأوروبي، والمظاهرات المتواصلة في الشوارع الأوروبية، إضافة إلى تصاعد الاستياء داخل مؤسسات الاتحاد نفسها.

كما يعكس هذا التحول، بحسب المجموعة، إدراكًا متزايدًا لدى قادة أوروبيين بأن الصمت لم يعد ممكنًا في ظل استمرار المجازر الإسرائيلية بحق المدنيين وتجويع السكان في غزة.

بعض التدابير يمكن للمفوضية اتخاذها بشكل منفرد، وقد بدأت فعليًا بتجميد أشكال الدعم المالي كافة للاحتلال، بما في ذلك تعليق تمويل مشروعات مشتركة تقدر بنحو 32 مليون يورو حتى عام 2027، مع استثناءات محدودة.

لكن الإجراءات الأوسع، كفرض عقوبات على وزراء يمينيين متطرفين مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، تتطلب تصويتًا بالإجماع من الدول الأعضاء، وهو ما قد يواجه عقبات نتيجة مواقف بعض الدول الداعمة للاحتلال مثل المجر وألمانيا والتشيك وإيطاليا، والتي قد تستخدم حق النقض (الفيتو) لمنع أي خطوات عقابية ضد المسؤولين الإسرائيليين. في المقابل، يمكن التوصل إلى توافق بشأن معاقبة مستوطنين متورطين بأعمال عنف، أو منظمات استيطانية تنشط في الضفة الغربية.

أما على الصعيد التجاري، فإن تعليق المزايا التجارية التي يتمتع بها الاحتلال في إطار اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي يتطلب تصويتًا بالأغلبية المؤهلة، أي موافقة 15 دولة تمثل ما لا يقل عن 65% من سكان الاتحاد. ويتوقف تحقيق هذه العتبة على تغير مواقف دول مؤثرة مثل ألمانيا أو إيطاليا، اللتين لطالما تبنتا سياسات داعمة للاحتلال.

ويُشار إلى أن اعتماد الاحتلال الإسرائيلي الكبير على التجارة مع أوروبا يجعل من أي تحرك اقتصادي أوروبي مصدر ضغط فعلي يمكن أن تكون له تداعيات واسعة على الاقتصاد الإسرائيلي.

تقرير داخلي صدر عن الاتحاد الأوروبي أكد أن الاحتلال ينتهك التزاماته المتعلقة بحقوق الإنسان، وهي التزامات أساسية ضمن إطار العلاقة الثنائية مع الاتحاد. كما خلصت لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة مؤخرًا إلى أن الاحتلال ارتكب جريمة إبادة جماعية في قطاع غزة.

ورغم هذه المعطيات، لا يزال الاتحاد الأوروبي أمام اختبار جدي. فالفشل في التوافق على خطوات عملية للضغط على الاحتلال، كما حدث في مرات سابقة، سيعني بقاء أوروبا في موقع المتفرج، بينما تواصل حكومة الاحتلال تدمير حياة الفلسطينيين في غزة وتكريس سيطرتها على الضفة الغربية.