يدرس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تنفيذ مخطط الضم بالضفة الغربية في اطار ما يعرف بصفقة القرن الاميركية، على مرحلتين تتضمن "الأولى" المستوطنات المعزولة في عمق المناطق الفلسطينية، في حين تشمل "الثانية"، الكتل الاستيطانية الكبرى وغور الأردن.
وقالت صحيفة "إسرائيل اليوم" الإسرائيلية الأربعاء إن نتنياهو أبلغ مسؤولين مختلفين، خلال الأيام القليلة الماضية إنه يدرس خطة من مرحلتين، لتنفيذ إعلان السيادة الإسرائيلية في غور الأردن، والمستوطنات في الضفة الغربية.
وكان نتنياهو قد أعلن في الأسابيع الماضية عزمه الشروع في عملية الضم في الأول من يوليو/تموز المقبل، ولكن العديد من العقبات ظهرت في طريقه، بينها انتقادات دولية وعدم التوصل إلى اتفاق داخل الحكومة حول الخطة، فضلا عن عدم التوصل إلى اتفاق إسرائيلي-أمريكي حول خرائط الضم.
ويتناقض تقرير الصحيفة مع تقارير أخيرة، قالت إن نتنياهو ينوي أولا ضم الكتل الاستيطانية الكبرى، التي تقضم نحو 5% من مساحة الضفة الغربية.
وقالت الصحيفة "استنادا إلى خطة نتنياهو، ستتضمن المرحلة الأولى تطبيق السيادة على المستوطنات الواقعة خارج الكتل الكبيرة في الضفة الغربية، أو ما يعادل 10 ٪ من أراضي الضفة الغربية".
ويدور الحديث عن مستوطنات صغيرة في عمق الضفة الغربية، ولكنّ إسرائيل صادرت مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية في محيطها بوصفها "مناطق نفوذ المستوطنات".
وأضافت "بمجرد اكتمال هذه الخطوة، ستتواصل إسرائيل مع السلطة الفلسطينية وتطلب منها استئناف المفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق سلام، فإذا ما واصل الفلسطينيون الرفض، فإن إسرائيل ستمضي قدما نحو المرحلة الثانية وتطبق السيادة على بقية المستوطنات في الضفة الغربية".
ولكن الصحيفة أشارت إلى أن الفكرة ما تزال في مرحلة "صياغة المفهوم، ولم يتم رسم أي شيء على أي خرائط، حيث يقوم مكتب نتنياهو بتحليل الاحتمالات، كما إن إسرائيل حريصة على سماع موقف الولايات المتحدة".
وبحسب الصحيفة فإن نتنياهو يعتبر أن هناك "اتفاقا واسعا على أن غور الأردن سيبقى في أيدي إسرائيل، بموجب أي اتفاق سلام مستقبلي موجود بالفعل، مما يجعله (غور الأردن) أقل إلحاحًا من المستوطنات".
وتبلغ مساحة غور الأردن، ما يين 15 إلى 20 % من مساحة الضفة الغربية.
وقالت الصحيفة "الأمر ذاته ينطبق على الكتل الاستيطانية الكبيرة في الضفة الغربية، مثل أريئيل ومعاليه أدوميم وغوش عتصيون، حيث ذكرت جميع خطط السلام السابقة أن هذه الكتل ستبقى جزءًا من إسرائيل".
وأضافت "في حين أن تطبيق السيادة الإسرائيلية على المستوطنات المعزولة، يقضي على إمكانية اقتلاعها وإخلائها في المستقبل".
وتابعت "هناك أسباب أخرى وراء رغبة نتنياهو في البدء في تطبيق السيادة (العميقة) داخل يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، ومن هذه الأسباب: الامتناع عن تطبيق السيادة على غور الأردن في المرحلة الأولى يمكن أن يخفف من رد فعل الأردن، وهو أمر مثير للقلق".
ولكنها أشارت إلى أنه مع ذلك، فإن الإدارة الأمريكية تطالب بأن يوافق شريك الائتلاف الحكومي الاكبر حزب أزرق أبيض بزعامة بيني غانتس على فرض السيادة.
وأكملت الصحيفة "حتى الآن، يرفض قادة الحزب غانتس وغابي أشكنازي إعلان مواقفهم، مما يدفع نتنياهو إلى البحث عن طريقة أخرى لتحريك الأمور".
وأضافت "وفي الوقت نفسه، فإن العمل على فرض الضم معلق بسبب مسألة الخرائط".
وأشارت في هذا الصدد إلى أن اللجنة الإسرائيلية-الأمريكية، المكلفة برسم خرائط الضم لم تستكمل عملها.
وقالت الصحيفة "يقول البيت الأبيض إنه لا توجد حتى الآن خريطة للضم، وعمل اللجنة مستمر".
ولم يُعلّق مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي رسميا على هذا التقرير. كما لم يصدر تعقيب فوري عن السلطة الفلسطينية.
خلافات بالحكومة الإسرائيلية
من جانبها، قالت صحيفة "هارتس" في تقرير الاربعاء، ان مستشاري نتنياهو يخشون "إهدار فرصة" تنفيذ مخطط الضم في ظل استمرار الخلاف بين نتنياهو وقادة حزب ازرق ابيض حول تنفيذ المخطط، وأن يدفع هذا الخلاف الإدارة الأميركية إلى "فقدان الاهتمام وإزالة الضم عن الأجندة" والتراجع عن تطبيق "صفقة القرن".
وحسب ما اورده موقع "عرب 48"، فقد نقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة على الاتصالات بين نتنياهو وشركائه من حزب ازرق ابيض في الحكومة، قولها إن "الفجوات ..كبيرة ويبدو حاليا أنه يصعب الجسر بينها"، وأن هذه الفجوات في المواقف من مخطط الضم برزت خلال اجتماعين عُقدا بداية الأسبوع الحالي، شارك فيهما ننتنياهو وغانتس وأشكنازي ورئيس الكنيست، ياريف ليفين، بحضور السفير الأميركي في إسرائيل، ديفيد فريدمان، الذي يؤيد موقف نتنياهو بتنفيذ ضم أحادي الجانب وفي الفترة القريبة المقبلة.
وقالت الصحيفة إن الخلاف "مبدأي"، بما يتعلق بمساحة المناطق التي سيتم ضمها والجدول الزمني لتنفيذ المخطط وكذلك حول ترتيب الخطوات التي ستنفذ. وفيما طلب نتنياهو دفع ترسيم خريطة للمناطق التي سيتم ضمها، طالب غانتس بأن يتم أولا التوصل إلى تفاهمات حول الضم مع دول عربية، وخاصة مصر والأردن.
من جهة ثانية، تتعزز التقديرات في إسرائيل بأن مخطط الضم سيبرز الخلافات بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي الأميركيين تجاه السياسة الإسرائيلية، بعدما عبر المرشح الديمقراطي، جو بايدن، عن معارضته لمخطط الضم. ووفقا للتقديرات، فإنه في حال فوز بايدن بالرئاسة، في انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، فإن مخطط الضم سيدخل حكومة نتنياهو في صدام مع الإدارة الأميركية الجديدة، وأن يطالب قياديون في الحزب الديمقراطي باعتراف أميركي بالدولة الفلسطينية وفرض عقوبات على إسرائيل.
ولفتت الصحيفة إلى أن الحزب الديمقراطي كله يعارض ضم المستوطنات لإسرائيل، وأكثر من 60% من السيناتورات الديمقراطيين نشروا تصريحات حول الموضوع أو بعثوا رسائل تعارض الضم إلى نتنياهو وغانتس وأشكنازي والسفير الإسرائيلي في واشنطن، رون ديرمر، ويتوقع ارتفاع عددهم في الأيام المقبلة. وشددت الصححيفة على أن هذه الرسائل لا تصل من يساريين في الحزب الديمقراطي، مثل بيرني ساندرز، وإنما من جانب "مؤيدين بارزين لإسرائيل" ويعتبرون مقربين من اللوبي الإسرائيلي "أيباك".
وأضافت الصحيفة أنه يقود معارضة الضم في مجلس النواب عضو الكونغرس الديمقراطي، تيد دويتش، وهو يهودي ومؤيد لإسرائيل، بينما يوجد ارتباك في صفوف الحزب الجمهوري حول الضم ومعظم المشرعين لا يصرحون في هذه القضية، "لأنهم ينتظرون أن يفهموا موقف البيت الأبيض بالضبط" على ضوء اختلاف الموقف بين صهر ترامب، جاريد كوشنر، والسفير في إسرائيل فريدمان.
إلى جانب ذلك، يكاد جهاز الأمن الإسرائيلي، أي الجيش والشاباك خصوصا، لا يعرفون شيئا عن تفاصيل مخطط الضم، حسب الصحيفة، فيما التقديرات الأمنية تشير إلى أن مستوى رد الفعل الفلسطيني سيكون "مرتبط بالأساس بحجم المنطقة التي سيتم ضمها، بحيث أن ضما رمزيا في غور الأردن سيثير معارضة أقل، قياسا بضم مناطق في وسط الضفة الغربية". ويسود توجس في الجيش الإسرائيلي من عودة كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح إلى نشاط مسلح ضد أهداف إسرائيلية عسكرية ومدنية، والذي توقف منذ العام 2005.