قالت الحكومة العراقية ان مؤتمر بغداد الدولي انتهى بنجاح إذ اتفقت الدول المشاركة على وقف العنف الطائفي بالبلاد فيما أثار السفير الاميركي ببغداد مشكلة التدخل الإيراني مباشرة مع وفد طهران.
بغداد: المؤتمر كان ناجحا
أشار العراق الى أن دول الجوار والقوى العالمية بما في ذلك الولايات المتحدة وايران وسوريا اتفقوا في بغداد على أن وقف العنف الطائفي ومنعه من الانتشار الى دول أخرى في المنطقة أمر حيوي.
ولكن في الوقت الذي أمر فيه الرئيس الاميركي جورج بوش يوم السبت بإضافة 4400 جندي اخرين لقوة مؤلفة من 21500 جندي اضافيين كان قد صرح بها من قبل بالفعل دعت ايران الى انسحاب كل القوات الاميركية من العراق على أساس انها تؤجج العنف.
وبعد المحادثات التي جرت في بغداد يوم السبت بين مسؤولين كبار قالت الولايات المتحدة ان تركيا عرضت استضافة مؤتمر للمتابعة على مستوى وزاري في ابريل نيسان وان وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس ستحضر الاجتماع.
وانفجرت قذيفتان مورتر قرب المبنى الذي استضاف مؤتمر بغداد يوم السبت بعد وقت قصير من بدء المحادثات. وفي مكان اخر في العاصمة العراقية بغداد أسفر هجوم انتحاري بسيارة ملغومة عن مقتل ستة جنود عراقيين واصابة نحو 20 في يوم اخر من أعمال العنف.
وحث رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي دولا أخرى في المنطقة الغنية بالنفط على التوقف عن مساندة المسلحين وبذل قصارى جهدها لمساعدة بغداد قائلا ان من مصلحة الجميع وقف العنف الطائفي والحيلولة دون انتشاره في دول أخرى بالمنطقة.
وقال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في مؤتمر صحفي ان الاجتماع كان بناء وايجابيا من حيث الاجواء التي عقد فيها والاطراف المشاركة. وأضاف أن النقاشات في المؤتمر "تركزت أساسا على تعاون وحرص الجميع على تحقيق الامن والاستقرار في العراق."
وتابع أن لجانا تشكلت لمناقشة قضايا الامن واللاجئين والوقود والطاقة.
ودعا العراق لعقد المؤتمر لحشد الدعم الاقليمي لانهاء العنف الطائفي الذي يهدد بتمزيق البلاد وأودى بحياة عشرة الاف شخص وأدى الى هروب نحو مليوني شخص الى الخارج بعد أربع سنوات من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للاطاحة بالرئيس السابق صدام حسين.
وقال زلماي خليل زاد سفير الولايات المتحدة لدى العراق للصحفيين "لا توجد دولة ممثلة حول المائدة سوف تستفيد من تفكك العراق بل أن الجميع سيعانون بشدة."
وأضاف أنه تحدث مباشرة إلى المسؤولين الايرانيين وفي نقاشات جماعية إلا أن أكبر مسؤول إيراني في المؤتمر نفى أنه اجرى أي محادثات خاصة مع مسؤولين أميركيين خلال الاجتماع.
وتتهم واشنطن سوريا وإيران بمساندة المسلحين في العراق وهي تهمة تنفيها البلدان.
وتخشى الدول العربية السنية المجاورة للعراق بقيادة المملكة العربية السعودية أن يتصاعد العنف ويؤدي إلى انزلاق البلاد صوب حرب أهلية شاملة وأن يمتد إلى خارج العراق كما يشعرون بالقلق من تزايد نفوذ الشيعة الذين يمثلون الأغلبية في العراق ومن نفوذ إيران الشيعية في البلاد.
وقالت تركيا إنها ستعارض انفصال منطقة كردستان بشمال العراق التي تتمتع بحكم ذاتي خشية أن يشجع ذلك المشاعر الانفصالية بين سكانها من الأكراد.
وضم مؤتمر بغداد يوم السبت مسؤولين من جيران العراق والأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن وهم الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا ودولا عربية.
وفي كانون الثاني/يناير أمر بوش بارسال 21500 جندي إضافيين للعراق ومعظمهم ينتشر في بغداد لاشاعة الاستقرار هناك. وهناك نحو 140 ألف جندي أميركي في العراق في الوقت الحالي.
وبالاضافة إلى إيجاد سبل لوقف جرائم القتل في العراق كان المؤتمر فرصة نادرة لاجتماع الخصوم القدامى الولايات المتحدة وإيران وسوريا.
ولا ترتبط الولايات المتحدة بعلاقات دبلوماسية مع إيران لكنها أجرت معها اتصالات دبلوماسية في مناقشات متعددة الأطراف إلا أنها كانت ترفض المحادثات الثنائية مع طهران.
وللولايات المتحدة علاقات دبلوماسية مع سوريا لكنها سحبت سفيرها لدى دمشق في أوائل عام 2005 ولم تجر أي اتصالات دبلوماسية على مستوى رفيع معها على مدار العامين المنصرمين.
خليل زاد وايران
واعلن سفير الولايات المتحدة في العراق زلماي خليل زاد انه اثار مباشرة خلال المؤتمر مسالة تدخل ايران في الاراضي العراقية وهي الاتهامات التي رفضتها طهران.
وفي مقابلة مع شبكة "ان بي سي" سجلت السبت وستبث الاحد قال خليل زاد انه تحدث مع نظيره الايراني لبضعة دقائق عند افتتاح المؤتمر حول امن العراق الذي ضم الدول المجاورة للعراق والدول الكبرى.
ورغم انه اقر بعدم حصول محادثات مباشرة "مهمة" بين ايران والولايات المتحدة قال خليل زاد انه اثار لدى الموفد الايراني مسالة الاتهامات الموجهة لايران بتزويد المتمردين العراقيين بالاسلحة.
وقال السفير الاميركي "لقد ذكرت تحديدا الدور السلبي الذي لعبته الدول المجاورة ولا سيما تلك التي تقدم اسلحة ومال وتلك التي تدلي بتصريحات مثيرة للاستفزاز".
واضاف "لقد اثرت هذه المسائل معهم وسنرى اثر هذا الاجتماع وما يعتزمون القيام به ... هل سيتوقفون عن تقديم الاسلحة والتدريب والاموال للمسلحين ومجموعات صغيرة اخرى؟".
وردا على سؤال حول ما اذا نفى الايرانيون نقل الاسلحة للعراق اجاب خليل زاد "نعم لقد نفوا واثاروا من ناحيتهم مسألة توقيف بعض المسؤولين الايرانيين وهذا ما قمت بالرد عليه".
وقال ايضا "سوف نراقب تصرفاتهم وهذا هو المهم في نهاية المطاف ولكن الاجتماع والمحادثات التي جرت اليوم (السبت) كانت بناءة".
واشار الى ان "الجو العام كان للعمل وللحوار البناء ولم يحتدم النقاش بل كانت المحادثات عادية وصريحة وحتى تخللها بعض المزاح".
وقطعت واشنطن علاقاتها الدبلوماسية مع ايران منذ عقود وترفض اجراء حوار مباشر معها الى ان تجمد طهران برنامجها النووي. لكن في الاسابيع الماضية بدت الولايات المتحدة اكثر انفتاحا ازاء اجراء اتصال مباشر مع ايران.
لكن خليل زاد قلل من اهمية فكرة حصول تغيير في السياسة الاميركية. وقال ان "اجتماع اليوم (السبت) حصل في اطار متعدد الاطراف وركز على العراق بدعوة من الحكومة العراقية. وبالتالي برأيي انه ليس تغييرا في السياسة وانما امرا كما نقول اننا سنقوم به منذ فترة".
من جهة اخرى اوضح الدبلوماسي الاميركي ان المباحثات حول اعادة اعمار العراق كانت مثمرة وان المشاركين وافقوا على تشكيل مجموعات عمل حول مسائل الامن واللاجئين والنفط والكهرباء. وقال ان "تبادل الاراء كان جيدا وسنرى ما سيحصل على الارض لكنني اعتقد ان الاجتماع كان ايجابيا كخطوة اولى".
وكان السفير الاميركي قال السبت في ختام المؤتمر للصحافيين ان الوفدين الاميركي والايراني اجريا "محادثات بناءة وفعالة". واضاف "التقيتهم مباشرة بوجود الاخرين وتحدثت معهم حول الطاولة وابلغتهم قلقنا (...) لقد تركزت المناقشات على العراق".