أقر الرجل الثالث سابقاً في تنظيم "القاعدة" الأصولي الباكستاني خالد الشيخ محمد المشتبه في أنه كان العقل المدبر الرئيسي لهجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة، بأنه هو الذي جز رأس الصحافي الأميركي دانيال بيرل عام 2001 في باكستان واضطلع بدور مركزي في 30 هجوماً آخر عبر العالم أدت الى مقتل آلاف الضحايا، استنادا الى اعترافات أخرى له نشرها الجيش الأميركي الخميس بعدما أخضعها للرقابة.
وفي وثيقة عن جلسة استماع أجراها الجيش في معتقل خليج غوانتانامو العسكري الأميركي بكوبا ووزعتها وزارة الدفاع "البنتاغون"، قال الشيخ محمد "قطعت بيدي اليمنى المباركة رأس الأميركي اليهودي دانيال بيرل في مدينة كراتشي بباكستان". وأضاف "الى أولئك الذين يريدون التأكد، هناك صور لي على شبكة الإنترنت وأنا أحمل رأسه".
وأوضح الناطق بإسم "البنتاغون أن إقرار الشيخ محمد بتورطه في قتل مراسل صحيفة "الوول ستريت جورنال" عام 2002، جاء ضمن اعترافات بالمسؤولية عن 31 هجوماً ومؤامرة، بعضها لم يحصل، لدى استجوابه السبت في غوانتانامو. وقال إن الوزارة نشرت نسخة أولى للنص ليل أول من أمس، لكنها حذفت الفقرات الخاصة بمقتل بيرل لإطلاع ذويه على الأمر.
كذلك راجع مسؤولون أميركيون أقوال الشيخ محمد قبل نشرها، في إجراء أكد "البنتاغون" أنه ضروري لحذف المعلومات الأمنية الحساسة.
والشيخ محمد أحد 14 سجيناً تضعهم السلطات الأميركية على رأس لائحة الأشخاص المشتبه في تورطهم في عمليات ارهابية، وقد نقلتهم جواً الى غوانتانامو العام الماضي من سجون سرية لوكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إي" خارج الولايات المتحدة.
وفي تأكيد لشهرته، صور الشيخ محمد نفسه على أنه أهم المخططين العملانيين لدى "القاعدة" في اعترافات أمام محكمة عسكرية أميركية جاء فيها أنه خطط وساند سلسلة من الهجمات الإرهابية، أبرزها هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001 الإنتحارية التي أدت الى مقتل زهاء ثلاثة آلاف شخص، الى اطلاق النار عام 2002 في جزيرة قبالة الكويت مما أدى الى مقتل أحد مشاة البحرية الأميركيين "المارينز"، فضلاً عن الإعتداء الذي كان البريطاني ريتشارد ريد يخطط لتنفيذه بتفجير طائرة فوق المحيط الأطلسي بحذائه المحشو بالمتفجرات في كانون الأول/ديسمبر 2001.
ولم تنفذ مؤامرات عدة أخرى، أو أن أجهزة مكافحة الإرهاب الدولية أحبطتها، منها ما لم يكشف من قبل لقتل الرئيسين الأميركيين السابقين بيل كلينتون وجيمي كارتر والبابا يوحنا بولس الثاني خلال رحلته الى الفيليبين والرئيس الباكستاني برويز مشرف.
وأبدى الشيخ محمد أسفاً بلغة انكليزية ركيكة لسقوط عدد كبير من القتلى في 11 أيلول/سبتمبر، لكنه برر ذلك في اطار الحرب على الولايات المتحدة. وقال: "لست سعيداً بمقتل ثلاثة آلاف شخص في أميركا. بل أشعر بالأسف... لكن لغة أي حرب في العالم هي القتل. أعني أن لغة الحرب هي الضحايا".
وخلال الجلسة، تحدث أحيانا هو نفسه وأحيانا أخرى بواسطة ممثل له هو عسكري في الجيش الأميركي.
كما أقر بمسؤوليته عن هجوم عام 1993 على مركز التجارة العالمي في نيويورك وتفجير ملهى ليلي في جزيرة بالي الإندونيسية.
وقال الرجل الذي يعتقله الأميركيون بصفة "مقاتل عدو" منذ أيار/مايو 2003 وكان في حينه قائداً عسكرياً ومسؤولاً عن "دائرة العمليات الخارجية" لتنظيم "القاعدة": "إني أتحمل المسؤولية عن عملية 11 أيلول من الألف الى الياء". وأفاد أنه كان يعد لسلسلة هجمات أخرى بعد 11 أيلول/سبتمبر 2001، ضد "لايبريري تاور" في لوس أنجلس و"سيرس تاور" في شيكاغو و"بلازا بنك" في واشنطن و"إمباير ستايت بيلدينغ" في نيويورك. أضف أنه مسؤول عن التخطيط والتمويل ومتابعة العمليات لتدمير سفن أميركية وناقلات نفط في مضيقي هرمز وجبل طارق ومرفأ سنغافورة، فضلاً عن مشروع لتدمير قناة بناما.
وتحدث رئيس اللجنة العسكرية المؤلفة من ثلاثة أعضاء، والتي تستجوب الشيخ محمد، عن مذكرة خطية "في شأن انتهاكات مزعومة والمعاملة التي عومل بها المحتجز".
ولم تنشر أي تفاصيل عن هذه المعاملة، بيد أن رئيس اللجنة قال إن الشيخ محمد وصفها بأنها "تعذيب". وأشار الى أنها ستعرض على "التحقيق الملائم".
وأكد المتهم أن الإعترافات هذه لم تحصل تحت أي ضغط أو أكراه. بل أنه قارن بن لادن بالرئيس الأميركي الأول جورج واشنطن لأنه "يفعل الشيء ذاته. إنه يقاتل. يريد استقلاله".
ومنذ الجمعة الماضي، يمثل نحو 14 مسؤولاً آخرين من "القاعدة" في قاعدة غوانتانامو، بينهم الشيخ محمد ورمزي بن الشيبة المتهم بالتحضير لهجمات 11 أيلول/سبتمبر، الى "أبو زبيدة" المقرب من زعيم التنظيم أسامة بن لادن، و"حنبلي" واسمه الحقيقي رضوان عصام الدين المشتبه في انه العقل المدبر لهجوم بالي الذي أدى الى سقوط أكثر من 200 قتيل، و"أبو فرج الليبي" وهو مسؤول كبير مشتبه فيه لدى "القاعدة".
ومثل جميع المعتقلين الآخرين في غوانتانامو، وعددهم نحو 370 شخصاً، أمام لجنة مماثلة كلفت تحديد وضعهم.