• هذا ما يؤكده مسؤول سياسي رفيع في حركة حماس في حديث ادلى به لمراسلة صحيفة "هآرتس" عميرة هس. وتكتب هس ان حرب العاشر من رمضان، كما يسمي الفلسطينيون حرب تموز 2014، تعزز مكانة حماس، وهذا يقوله حتى الفلسطينيين الذين لا يؤيدون التنظيم، بشكل يتناقض تماما مع ما يراه الجهاز الأمني الاسرائيلي. وتضيف "ان قدرة حماس على اطلاق الصواريخ على إسرائيل رغم الهجمات الجوية على القطاع يعتبر انجازا، ويأمل الفلسطينيون، من انصار حماس والمعارضين لها، ان يتم ترجمة هذا الانجاز في المسار السياسي، ايضا".
• ويستدل مما يقوله المسؤول السياسي الرفيع في تنظيم حماس غزة لصحيفة "هآرتس" فان هناك من يأملون في التنظيم بحدوث تغيير في مفاهيم "ادارة الصراع" بالنسبة للقيادة الفلسطينية كلها. وقال ان حكومة المصالحة لن تتفكك وليست هناك أي نية للعودة الى ايام الانقسام والتمزق بين قطاع غزة والضفة الغربية، وبين فتح وحماس. واضاف المسؤول الفلسطيني الذي طلب التكتم على اسمه، انه "عندما هاجمت اسرائيل شعبنا في الضفة لم نستطع الصمت، وكان يتحتم علينا ان نظهر كوننا شعبا واحداً وامة واحدة، وانه يتحتم علينا الدفاع عن شعبنا". وفيما يلي نص المقابلة:
• سؤال: الدفاع بأجساد وحياة سكان غزة؟
• جواب: هل تعتقدين أننا لا نتوق الى العيش بسلام ونمو وعدم المعاناة؟ لم نكن نحن من بدأ هذه الحرب. وكل قتلاها حتى الآن هم فلسطينيون، الكثير من الأولاد والنساء. هذه الحرب فرضت علينا، ونحن ندافع عن أنفسنا.
• عندما قررتم تصعيد اطلاق الصواريخ، ألم تعرفوا ان اسرائيل سترد هكذا؟ لقد سبق وعملت ضد المدنيين وكان من المؤكد أنها ستكرر ذلك؟
• جواب: اولا، الصواريخ جاءت ردا على القمع في الضفة: الهجوم على المنازل والاعتقالات الواسعة واعدة اعتقال المحررين في صفقة شليط. لقد تواصل القمع 14 يوما، رغم نفي حماس لأي علاقة لها باختطاف المستوطنين الثلاثة، وعدم توفر أي دليل لدى اسرائيل يثبت وقوف حماس وراء الاختطاف. وعندما بدأت إسرائيل بمهاجمتنا بصورة وحشية، فقد الناس الصبر، وقاموا بالرد على الجرائم في الضفة الغربية. لم يكن بامكانهم الصمت، نحن نعرف ما الذي تستطيع اسرائيل عمله، وكنا نعرف ان اسرائيل ستهاجم، ولكن إسرائيل اعتقدت ان حماس ستصمت لفترة طويلة، ارادوا ان تكون الضفة منقطعة تماما عن غزة. علينا تغيير هذا التوجه والاثبات بأن الفلسطينيين هم شعب واحد، ولا يمكن الفصل بيننا.
• كنا نعرف ان اسرائيل تستخدم القوة المفرطة، لكننا لا نخاف، لسنا على استعداد للتسليم وترك اسرائيل تفعل ما تشاء طوال الوقت وفي كل مكان، بدون رد. نحن نريد العودة الى التهدئة ولكن على اسرائيل احترام اتفاق 2012 ووقف الهجمات الجوية وعمليات الاغتيال والسماح للصيادين بالخروج للصيد وللمزارعين بفلاحة أرضهم، والسماح بفتح المعابر ودخول المواد الخام، واحترام صفقة الافراج عن الأسرى. لقد حاولت اسرائيل التصرف بصفاقة والاثبات بأنه لا يمكن لأحد أن يقول لها لا، ولا يمكن لأحد معارضتها. اذا نظرت الى قائمة القتلى ستجدين ان 95% هم من المدنيين، فأي حرب هذه التي تديرها إسرائيل.
• وصواريخكم؟ فهي أيضا موجهة الى المدنيين؟
• جواب: انتم تعرفون ان هذه صواريخ بدائية لا تملك قوة التدمير الكامنة في صاروخ واحد من صواريخكم، والذي يمكنه تدمير 12 طابقا بضربة واحدة. فكم قتيلا قتلت صواريخنا؟ لا يمكن المقارنة. هذا نوع من الدفاع فقط، نحن نريد الدفاع عن أنفسنا. وكما قلت لك، قبل قتل المستوطنين كان الوضع في غزة يخضع للسيطرة، وبدون مشاكل. اما بعد ذلك، وعندما بدأت إسرائيل العمل ضد رجالنا، فقد كان هناك من قرر انه يجب العمل والاظهار بأننا شعب واحد وانه يتحتم الدفاع عن شعبنا في الضفة الغربية.
• حسب القانون الدولي يعتبر اطلاقكم للصواريخ ايضا غير قانوني.
• جواب: لماذا?
• بدون أي علاقة بالنتائج وبدائية الصواريخ، انها موجهة ضد المدنيين.
• جواب: لا تنسي اننا تحت الاحتلال واسرائيل هي التي تحتلنا وعلينا مقاومتها.
• وكيف سيؤثر ذلك على حكومة المصالحة؟
• جواب: نحن نريد نجاح المصالحة. حماس الآن خارج الحكومة. لكن هذا لا يعني اننا نريد التسبب بمشاكل لها. نحن نريد مواصلة الدعم، فنحن نشكل عاملا حيويا في العملية . يجب ان لا يستنتج احد بأننا نريد الحرب لأننا خارج الحكومة، نحن لا نزال في بداية حكومة المصالحة بعد سبع سنوات من الانفصال، وهذا ليس سهلا. علينا اظهار الصبر والتصرف بحكمة. لن نرجع الى عهد التمزق، هذا قرار ولن يرجع احد في فتح او حماس الى الانفصال والانقطاع.
• هل اتصلوا بك من السلطة في رام الله?
• جواب: نعم اتصل بي مسؤولون كبار، ونحن على اتصال مع بعضنا البعض.
• هل تشعر بالرضا عن موقف السلطة؟
• جواب: لا أشعر بالرضا، فانا اتوقع من السلطة ان تبذل جهدا اكبر وان تساعد الشعب الفلسطيني في غزة وفي الضفة. يتحتم عليها اتخاذ قرارات خلاقة وعدم الاختباء وراء الاتفاقيات، بعد ان اتضح بأن إسرائيل ليست معنية بالسلام. على السلطة التفكير بجدية بتغيير موقفها الاستراتيجي. لقد تحدثت عن ذلك مع عدد من المسؤولين الكبار. لقد اتضح عدم وجود فائدة من المفاوضات، ولا يمكن الانتظار الى ما لا نهاية حتى يتحرك المجتمع الدولي وتحدث تغييرات في الحكومة الإسرائيلية. ما يحدث على الأرض يعتبر مأساة، ويتحتم على السلطة الفلسطينية ان ترتبط بشكل اكبر بالشعب وتفحص مجددا طرق نضالها. هذا جزء من المصالحة التي يجب ان تشمل الجميع كي نرى كيف نحرر وطننا.
• الى جانب اسرائيل?
• جواب: هل تريدين احراجي؟ قلت لك قبل عدة سنوات نحن لا يمكننا منحكم الاعتراف، بعد عدم احترام اسرائيل طوال 23 سنة لالتزاماتها. علينا نحن الفلسطينيين اعادة النظر في كيفية ادارة الصراع. لقد شكلنا حكومة مصالحة كي نطرح برنامجا قوميا وليس حزبيا. ومن بين الطرق المطروحة العمل معا تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية. ليس من الطبيعي ان تتصرف حماس بطريقة وتتصرف فتح بطريقة اخرى، ويسود بينهما التناقض دائما. علينا التحالف والعمل معا، لأن ذلك سيحقق لنا الدعم من كافة الفلسطينيين. هناك من يقفون ضد المفاوضات، وهناك من يعارضون المقاومة (المسلحة).
• لكنكم تفرضون طريقكم العسكري على الأخرين.
• جواب: لا يتعلق الامر بحماس لوحدها، التنظيمات الاخرى اطلقت النار أيضا، بما فيها فتح. كما قالوا في الاخبار لقد اطلقت مجموعة من فتح الصواريخ ايضا. وهناك في فتح من يدعمون المقاومة المسلحة.
• أي مقاومة?
• جواب: صحيح ان هناك اختلاف في الرأي، لكن الفلسطينيين يؤمنون بكل انواع المقاومة، بما في ذلك الكفاح المسلح. انا افضل حل مشكلتنا بالطرق السلمية، لكن إسرائيل عملت طوال عشرين سنة على هدم حلم السلام، بالاستيطان وعدم احترام شريكها، عباس والسلطة. فماذا تبقى؟ إسرائيل لم تعط أي دليل يثبت نيتها بالسلام، ولذلك يجب التفكير بطرق أخرى.
• نتنياهو لم يبحث عن هذه العملية ويريد انهائها بشروطه
• هذا ما يكتبه يوسي فورتر في تقرير ينشره في "هآرتس" ويشير فيه الى ان سياسة الانضباط التي اتبعها نتنياهو ازاء حماس كلفته فقدان الدعم في اليمين، لكن غالبية الاسرائيليين يعتقدون انه انتهج موقفا صحيحا.
• ويقول فورتر ان نتنياهو لم يشرح، لا للجمهور ولا للكنيست، حتى الخميس، قراره بشن عملية "الجرف الصامد" على غزة، ففي ذاكرته لا يزال محفورا الخطاب الدراماتيكي الذي القاه ايهود اولمرت مع قرار الخروج الى حرب لبنان الثانية، قبل ثماني سنوات تماما. وقد اكتفى نتنياهو، حاليا، بتصريحين قصيرين او ثلاث، جاءت وكأنها صدفة. فهو يحذر من استخدام الكلمات الطنانة كـ"الحسم" و"الاجتثاث" و"التحطيم". فقد قام بتخزين هذه الكلمات منذ جلس على كرسي رئاسة الحكومة الذي يرى منه ما لا يراه من هناك، أي من المعارضة. كما ان نتنياهو لم يطرح اهدافا سامية ورنانة للعملية، باستثناء "جباية الثمن البالغ" من حماس. وعندما زار قيادة اللواء الجنوبي، يوم الاربعاء، منح جرعة قصيرة للكاميرات كرر خلالها هذه الرسائل. لقد بدا قاتما ورماديا ومنكمشا، وعكس حضوره رغبة واحدة بأن ينتهي الأمر عاجلا. فنتنياهو، وخلافا لغيره من رؤساء الحكومة يبدو كمن يعرف حدود القوة العسكرية والمخاطر الكامنة في تحرير الرسن.
• ويضيف فورتر: في ظل الانتقادات التي سمعها من جهة معسكره السياسي، واتهامه بالتردد عندما حافظ على الانضباط طوال خمسة أيام رغم القصف الصاروخي على الجنوب، الا ان غالبية الاسرائيليين يقدرون سلوك نتنياهو بالذات. والحقيقة ان ذلك كان في صالحه. فطوال الايام الماضية دكت الطائرات الإسرائيلية غزة، وقتلت عشرات الفلسطينيين، غالبيتهم أبرياء، وجرحت المئات، ولم تطالب أي دولة إسرائيل بوقف اطلاق النار. كما ان الاستطلاع الذي نشرته "هآرتس" يوم الاربعاء بيّن ان نسبة عالية تؤيد توقيت العملية، مقابل الذين يعتقدون انه كان يتحتم عليه اصدار الأمر قبل اسبوع.
• ويضيف ان نتنياهو بدا من خلال محادثات اجراها مع شخصيات سياسية خلال الأيام الأولى للحملة العسكرية، كمن يبحث عن اوسع دعم. ولم يخف خلال احدى المحادثات امتعاضه من بعض وزراء اليمين الذين صوروه كمتردد وانهزامي، دون ان يشاهدوا الصورة الواسعة، كما تحتم مكانتهم، ودون ان يفهموا الحتمية الاستراتيجية الكامنة في ضبط النفس. وقال عضو الكنيست ارييه درعي انه يعتقد بأن نتنياهو يبدو "موزونا"، وأضاف: "لا اعتقد ان نتنياهو يعرف تماما ما الذي سيفعله بعد عدة أيام، لم يبد لي انه يتوق الى احتلال غزة، لكنه تحدث عن الحاجة الى الاستعداد لمعركة طويلة وصعبة والتي قد تشمل اجتياحا بريا".
• ويكشف فورتر تفاصيل محادثة هاتفية اجراها نتنياهو مع رئيسة حركة ميرتس عندما كان في طريقه الى مقر وزارة الامن في تل ابيب يوم الثلاثاء. فقد نصحته زهافا غلؤون بعدم الاستماع الى مثيري الحرب في المجلس الوزاري المصغر، وعدم خوض معركة برية ستكلف الكثير من الضحايا في الجانبين ولن تحقق أي تغيير على المدى الطويل. وقد سألها نتنياهو ما الذي تقترحه، فقالت: "يتحتم عليك معاقبة حماس، ولكن السعي، ايضا، الى خطوة سياسية، بمساعدة المصريين، تقود الى وقف اطلاق النار". ويقول فورتر انه بعد عدة ايام سيشغر "بنك الاهداف" في غزة، وسيبقى كل ما كان يجب تدميره مجرد اكوام من الدمار والدخان، وسيثور السؤال مجددا: كيف يتم الخروج من ذلك؟
• ويذكر فورتر بمحادثة اجراها شمعون بيرس عشية حرب لبنان الثانية مع ايهود براك، سأله خلالها: مع العمل، فاقترح عليه براك التوجه الى القائد العام للجيش، دان حالوتس آنذاك، وسؤاله عما اذا كان يعرف كيف ينوي انهاء العملية؟ واوضح ان هذا هو الأمر الذي يجب معرفته عندما يتقرر الخروج الى عملية عسكرية.
• ويقول فورتر ان بيرس صوت بقلب مثقل بالهموم الى جانب العملية التي تطورت الى حرب، قادت الى اجتياح بري دام وسببت صدمة في لحظاتها الأخيرة. والبقية معروفة مما كتب في تقرير لجنة فينوغراد (التي حققت في اخفاقات الحرب).
• وحسب فورتر فقد تم جر نتنياهو الى معركة غزة الحالية رغما عنه. لقد صك على أسنانه طوال ايام، ونقل رسائل الى الجانب الثاني بشأن رغبته بالتوصل الى هدوء، وكان يأمل أن تقوم حماس بوقف اطلاق النار. وكان سيسره بالتأكيد العودة الى اللهجة التي رسخها شارون في خضم الانتفاضة الثانية، بقوله ان "التجمل بالصبر يعتبر قوة". ولكن في الجناح اليميني اصبح هذا المصطلح رمزا للسلوك المترهل والجبان والخسيس.
• ويضيف ان عملية السور الواقي التي اشارت الى بداية نهاية الانتفاضة الثانية، ساعدت شارون على مسح اخطاء الانضباط والاحتواء، وبعد تسعة أشهر، في مطلع 2003، حقق انتصارا كبيرا في انتخابات الكنيست. وبالنسبة لنتنياهو يقول فورتر انه يعرف بأن اليمين، سواء الايديولوجي او العدواني، يشعر بخيبة أمل منه منذ ما قبل بدء فترة ضبط النفس. وقد وصل إلى عملية الجرف الصامد، ضعيفا وجريحا: فسلوكه في قضية الانتخابات الرئاسية الحقت به ضربه قاسية، خصوصا الليكود واليمين بشكل عام. وفي المقابل، يتهمه معسكر المركز - اليسار بعدم القيام بما يكفي للحفاظ على العملية السياسية. وبعد فترة وجيزة، عندما يشعر هرتسوغ وغلؤون بحرية أكبر، سيبدآن بملاحقته وحثه على الربط بين انهاء العملية العسكرية ومبادرة سياسية ما تقود الى استئناف المفاوضات مع ابو مازن. بل يرى فورتر انهما بدءا ذلك ولكن على مستوى منخفض، وسينضم اليهما بالتأكيد، بقوة أقل، تسيبي ليفني ويئير لبيد. الا ان استئناف المفاوضات يبدو كمهمة مستحيلة. فاي ثمن سيضطر نتنياهو الى دفعه وما الذي سيوافق عليه؟ هل سيوافق على اطلاق سراح الأسرى؟ ومن سيسمح له بإطلاق سراح أسير واحد بعد اختطاف وقتل الفتية الثلاثة؟ وهل سيجمد البناء في المستوطنات؟ لن يفعل ذلك بتاتا، لأن حزبه والبيت اليهودي ويسرائيل بيتينو سيفشلون ذلك.
• وعليه يقول فوتر ان نتنياهو لا يرى ما يدعو الى التفاؤل بعد العملية العسكرية. فلا شيء جيد يهدده، اذ ليس لديه حلفاء وشركاء طريق سياسي، لا في الائتلاف ولا في المعارضة. ذات مرة كان لديه افيغدور ليبرمان، لقد سارا معا في الانتخابات والمفاوضات الائتلافية وخلال الأشهر التي تلت ذلك، لكن هذا انتهى. اما يئير لبيد وتسيبي ليفني فيطمحان الى استبداله بأي شكل كان، وهما يجريان محادثات مكثفة ومتواصلة يناقشان خلالها امكانية توحيد حزبيهما وخوض الانتخابات القادمة معا. واما هرتسوغ الذي يظهر ان الارتباط بينه وبين ليفني يعتبر مطلوبا وطبيعيا، فانه بالذات يمتنع حاليا عن طرح أي اقتراح عملي. وبشكل ساخر، يبدو ان رئيس الحزب الوحيد الذي يمكن لنتنياهو ان يعتمد عليه مستقبلا، هو نفتالي بينت. فمع كل الكراهية والعبوات المشحونة والرواسب والحسابات ومشاعر الانتقام وسارة... فان المشترك بينهما في نهاية الأمر يتغلب على ما يفرقهما.

البوابة