توالت ردود الفعل على التحول السياسي الخطير في رؤية الادارة الاميركية لحل النزاع الفلسطيني الاسرائيلي الذي عبر عنه امس الرئيس الاميركي جورج بوش بشطبه حق العودة واعترافه بحق اسرائيل بالاحتفاظ باراض فلسطينية.
وتبع تصريحات بوش تصعيد اسرائيلي ميداني عبر عن نفسه بتوغل لقوات الاحتلال في رفح وقصف بالمروحيات ادى الى اصابة عدد من الفلسطينيين.
غضب فلسطيني
فقد استنكرت القيادة الفلسطينية التصريحات تصريحات بوش وطلبت اجتماعا عاجلا للجنة الرباعية مشيرة الى انه لا يمكن لاحد اتخاذ القرار نيابة عن الفلسطينيين فيما وجه انان انتقادات حادة للرئيس الاميركي
و اعلنت القيادة الفلسطينية انها ستعقد اجتماعا لها صباح اليوم، الخميس، للتباحث في التعهدات التي منحها يوش لشارون
وكانت القيادة الفلسطينية اعلنت في اجتماع طاريء عقدته الاربعاء انها في حالة انعقاد دائم لدراسة جميع الاحتمالات والخيارات بناء ما وصفته بـ " التطور الخطير في تاريخنا المعاصر" اثر تلقي القيادة الفلسطينية معلومات عن محتوى الاتفاق الذي يسعى شارون للوصول إليه مع الرئيس الأميركي جورج بوش
واوضحت القيادة الفلسطينية في بيان لها صدر باعقاب اجتماع عاجل ان القيادة الفلسطينية " تحذر من مخاطر التوصل إلى مثل هذا الاتفاق لأنه يعني بوضوح قاطع الإنهاء الكامل لعملية السلام وحسم القضايا التي كانت مطروحة على جدول أعمال مفاوضات الحل النهائي لصالح المفهوم الأكثر توسعية وعدوانية عند اليمين المتطرف الإسرائيلي وإنما سيؤدي ذلك إلى تدمير فرص عملية السلام والأمن والاستقرار في المنطقة وإطلاق دورة العنف فيها، وسينهي جميع الالتزامات والاتفاقيات الموقعة وفق ما يسعى إليه شارون وحكومته المتطرفة. وقال البيان إن هذه الصفقة التي يصر عليها شارون إنما تتم على حساب الشعب الفلسطيني والأمة العربية من وراء ظهر قيادته الشرعية ودون علمها هي عملٌ غير مشروع لصالح الاحتلال الغاشم والاستيطان والجدار العنصري غير الشرعي وندعو شعبنا وجميع الدول العربية وكل الدول الإسلامية والمسيحيين في العالم ودول عدم الانحياز ودول العالم والأحرار والشرفاء في العالم ولقوى السلام في إسرائيل والأمم المتحدة واللجنة الرباعية إلى رفض هذا المشروع وعدم التعاطي معه لأنه يتناقض مع قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي ويلغي خطة خارطة الطريق ويمس دور الولايات المتحدة كراع لعملية السلام. وقالت القيادة الفلسطينية في بيانها " ان هذا الاتفاق الذي يسعى إليه شارون يمس لأول مرة قضية اللاجئين وحدود عام 1967 بما فيها القدس الشريف ويغطي على الوجود غير الشرعي للكتل الاستيطانية وتوسيعها على الأرض الفلسطينية والجدار العنصري الذي يصادر 58% من أرضنا في الضفة، كما أنه يستبدل خطة خارطة الطريق بمخطط شارون للتوسع والاحتلال والاستيطان ولاستكمال بناء جدار العزل العنصري ومنع قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف
واضاف البيان " كما أن الانسحاب المشروط من غزة مع استمرار سيطرة إسرائيل على حدود القطاع مع مصر وعلى الأجواء البحرية والجوية والبرية هو دليل واضح أن هذا ليس انسحاباً بل تحويل القطاع إلى معزل وسجن كبير وهذا مخطط أيضاً ضد القدس الشريف وضد مقدساتنا المسيحية والإسلامية
قريع
من جهته قال رئيس الوزراء الفلسطيني، أحمد قريع، ان تأكيد الرئيس الاميركي جورج بوش لاسرائيل ان بمقدورها الاحتفاظ بجانب من أراضي الضفة الغربية المحتلة هو امر غير مقبول. وقال للصحفيين ان بوش هو أول رئيس أميركي يضفي شرعية على المستوطنات اليهودية في الاراضي الفلسطينية وان الفلسطينيين يرفضون هذا ولن يقبلوه، مضيفا ان ما من احد في العالم يملك الحق في التفريط في الحقوق الفلسطينية
ودعا قريع اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الاوسط التي تضم الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة والولايات المتحدة وروسيا لعقد مؤتمر دولي لمناقشة تجاهل الحقوق الفلسطينية.
ووصف قريع تصريحات بوش بانها ضربة شديدة. وقال ان الفلسطينيين لن يتعاملوا مع حلول منفردة ولن يتعاملوا الا مع القانون الدولي وخارطة الطريق.
اسرائيل
اما في اسرائيل فقد وجدت تصريحات الرئيس الاميركي ترحيبا شديدا من قبل اليسار واليمين كما من المسؤولين والاعلام.
واعتبرت الصحف الاسرائيلية جميعها تصريحات بوش بمثابة انتصار شخصي لرئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون يعود مسلحا به في مواجهة فضائحه المالية وخصومه السياسيين سواء داخل حزبه ام خارجه.
ردود فعل
وتوالت ردود الفعل العربية والدولية على اعلان الرئيس الأميركي جورج بوش.
مبارك
وفيما التزمت الدول العربية الصمت حتى الان فقد كان الرئيس المصري حسني مبارك اول مسؤول عربي يعلق على هذا التحول الخطير في السياسية الاميركية.
وجاءت تعليقات مبارك مبهمة وخجولة اذ لم تتناول جوهر تصريحات بوش والوعود التي قدمها لاسرائيل.
وشدد مبارك فقط على ضرورة ان "تتحدث مع الفلسطينيين قبل الشروع في تنفيذ خطتها المثيرة للخلاف للانسحاب من قطاع غزة مع الاحتفاظ ببعض المستوطنات في الضفة الغربية".
وقال مبارك ان التحرك من جانب واحد لن يتمخض الا عن خلق مزيد من المشكلات في المنطقة المضطربة. واضاف قوله "اعتقد ان مثل هذه المبادرة من وجهة نظري يجب ان تناقش مع الفلسطينيين."
وقال مبارك في اجابة على اسئلة من الحضور بعد ان ألقى كلمة في جامعة رايس في هيوستون "الانسحاب من غزة يحتاج قبل كل شيء الى اعداد جيد من الجانب الفلسطيني للحفاظ على الامن والاستقرار. عليهم ان يعدوا قوة امنية والمعدات وكل شيء".
ولم يتحدث مبارك بشان المستوطنات في الضفة الغربية المقامة على اراض يعتبرها الفلسطينيون ارضهم.
وقال مبارك انه من الضروري تبني اي مبادرة كجزء من خطة خارطة الطريق الى السلام التي تدعو الى انشاء دولة فلسطينية بحلول عام 2005.
وقال مبارك الذي اجتمع بالرئيس الاميركي بوش في مزرعته في تكساس يوم الاثنين "اذا فرضت اي شيء فانهم سيرفضونه. هذا هو السبب في ان هناك كثيرا من الانتقادات (لاقتراح شارون)."
انان
اما الامين العام للامم المتحدة كوفي انان فقد كان اول مسؤول اممي يعلق على تصريحات بوش وكان اكثر وضوحا في موقفه من الرئيس المصري حيث وجه انتقادات حادة لهذه التصريحات وان كان لم يشر بالاسم للرئيس الاميركي.
وقال المتحدث باسم الامم المتحدة استيفاني ديواريتش إن التحول في السياسة الاميركية يرمي على ما يبدو إلى القفز على المفاوضات بين الاسرائيليين والفلسطينيين، والتي تعتبر ضرورية لأي تسوية سلمية نهائية.
وأضاف أن انان ما زال يشدد على موقفه القائل بان التفاصيل التي ما زالت قيد البحث في اتفاق سلام الشرق الاوسط "يجب أن تحسم في مفاوضات بين الاطراف استنادا إلى قرارات مجلس الامن ذات الصلة".
وأوضح ديواريتش أن عنان يؤمن بقوة بان الاسرائيليين والفلسطينيين "يجب أن يتجنبوا اتخاذ اي اجراءات قد تعيق أو تضر نتائج مثل هذه المحادثات
وكان الرئيس الاميركي قد اعرب عن دعمه وتأييده للخطة التي يروج لها شارون، ووصفها بأنها "تاريخية وشجاعة"، مشير إلى أن المستوطنات اصبحت "واقعا جديدا على الارض" ومن غير الواقعي معها أن تتراجع اسرائيل الى حدود عام 1967.
واقفل الرئيس بوش الباب على اللاجئين الفلسطينيين أمام حقهم في العودة إلى داخل الحدود السياسية لإسرائيل، داعيا إلى توطينهم في الدولة الفلسطينية التي ستقام في المستقبل.
وتعكس تصريحات بوش ايضا تحولا لجهة ان قرارات الامم المتحدة وخاصة قراري مجلس الامن الدولي 242 و 383 لم تعد قرارات ملزمة يجب تطبيقها بل اصبحت مع هذا التحول السياسي الاميركي قرارات قابلة للتفاوض وهو ما ما يتناقض مع ميثاق الامم المتحدة وموقف المجتمع الدولي منذ اتخذت هذه القرارات قبل اكثر من ثلاثين عاما وحتى الان.
كما ان بوش بتصريحاته هذه قفز عن العديد من القرارات التي صدرت من مجلس الامن الدولي تدعو اسرائيل إلى التخلي عن المستوطنات التي اقامتها عقب احتلالها الضفة وغزة في حرب حزيران/ يونيو عام 1967.
الوضع الميداني
وعلى صعيد الوضع الميداني فقد واصلت اسرائيل تصعيد عدوانها على الشعب الفلسطيني فقد اعلنت مصادر طبية فلسطينية ان 15 فلسطينيا جرحوا صباح اليوم في صاروخ اطلقته مروحية اسرائيلية خلال توغل للجيش الاسرائيلي في مخيم رفح للاجئين الفلسطينيين جنوب قطاع غزة. وقالت المصادر ان الجرحى سقطوا عندما اطلقت مروحية اسرائيلية صاروخا باتجاه مجموعة من الفلسطينيين بينما كانت جرافات اسرائيلية تدمر منزلين في المنطقة.
وكان أكد شهود عيان أن قوات إسرائيلية مزودة بالدبابات والجرافات قد دخل مخيم رفح للاجئين على الحدود المصرية مع قطاع غزة صباح الخميس.وقال الشهود إن القوات الإسرائيلية توغلت لمسافة 350 مترا تقريبا وقامت بإزالة منزلين فلسطينيين.
ومن جانبها، قالت المصادر الإسرائيلية إن العملية كانت تهدف للبحث عن أنفاق لتهريب السلاح من مصر بعدما أفادت تقارير أمنية أن عملية تهريب في طريقها للتنفيذ.وأوضح الشهود الفلسطينيين أن القوات الإسرائيلية كانت تتضمن 26 مركبة من بينها دبابات وعربات مصفحة لنقل الجنود، وأربع جرافات، ومروحيتين من طراز أباتشي.وقال الشهود إن القوات المتوغلة قامت بإطلاق النيران بكثافة—(البوابة)—(مصادر متعددة)