قررت لجنة تابعة للأمم المتحدة تحقق في مقتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري أخذ عينات من الهواء في خمس دول بالشرق الأوسط بعد ان اكتشفت ان المفجر الانتحاري الذي نفذ الهجوم نشأ في مدينة ترتفع فيها معدلات التلوث.
وقال رئيس لجنة التحقيق القاضي البلجيكي سيرج برامرتز إنه توصل إلى أدلة جديدة في الجريمة، وأضاف في التقرير السابع عن عمل اللجنة الذي قدّمه الى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ووزع الخميس على أعضاء مجلس الأمن الدولي إن اللجنة تمكنت من حصر الدوافع التي أدت إلى اغتيال الحريري وإن الأوضاع السياسية والأمنية الحالية في لبنان تجعل من الصعب على اللجنة التي يرأسها إنهاء عملها في حزيران/يونيو المقبل، طالباً تمديد عملها لفترة إضافية.
وأضاف برامرتز إن اللجنة "تستمر في تلقي الإجابات من الجمهورية العربية السورية التي توفر معلومات وتسهّل إجراء مقابلات مع أشخاص موجودين على الأراضي السورية. ويبقى هذا التعاون عاملاً مهماً في عمل اللجنة".
وأشار "إلى تحقيق تقدّم في جمع أدلة جديدة وتوسيع قاعدة الأدلة المجموعة ما أدى إلى تمكين اللجنة من تحديد تركيزها في عدد من النواحي خاصة في ما يتعلق بفهمها للدوافع التي تقف خلف عملية تنفيذ الجريمة".
وأشارت اللجنة إلى أن التقرير الأولي الذي حصلت عليه من خبراء مستقلين وخارجيين "يعزز التقييم السابق للجنة بأن انفجاراً واحداً وقع في الساعة 05:55:12" ما أدى إلى مقتل الحريري ورفاقه.
وذكرت اللجنة أنها تمكنت من تفسير الأقوال بسماع صوت انفجارين بطريقة علمية وأن ذلك يعود إلى الترددات الصوتية، وأن الأدلة التي جمعت من مسرح الجريمة تؤكد وقوع انفجار فوق الأرض فقط.
ويضيف التقرير أن الاكتشافات التقنية الأولية لا ترجح حدوث عملية التفجير من الجو إلا أن اللجنة "تنوي القيام بمهمة اكتشاف حقائق تتضمن إجراء مقابلات ولقاءات مع خبراء مختصين من أجل فهم أعمق لهذه النظرية وسوف تقدّم بعض النتائج في تقريرها المقبل".
وذكر براميرتز في وقت سابق ان المفجر الانتحاري المشتبه به والذي قتل الحريري و22 اخرين يوم 14 شباط /فبراير 2005 لم يمض فترة شبابه في لبنان ولكن من الأرجح انه أمضى شهرين أو ثلاثة أشهر هناك قبل موته.
وقال التقرير بعد اجراء تحاليل على رفات المفجر الانتحاري "تستطيع اللجنة ان تضيف الان أن الرجل تعرض بشكل كبير للتلوث الناجم عن الرصاص في بيئة حضرية حتى سن 12 عاما تقريبا وان هذا التعرض للتلوث انخفض خلال خلال الأعوام العشرة الأخيرة من حياته وهو ما يحتمل ان يشير الى انه عاش في بيئة ريفية خلال هذه الفترة."
وقال التقرير ان اتباع هذا النهج بهدف تحقيق تقدّم في تحقيقاتها ادى الى جمع "112 عينة من 28 موقعاً في سورية ولبنان، وأنها سوف تقوم خلال الأسابيع القليلة المقبلة بجمع عينات من دول أخرى في المنطقة".
وأشارت اللجنة إلى تقريرها السابق الذي أوضحت فيه قضية أحمد أبو عدس الذي ظهر على شريط الفيديو الذي زعم فيه تحمله مسؤولية اغتيال الحريري وبثته فضائة "الجزيرة".
وقالت اللجنة إنها "تدرك أن أبو عدس كان على معرفة بأشخاص يرتبطون بمجموعات متطرفة على الأقل لأنهم كانوا يرتادون مكان العبادة نفسه الذي كان يرتاده عادة. لقد أجرت اللجنة تحليلات مكثفة لسجلات الاتصالات الهاتفية المتعلقة بأحمد أبو عدس بما في ذلك تحليل سجل الاتصالات الهاتفية من منزله ومكان عمله وللخطوط التي يملكها شركاؤه المزعومون".
وأضافت "إن الفرضية العملية هي أن أحمد أبو عدس إما كان مكرهاً أو مخدوعاً حتى يسجل شريط الفيديو الذي يعلن فيه مسؤوليته. وادعاء المسؤولية الذي تلاه في الشريط المصور كان نيابة عن مجموعة، وهو لم يقل إنه سيكون من سينفّذ الهجوم".
وتابع التقرير «من مصلحة التحقيق الإشارة إلى الرسالة التي أرفقت مع الشريط في 14 شباط/فبراير 2005 والتي جاء فيها أن المفجر هو أبو عدس نفسه. تعتقد اللجنة من الاكتشافات الجنائية التي توصلت إليها أن هذا الأمر غير مرجح بنسبة كبيرة".
واضاف "ستقوم اللجنة خلال الاسابيع القادمة بجمع عينات من ثلاث دول اخرى في المنطقة وحددت دول اخرى لمجموعة اخرى من البعثات لاخذ العينات."
وأضافت اللجنة أن المسألة "حول العبث في مسرح الجريمة وإعاقة التحقيق نتيجة إزالة بعض البقايا منه لا تزال موضع تحقيق. تقوم اللجنة بتحليلات وسوف تقوم ببعض الخطوات الإضافية من أجل إيضاح ما إذا كان هذا العمل مقصودا".
وأشارت اللجنة إلى أنها درست نظرية افتراضية حول وجود فريق للتفجير "كان عليه التأكد من أن الحريري قتل فعلاً بعد التفجير من أجل نشر فيلم الفيديو الذي يزعم من خلاله تحمله المسؤولية. من المحتمل أن يكون هذا الفريق وأولئك الذين فوضوه بتنفيذ العملية غير قادرين على الزعم بتحمل المسؤولية إذا نجا الحريري من الانفجار، وبالتالي فإن اللجنة تقوم بدرس نظرية أن يكون أحد أعضاء الفريق أو شريك له كان مكلفاً بمهمة تأكيد مقتل الهدف الرئيسي بأقرب وقت ممكن وأن يكون قد اتصل بشخص ينتظر هذه المعلومة".
وأشار التقرير إلى أن اللجنة "تعتقد أنه إضافة إلى الأشخاص المتورطين في الجريمة مباشرة وأولئك الذين خططوا وقرروا متى يجب أن تقع، فإن بعض الأشخاص الآخرين قد يكونون على معرفة سابقة بالهجوم. بعض هؤلاء الأشخاص على الأرجح كانوا على معرفة جزئية بالمعلومات، مثلاً حول القنبلة، لكن ليس عن الشخص المستهدف، أو أن يكونوا على علم بأن الحريري هو الذي سيقتل، لكن دون أن يعرفوا الموعد المحدد".
وأضاف "تحقق اللجنة في نظريات تشير إلى أن البعض عرف الهدف ووقت الهجوم، وقد أبلغوا بذلك لأسباب محددة".
وأشارت اللجنة إلى أنها جمعت كمية مهمة من الأدلة والمعلومات المتعلقة بحياة رفيق الحريري خلال الأشهر الـ15 الأخيرة، وإلى أن "هذه المسائل حددت اهتمامات رفيق الحريري خلال هذه الفترة: قرار مجلس الأمن الدولي رقم ،1559 والنتائج السياسية لتطبيقه؛ تمديد ولاية الرئيس اللبناني إميل لحود؛ الديناميات الشخصية والسياسية التي كانت قائمة بين الحريري والفرقاء السياسيين الآخرين في لبنان وسوريا ودول أخرى؛ التحضيرات والمناورات التي سبقت الانتخابات النيابية في أيار/مايو 2005 . تعتقد اللجنة على الأرجح أن مزيجاً من هذه العوامل خلق البيئة التي نشأ منها الدافع والنية لقتله".
وأشارت اللجنة إلى أنه :بموجب التزامات الجمهورية العربية السورية المنصوص عنها في قرارات مجلس الأمن الدولي 1636 (2005) و1644 (2005) والتفاهم المشترك الذي تم التوصل إليه بين اللجنة والجمهورية العربية السورية في العام ،2006 فإن تعاون سورية مع اللجنة يبقى مرضياً إجمالا"..
وذكرت اللجنة أنها أشارت في تقريرها الأخير إلى أنها لم تتلق إجابات على أسئلة وجهتها إلى 10 دول أعضاء في الأمم المتحدة "غير أن اللجنة عقدت عدة اجتماعات مع سفراء هذه الدول لمناقشة الطلبات السابقة التي تقدمت بها ونتيجة لهذه الاجتماعات تم حل جميع المسائل العالقة تقريباً وتلقت الإجابات المطلوبة وتم إدراج آليات مناسبة لتسهيل حل المسائل المتبقية".
وختمت اللجنة أنها خلال المرحلة المقبلة من تقريرها سوف تبقي على تركيزها على التحقيقات وأنه تم تحديد نحو 250 شخصاً يجب مقابلتهم وأنها سوف تجري مقابلات مع 50 منهم خلال الأشهر الثلاثة المقبلة".
وقالت "وأخيراً تستمر اللجنة في العمل في انتظار تشكيل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. وعلى ضوء النشاطات التي تنوي القيام بها فمن غير المرجح أن تنهي اللجنة عملها قبل انتهاء فترة تفويضها في حزيران/يونيو 2007 . إن اللجنة بالتالي، ترحب بطلب تمديد فترة انتدابها لفترة إضافية".
ووافقت الحكومة اللبنانية ومجلس الامن على خطط لاقامة محكمة خاصة لمحاكمة قتلة الحريري رغم اعتراضات من المعارضة بقيادة حزب الله ومن الرئيس اللبناني اميل لحود المؤيد لسوريا.
وستعرض الادلة التي يجمعها برامرتز على المحكمة. وطلب مجلس الامن ايضا من برامرتز التحقيق في 16 قضية أخرى لها دوافع سياسية منها اغتيال وزير الصناعة اللبناني بيار الجميل في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر.