بعد خدام: قدورة ينشق ويندم على مساندة الاسد الاب

تاريخ النشر: 14 مارس 2007 - 05:14 GMT
عبّر رئيس مجلس الشعب السابق عبد القادر قدورة عن ندمه على انحيازه إلى جانب الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد خلال صراعه مع شقيقه مع رفعت الاسد أواسط الثمانينات، معتبراً أنه كان "مخطئاً" لأنه لم يتقلب بينهما للحصول على المزيد من المكاسب.

وانتقد قدورة، وهو عضو سابق في القيادة القطرية لحزب البعث الحاكم في سورية؛ مسيرة أداء الحزب، وقال في حديث نشرته نشرة كلنا شركاء التي يصدرها بعثيون في سورية: "ظننا يوماً أننا الدنيا لوحدنا". ووصف هذا الكلام بأنه "خاطىء"، موضحاً "أنا شخصياً مارست هذا الشعار، وشعارات أخرى مختلفة"، ومنها:" حَيدو نحن البعثية حيدو"، و"البعثية نزلت على الشارع الله يعين إللي يمانع". وتابع: "كان هذا خطأً، هذا الوطن لجميع من يعيش ويأكل فيه".

وقال قدورة بعد 14 عاماً قضاها في رئاسة مجلس الشعب و25 عاماً عضواً في القيادة القطرية: "أقول قولاً واحداً.. أنا مع مبدأ تداول السلطـة"، معتبراً أن البعث كان "سلطة ثابتة بلا معنى.. لماذا لا نقول للناس تعالوا وانتخبوا".

ويشار إلى أن قدورة وهو عضو حالي في مجلس الشعب، ترأس المجلس بين عامي 1988 و2002. وخلال قيام مجلس الشعب بتعديل الدستور (بتعديل شرط السن وتخفيضه إلى عمر الأسد آنذاك) الذي أتاح للرئيس السوري بشار الأسد تسلم السلطة خلفاً لوالده عام 2000، هاجم أحد النواب البعثيين (منذر الموصللي) حينما طالب بإخراج شكلي للتعديل (عبر مناقشته قليلاً في المجلس قبل إقراره)، وقد بادر قدورة إلى وصفه، وبعد اعتذاره (الموصللي) عن المطالبة بهذا الأمر، بأنه "نائب سولت له نفسه الأمارة بالسوء".

والآن وبعد أكثر من أربع سنوات من عدم التمديد له لرئاسة مجلس الشعب اعترف قدورة بأنه

أخطأ خلال 25 عاماً من مشواره في قيادة الحزب. وعندما سئل بماذا أخطأ؟ أجاب قائلاً: "أخطأت لأنني لم أكن مع الاطراف المتصارعة في قيادة حزب البعث العربي الإشتراكي، أنا كنت مع حافظ الأسد وبس". واعتبر أن "التيارين المتصارعين هما: تيار يمثله عبد الحليم خدام ويضم عبد الله الأحمر وحكمت الشهابي وعز الدين ناصر وأحمد قبلان (أي تيار حافظ الأسد).. أما التيار المقابل فكان يضم رفعت الأسد وزهير مشارقة وتوفيق صالحة وسعيد حمادي وآخرون".

وتابع: "هذه القيادة طيلة الـ20 عاماً الماضية كان فيها التياران يتصارعان وأنا لم أكن مع أحد منهما.. لو كنت مع تيار عبد الحليم خدام لأصبحت رئيساً لمجلس الوزراء من زمان.. أقول هذا قولاً واحداً، ولو كنت بتيار رفعت الأسد لكنت صرت". وأضاف: "أنا من أتى بي حافظ الأسد".

ويشار إلى أن قدورة بدأ حياته معلماً ثم وكيلاً ثم مساعداً فنياً في شركة النصر عام 1961 قبل أن يلتحق بدورة صيانة.

وتحدث قدورة عن ضرورة تطوير فكر حزب البعث. وقال: "يجب أن يطور فكر حزب البعث الذي مضى عليه أكثر من نصف قرن ببعض السنوات". وتساءل: "أما طرأ خلال نصف قرن ما يستوجب الدراسة والتقييم والاستفادة منه أو الابتعاد عنه". ورأى أن على البعث "أن يدرس كيف يمكن أن يعمل من هذه الأمة كما يقول في شعاره: أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة". وعندما سئل عن أن هذا الشعار لم يعد يظهر على شاشة التلفزيون السوري، قال: "التلفزيون ليس لحزب البعث العربي الاشتراكي.. التلفزيون لسورية".

ورأى قدورة أن ملفات الفساد بدأت تفتح، وقال: "إن الفساد لن ينتهي إلا إذا ربينا الناس منذ البداية تربية أخلاقية ولن ينتهي إلا إذا وصل إلى الكل احتياجهم الإنساني بحيث لا نسمح لهم أن يمدوا أيديهم ولا نسمح لهم أن يقبضوا الرشاوى"، رغم انه اعتبر أن "أكبر مكان للفساد هو مجلس الوزراء والوزراء والوزارات".

وفي حين قال قدورة إن علاقته ببشار الأسد جيدة وأنه التقاه في المؤتمر القطري الأخير وسأله إن "كان ينقصه شيء"، قال "لا زلت حتى هذه اللحظة بعثياً عربياً اشتراكيا منذ عام 1952 وحتى الآن إلا في حالة فصلوني هم من الحزب"، ولم يُعرف ما إذا كا يشير قدورة إلى شيء محدد أو احتمال صدور قرار بهذا الشأن أم مجرد تأكيد على أنه ما زال عضواً في الحزب.

من جهة أخرى، هاجم قدورة النائب السابق مأمون الحمصي الذي اعتقل لخمس سنوات على خلفية انتقاده للفساد في مجلس الشعب. ووصف قدورة الحمصي بأنه "رجل مفقوع .. والدليل أنه كان يطرح أموراً ظاهرها شعبي وباطنها تآمري" حسب تعبيره.

وتساءل قدورة من الذي منع مأمون الحمصي من ممارسة دوره؟ معتبراً أن الحمص "ظن نفسه أنه هو الوطن كما ظن بعض الآخرين واستثمر سعة صدر قيادة السيد الرئيس بشار الأسد".

ورغم تأكيده أن الحمص كان يقول في مجلس الشعب: "حولوا لنا مواقع المخابرات إلى مواقع مدارس وتدريس"، قال إنه "لم يدخل السجن بتهمة سياسية وإنما لتهربه من تسديد ضرائب ومخالفات جمركية وإقتصادية وتبلغ قيمة هذه المخالفات تقريباً 40 مليون ليرة سورية وخفضها السيد الرئيس له لتصبح 20 مليوناً، وكان الحمصي ينزل إلى الشارع ويلف نفسه بالعلم السوري ويقول: خطفوا منا الرئيس بشار".

وعما كان يقصده مأمون الحمصي بهذه العبارة.. أجاب قدورة ساخراً: "نحن الحرس القديم والأرذال". وأضاف: هذه القضية موجودة في وزارة العدل.. موضحاً: أن مأمون الحمصي كان يقوم بأعمال لا تحتمل ولا تطاق وليست من أصول العمل السياسي" حسب رأي قدورة.

وكان الحمصي  قد اعتقل مع زميله النائب السابق رياض سيف الذي اشتهر بحملته للكشف عن فساد عقود الهاتف الخلوي في سورية؛ ضمن حملة الاعتقالات التي أجهضت ما بات يعرف بربيع دمشق، والتي تلت وصول بشار الأسد إلى السلطة عام 2000. وقد حكم على سيف والحمصي  بالسجن لخمس سنوات.