خلافات حادة في مجلس الحكم حول الدستور

تاريخ النشر: 28 فبراير 2004 - 02:00 GMT
البوابة
البوابة

لم يستطع اعضاء مجلس الحكم العراقي بعد ساعات من الجدل المتواصل خلال اجتماع عقدوه امس واستمر حتى ساعة متأخرة من الليل من التوصل الى اتفاق حول الدستور المؤقت للبلاد وتركزت الخلافات حول دور الدين في شؤون الدولة وشكل الحكومة المنتظر ان تتولى السلطة اعتبارا من تموز / يوليو القادم. 

ويتعين على مجلس الحكم ان يوافق بحلول اليوم السبت على دستور مؤقت للعراق طبقا لخطة أميركية تقضي بنقل السلطة للعراقيين بحلول يوم 30 حزيران/يونيو. 

وقال مفاوضون انهم لم يتمكنوا حتى الان من الاتفاق سوى على جزء صغير من الوثيقة وان المحادثات عجزت عن احراز تقدم بعد ان الغى اعضاء بالمجلس قرارا سابقا له ينص على الرجوع لنصوص الشريعة الاسلامية في قضايا الزواج والطلاق والميراث. 

وطالب الاعضاء الاكراد بالحكم الذاتي في مناطقهم وهو الامر الذي رفضه العرب مما هدد ايضا بوقف المحادثات. 

وقال روش شاويش الذي يمثل الزعيم الكردي مسعود برزاني عضو مجلس الحكم في المحادثات الخاصة بالدستور عقب انتهاء اجتماع بعد الظهر "حقيقة لم يكن هناك ذلك القدر الكبير من التقدم. كنا نتناقش في اول مادة من المواد التسعة". 

وسينظر الى تأجيل إقرار الدستور المؤقت على انه أول نكسة للخطط الاميركية المتعلقة بتسليم السيادة للعراقيين بعد ان استبعدت واشنطن والامم المتحدة امكانية اجراء انتخابات ملائمة قبل موعد 30 حزيران/يونيو لنقل السلطة. 

وقالت واشنطن التي ترغب في تجنب اي تأخير للموعد المقرر لانهاء احتلال العراق بشكل رسمي بسبب اقتراب موعد انتخابات الرئاسة الاميركية في 2004 انها تود التفاوض على تفاصيل عملية تسليم السلطة وليس على الموعد. 

وذكر اعضاء بمجلس الحكم انه من غير المعتقد التوصل لاتفاق حول بنود الدستور المؤقت يوم الجمعة. 

وقال محمود عثمان عضو مجلس الحكم ان جلسة الجمعة توقفت عندما انسحب منها بعض الاعضاء الشيعة وغادروا القاعة بعد ان الغي القرار السابق الذي نص على ان تطبق احكام الشريعة الاسلامية في مسائل "الاحوال الشخصية". وعاد المنسحبون الى المحادثات في وقت لاحق. 

واثار القرار السابق المثير للجدل تحذيرات من ان حقوق النساء يمكن ان تعاني بسبب القوانين الاسلامية. 

واثارت مطالبات الشيعة الذين يشكلون 60 بالمئة من السكان في العراق بضمان ان تصبح الشريعة الاسلامية هي المصدر او ان تكون مصدرا اساسيا بالنسبة للقوانين انقسامات داخل المجلس مثلما فعلت ايضا مطالبات الاكراد بالابقاء على منطقة الحكم الذاتي التي تخضع لهم وتوسيع نطاقها في شمال العراق. 

وطبقا لملحق سيصدر مع الدستور الذي يقترح قيام دولة فيدرالية سيكون من حق الاكراد الاحتفاظ بمؤسسات الحكم الذاتي التي اقاموها بشمال العراق بعد انتفاضتهم ضد نظام بغداد عقب حرب الخليج عام 1991 بالاضافة الى الاحتفاظ بالمليشيات الحزبية التابعة للحزبين الكرديين الرئيسيين في المنطقة. 

ويعارض الاعضاء العرب بالمجلس هذه الخطة ويحذرون من انها ستكون خطوة نحو تقسيم العراق في حين يرى اعضاء آخرون وسلطة التحالف بالعراق ان تترك تفاصيل تلك المسألة للدستور الدائم. 

وقال مسؤول بارز بسلطة التحالف المؤقتة التي تقودها واشنطن ان مسودة الدستور التي اتفق عليها حتى الان تتضمن اشارة كبيرة للفيدرالية وبعض قواعد حكومة مؤقتة الا انها لم تتعرض للتفاصيل مثل ضمان تمثيل النساء في الهيئات الانتقالية. 

واضاف المسؤول انه يمكن النص على موعد ربما تجرى فيه الانتخابات او لا يحدد ذلك ولكن يحدد موعد لانتهاء عمل الحكومة الانتقالية. 

وكان المتحدث باسم المجلس حميد الكفائي قال امس في بغداد "سيكون هناك إعلان بشأن طرح الدستور غدا السبت (اليوم) وستكون الوثيقة جاهزة".  

ومن المتوقع ألا تتضمن بنود تشكيل الحكومة الانتقالية غير المنتخبة التي ستتسلم السلطة من قوات الاحتلال في 30 حزيران/يونيو المقبل تحديد موعد أو شكل الانتخابات العامة الاولى.  

وكان المرجع الشيعي الاعلى آية الله علي السيستاني قد طالب الجمعة بأن تكون لدى الحكومة الانتقالية "سلطة واضحة ومحدودة لتحضير البلاد لاجراء انتخابات حرة ونزيهة وإدارة شئون البلاد بدون اتخاذ قرارات مهمة يتوجب على الحكومة المنتخبة التقيد بها" مشددا على أهمية إجراء الانتخابات بحلول نهاية العام.  

وبعد مباحثات مع مبعوث الامم المتحدة إلى العراق الاخضر الابراهيمي قبل أسبوعين تراجع المرجع الشيعي البارز عن مطالبته بإجراء الانتخابات مباشرة عقب نقل السلطة في 30 حزيران/يونيو المقبل.  

ومن جهته جدد الزعيم الشيعي مقتدى الصدر الجمعة تهديداته باعلان "العصيان" اذا ما اصر الحاكم المدني في العراق بول بريمر على موقفه في ان يكون الاسلام احد مصادر التشريع في العراق.  

وقال الصدر في خطبة الجمعة امام مئات المصلين في مسجد الكوفة ان "امريكا لم تأت الا للاضرار بالاسلام ، لكن انتم ايها المحتلون لن تستطيعوا محو الاسلام".  

واضاف "ادعو المؤمنين الى ان يكونوا على اهبة الاستعداد متى تأتي اوامر الحوزة (اعلى مرجعية دينية في العراق) بالتصدي للاحتلال".  

وتابع الصدر "اطلب من مجلس الحكم (الانتقالي) ان يعلن العصيان ضد القرار واطلب من بريمر شخصيا التراجع عما صرح به ضد الاسلام".  

وكان الحاكم المدني في العراق بول بريمر قد سبق وان اعلن انه لن يقبل بأي قانون لادارة الدولة يكون فيه الاسلام المصدر الرئيس للتشريع كما يطالب به البعض من اعضاء مجلس الحكم.  

ولازال هذا القانون موضع جدل ونقاش في داخل مجلس الحكم الانتقالي وتعتبر مسألة ان يكون الاسلام "احد المصادر" او "المصدر الوحيد" في التشريع تسبب مشاكل بين الاعضاء.  

وقال الصدر في خطبته "سأسير على هذا النهج حتى لو قتلت او اعتقلت".  

وكانت حركته قد هددت في 19 شباط/فبراير التحالف بالعصيان اذا ما اصر الحاكم المدني بول بريمر على موقفه بخصوص موضوع الاسلام في التشريع—(البوابة)—(مصادر متعددة)