عبر العراق الاربعاء، عن أسفه لقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، فيما دعت مصر الى إشراك الدول العربية في أي حوار يتعلق باحتمالات تعديل الاتفاق.
وأشاد معصوم بقرار الأطراف الأخرى الموقعة على الاتفاق في 2015 مواصلة الالتزام به رغم انسحاب الولايات المتحدة.
وأصبحت إيران القوة الخارجية الأعلى صوتا في العراق ذي الأغلبية الشيعية بعد انسحاب القوات الأمريكية في 2011 إذ يسيطر حلفاء طهران على أجهزة الأمن.
وفي أول رد فعل عراقي رسمي على قرار ترامب قال معصوم في بيان "الاتفاقية مثلت إنجازا كبيرا لتعزيز فرص احلال السلام والتقدم لجميع دول المنطقة والأسرة الدولية عبر تفعيل الدبلوماسية الرشيدة لإنهاء التوترات الخطيرة وتفادي الكوارث المحدقة بالاعتماد على الحكمة والحوار الإنساني والتفاهم البناء القائم على أسس ومبادئ الأمم المتحدة".
وأعلن ترامب يوم الثلاثاء أن اتفاق 2015 الذي رفعت بموجبه العقوبات عن إيران مقابل إجراءات تقيد برنامجها النووي لم ينجح في تبديد الخطر الذي تشكله إيران على الولايات المتحدة وحلفائها في الشرق الأوسط.
ومعصوم كردي ومنصبه شرفي بشكل كبير إذ تتركز السلطات التنفيذية في يد رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي ينتمي إلى الأغلبية الشيعية في البلاد.
وخلال أربع سنوات رأس خلالها الحكومة اتبع عبادي نهجا دبلوماسيا حذرا بين طهران وواشنطن لضمان تعاون كلا الطرفين في الحرب على مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية.
ويسعى عبادي للفوز بفترة ثانية في الانتخابات المقررة يوم السبت. وينافسه في الانتخابات اثنان من حلفاء إيران هما رئيس الوزراء السابق نوري المالكي والزعيم الشيعي هادي العامري.
ومن جانبها، قالت وزارة الخارجية المصرية في وقت متأخر مساء الثلاثاء إن مصر تؤكد على أهمية إشراك الدول العربية في أي حوار يتعلق باحتمالات تعديل الاتفاق النووي الدولي مع إيران.
وقالت الوزارة في بيان "تؤكد مصر على أهمية مشاركة الأطراف العربية المعنية في أي حوار حول مستقبل الأوضاع في المنطقة، وبصفة خاصة المرتبط باحتمالات تعديل الاتفاق النووي مع إيران".
وأضافت الوزارة أن على إيران الوفاء بالتزاماتها الكاملة وفقا لمعاهدة عدم الانتشار النووي "بما يضمن استمرار وضعيتها كدولة غير حائزة للسلاح النووي".
وتوترت العلاقات بين مصر وإيران منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي لكن القاهرة تقول إنها تتعامل مع الجمهورية الإسلامية في محافل متعددة الأطراف.
وفي سياق متصل، فقد ابتهجت السعودية وحلفاؤها الخليجيون العرب لما رأوا فيه انتصارا سياسيا على خصمهم اللدود إيران بعد قرار واشنطن الانسحاب من الاتفاق النووي مع الجمهورية الإسلامية.
وسارعت السعودية والإمارات والبحرين بتأييد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إعادة فرض العقوبات على طهران مما يعكس هواجسها إزاء برنامج إيران للصواريخ الباليستية ودعمها لجماعات متشددة.
وكتب فيصل عباس، رئيس تحرير صحيفة آراب نيوز التي تصدر باللغة الإنجليزية، يقول "ربما لا تحب باريس ولندن قرار ترامب لكن ماذا سيكون شعور الفرنسيين أو البريطانيين إذا ما تعرضت عاصمتيهما لتهديد مباشر من الإيرانيين؟" ونشرت الصحيفة عنوانا يقول "مات الاتفاق".
وقال زياد، وهو رجل أعمال سعودي، إن القيادة في المملكة كانت على صواب عندما شككت في الاتفاق النووي المبرم عام 2015 والذي خفف العقوبات مقابل تعهد طهران بالحد من برنامجها النووي لمنعها من امتلاك القدرة على صنع سلاح ذري.
وأضاف "كل يومين لدينا صواريخ من ناحية اليمن ونرى دليلا على أنها مصنوعة في إيران... إنها تتدخل في سوريا واليمن والمغرب. ربما تقبل دول أخرى هذا لكننا هنا في السعودية لا نقبله".
والسعودية السنية على خلاف مع إيران الشيعية منذ عقود، وتخوض كل منهما حربا طويلة بالوكالة في الشرق الأوسط وما وراءه، بما في ذلك صراعات في العراق وسوريا ولبنان واليمن. وتنفي إيران الاتهامات الموجهة لها.
واتهمت وزارة الخارجية السعودية إيران في بيان بأنها "استغلت العائد الاقتصادي من رفع العقوبات عليها واستخدمته للاستمرار في أنشطتها المزعزعة لاستقرار المنطقة، وخاصة من خلال تطوير صواريخها الباليستية، ودعمها للجماعات الإرهابية في المنطقة".
ودعت الوزارة المجتمع الدولي إلى العمل على "ضرورة معالجة الخطر الذي تشكله سياسات إيران على الأمن والسلم الدوليين بمنظور شامل لا يقتصر على برنامجها النووي، بل يشمل كافة أنشطتها العدوانية بما في ذلك تدخلاتها في شؤون دول المنطقة ودعمها للإرهاب".
وكتب وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش على تويتر يقول "إيران فسرت خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) على أنها موافقة على هيمنتها الإقليمية. إيران المعتدية تشجعت نتيجة لذلك وبرنامجها للصواريخ الباليستية أصبح هجوميا ويمكن تصديره".
وفي تكرار لموقف الرياض وأبوظبي، دأب ترامب على انتقاد الاتفاق لأنه لا يتصدى لبرنامج الصواريخ الباليستية الإيراني أو لأنشطتها النووية بعد 2025 أو لدورها في الحروب الإقليمية.
* براجماتية خليجية
ولم تصدر دول خليجية أخرى مثل سلطنة عمان تعليقات رسمية على قرار ترامب. وكانت السلطنة قد أدارت اتصالات سرية بين الولايات المتحدة وإيران مما ساعد على تمهيد الطريق للاتفاق النووي عام 2015.
ولم تصدر قطر بيانا بعد، وكان خلاف قد دب بينها وبين السعودية ودول عربية أخرى. واتخذت السعودية والإمارات والبحرين ومصر إجراءات ضد الدوحة من بينها مقاطعة تجارية وقيود على السفر في يونيو حزيران واتهمتها بتمويل جماعات متشددة والتقارب مع إيران. وتنفي قطر الاتهامات.
وقال كريستيان كوتس أولريخسن، الباحث في شؤون الشرق الأوسط بمعهد بيكر التابع لجامعة رايس "تسعى الحكومات العمانية والقطرية والكويتية للحفاظ على علاقات براجماتية، اقتصادية أكثر منها سياسية، مع إيران".
وأضاف "هناك على الأرجح إحساس بالابتهاج في الرياض وأبوظبي من أن إدارة ترامب- أو على الأقل البيت الأبيض- عاد الآن إلى رأيهما بشأن تهديد إيران للأمن الإقليمي".
وفي خطابه بالبيت الأبيض، ندد ترامب "بالأنشطة الشريرة" التي تمارسها إيران ومنها دعم جماعات مثل حزب الله وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وطالبان والقاعدة، وهي اتهامات تنفيها طهران.
وقال عبد العزيز بن صقر رئيس مركز الخليج للأبحاث، ومقره جدة، إن الرسالة كانت مهمة لأنها عكست مخاوف دول خليجية عربية.
وأضاف "قلنا دوما إن قلقنا بشأن الاتفاق في 2015 هو أن إيران يجب ألا تأخذه كتفويض مطلق للمضي قدما وتوسيع نفوذها الإقليمي".
وكان الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، الذي يتولى أيضا منصب وزير الدفاع، أبلغ قناة (سي.بي.إس نيوز) في مارس آذار بأن بلاده ستطور أسلحة نووية دون شك إذا فعلت إيران ذلك.
واستبعدت إيران التفاوض مجددا على الاتفاق وهددت بالرد، بيد أنها لم توضح ماهية ردها إذا انسحبت واشنطن.
وربما تفعل ذلك بتقويض مصالح واشنطن وحلفائها في الشرق الأوسط بما في ذلك زيادة دعم حركة الحوثي المسلحة في اليمن، مما قد يستتبع ردا عسكريا من السعودية والإمارات.
وقال جوست هيلترمان مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمجموعة الأزمات الدولية "هناك خطر حقيقي من التصعيد، خاصة بين إيران وإسرائيل. فبينما قد ترغب دول الخليج (العربية) في أن ترى الولايات المتحدة وإسرائيل تحاولان تحجيم إيران، فلا أعتقد أنها (تلك الدول) تريد أن تنجر إلى مواجهة مباشرة. قد تكون العواقب وخيمة".
وفي اليمن، عبرت معلمة تدعى إيمان طاهر عن مخاوفها من ألا يؤدي قرار ترامب إلا إلى إلهاب الصراعات في المنطقة.
وقالت "إيران لن تقبل وسترد وستزيد دعمها للحوثيين في اليمن ولحلفائها في سوريا ولبنان".