ندّد الرئيس الأميركي باراك أوباما اليوم الثلثاء بما اعتبره وسائل "مخالفة" لقيم الولايات المتحدة، وذلك تعليقاً على تقرير مجلس الشيوخ الأميركي حول تقنيات الاستجواب العنيفة التي استخدمتها " وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية" (سي آي ايه) بحق معتقلين متهمين بالعلاقة مع تنظيم "القاعدة".
وقال أوباما في بيان إن "هذه التقنيات شوّهت كثيراً سمعة أميركا في العالم" واعداً بالقيام بكل ما هو ممكن لضمان عدم تكرارها، مضيفاً أنّه لا توجد أمّة كاملة، لكن إحدى مكامن القوة في أميركا هي في إرادة المواجهة الصريحة للماضي".
وفي حين أقرّ أوباما أنّ إدارة سلفه الرئيس السابق جورج بوش واجهت "خيارات مؤلمة" لحظة اتخاذ قرار حول وسائل ملاحقة "القاعدة" و"تجنب هجمات إرهابية جديدة"، اعتبر أن " أموراً جيدة" أُنجزت خلال تلك "الأعوام الصعبة". وأضاف أوباما قائلاً: " بعض التصرفات كانت مخالفة لقيمنا، لهذا السبب قرّرت فور استلامي منصبي حظر التعذيب بشكل واضح".
مجلس الشيوخ الاميركي يندد بوسائل التعذيب ويعتبرها "غير فعالة"
وكان خلص التقرير الاستثنائي لمجلس الشيوخ الاميركي والذي اعترضت عليه على الفور وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه)، الى ان استخدام تقنيات الاستجواب "المشددة" التي اعتمدتها الوكالة في سنوات الالفين لم يسمح باحباط تهديدات وشيكة بتنفيذ اعتداءات.
ويتهم التقرير في عشرين خلاصة وكالة السي اي ايه بانها اخضعت 39 معتقلا لتقنيات وحشية طيلة سنوات عدة وبينها تقنيات لم تسمح بها الحكومة الاميركية، وتم تعدادها بالتفصيل في التقرير الذي يتالف من 525 صفحة قامت لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ التي يسيطر عليها الديموقراطيون باختصاره ونشره.
وجدد باراك اوباما الذي وضع حدا لهذا البرنامج لدى وصوله الى السلطة في كانون الثاني/يناير 2009، القول ان هذه الوسائل "شوهت كثيرا من سمعة اميركا في العالم"، واعدا بالقيام بكل ما هو ممكن لضمان عدم تكرارها. واضاف "لا توجد امة كاملة، لكن احدى مكامن القوة في اميركا هي في ارادة المواجهة الصريحة لماضينا".
وقال التقرير ان "السي آي ايه استخدمت تقنيات استجواب مشددة تكرارا طيلة ايام واسابيع". وقد ضرب المعتقلون بجدران وتمت تعريتهم واودعوا في حمامات من المياه المجلدة ومنعوا من النوم طيلة فترات تصل الى 180 ساعة. والمعتقل ابو زبيدة، وبعد ان تعرض لعمليات ايهام بالغرق، "خرج الزبد من فمه"، وهو في حالة فقدان الوعي تقريبا.
وفي الاجمال، فان 119 معتقلا اسروا وسجنوا في اطار هذا البرنامج السري لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية في مواقع اطلق عليها اسم المواقع "السوداء" في دول اخرى.
وجاء في خلاصة التقرير ان "تقنيات الاستجواب المتشددة للسي آي ايه لم تسمح بجمع معلومات مرتبطة بتهديدات وشيكة، مثل معلومات تتعلق ب+قنابل موقوتة+ مفترضة اعتبر الكثيرون انها تبرر هذه التقنيات".
ويتهم التقرير السي آي ايه ايضا بانها كذبت ليس على الجمهور الواسع وحسب وانما ايضا على الكونغرس والبيت الابيض، بشان فعالية البرنامج وخصوصا عندما اكدت ان هذه التقنيات سمحت ب"انقاذ ارواح".
وهو زعم رددته الثلاثاء السي آي ايه التي كانت مستعدة لمواجهة التقرير الذي اعلنت على الفور رفضها لما ورد فيه.
وافاد التقرير ان الاستجوابات التي قامت بها الوكالة "لم تكن فعالة"، وانها كانت اعنف مما اعترفت به الوكالة حتى الان.
واذا كان مدير الوكالة جون برينان قد اقر بان الوكالة ارتكبت اخطاء باستخدامها التعذيب، فانه في المقابل شدد على ان ذلك سمح بمنع وقوع اعتداءات وب"انقاذ ارواح".
وفي الكونغرس، لقي التقرير رفضا شديدا من قبل زعماء جمهوريين اعتبروه بمثابة "اعادة كتابة احداث تاريخية".
ولما كان ثمرة اكثر من ثلاثة اعوام من التحقيقات (2009-2012)، فان تقرير اللجنة حول برنامج قديم يعود لاكثر من عقد من الزمن، اثار نقاشا لم يحسم في الولايات المتحدة على الاطلاق: هل ان التعذيب بعد الحادي عشر من ايلول/سبتمبر (2001) كان مبررا ؟.
ويقول المسؤولون الذين كانوا في السلطة ابان ولاية الرئيس السابق جورج بوش وخصوصا نائب الرئيس ديك تشيني مع مسؤولين اخرين في السي آي ايه، انهم يتحملون مسؤولياتهم وكثفوا المداخلات في الايام الاخيرة للدفاع عن قراراتهم.
لكن ابعد من النقاش، يعرب الكثير من الجمهوريين عن خشيتهم من ان توفر الشفافية "لاعداء" اميركا ما يمكنهم استخدامه، وان تثير ردودا ثأرية مماثلة لتلك التي ظهرت في تلك الفترة على اثر ما تكشف من اساءات ارتكبت في سجن ابو غريب العراقي في 2004.
وطلب وزير الدفاع الاميركي تشاك هيغل من القادة العسكريين الاميركيين في العالم ان يكونوا في "حالة تاهب قصوى" ولو انه لم يتم الكشف عن تهديد محدد.
وقبل نشر التقرير، اجرى باراك اوباما محادثة هاتفية مع رئيسة وزراء بولندا ايفا كوباتش. ويامل المسؤولان في الا ينعكس نزع السرية عن التقرير سلبا على العلاقات بين بولندا والولايات المتحدة وفقا لما افادت وارسو.
ولم يذكر في التقرير اسم اي دولة تعاونت مع السي آي ايه.
وبعد اعتداءات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر 2001، كلف الرئيس السابق جورج بوش سرا وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه) باسر واستجواب مسؤولين كبار في تنظيم القاعدة في العالم.
وخلال السنوات التي تلت، وبطريقة سرية، سجنت وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية المعتقلين الذين يتمتعون بوزن كبير في مواقع سرية حيث استخدم محققوها وسائل استجواب "متشددة" خارج اي اجراء قضائي.
وعندما ازيلت السرية اعتبارا من 2005، اقفل جورج بوش مراكز الاحتجاز السرية في 2006، لكن "برنامج" الاستجواب استمر حتى وصول باراك اوباما الى البيت الابيض في كانون الثاني/يناير 2009.