انتخابات الجزائر سباق تشوبه قلة الثقة والاكتراث

تاريخ النشر: 08 مايو 2012 - 03:06 GMT
الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة
الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة

يفتقر الكثيرون من أبناء الجزائر للحماسة التي يمكن أن تدفعهم للإدلاء بأصواتهم في انتخابات برلمانية تشهدها البلاد يوم الخميس القادم إذ لا يعتقدون أنها ستغير شيئا.
"لو طلع أبي من قبره وطلب مني التصويت فلن أفعل".. عبارة قالها موظف حكومي بينما كان يهم بدخول مصعد في وزارة حكومية مع اثنين آخرين.
والانتخابات التي تجرى في العاشر من مايو ايار تكاد لا تكون سباقا بين الأحزاب السياسية بقدر ما هي بين من يؤمنون بضرورة التصويت وبين العازفين عن المشاركة فيه.
أما بالنسبة للسلطات فإن نسبة الإقبال تمثل أهمية بالغة.
وتحت ضغط التغيير بعد انتفاضات الربيع العربي التي اجتاحت دولا بالشرق الأوسط وشمال افريقيا تصور السلطات الانتخابات باعتبارها خطوة مهمة نحو الإصلاح الديمقراطي وهي تحتاج لأن تكون نسبة الإقبال كبيرة حتى تستمد منها شرعيتها.
لكن قطاعا كبيرا من السكان يفتقر للثقة في الانتخابات التي لم تتسم بالنزاهة من قبل كما اعترف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بنفسه.
ويعتقد هؤلاء أن انتخابات هذا الأسبوع لن تكون مختلفة وهم إما سيقاطعونها أو على الأرجح لن يعيروها اهتماما أصلا.
وقال ريكاردو فابياني الخبير في شؤون شمال افريقيا بمجموعة أوراسيا وهي مركز أبحاث خاص "ستكون نسبة إقبال الناخبين عنصر المفاجأة... ضعف مصداقية النظام الجزائري يجعل من المرجح أن يواصل الكثير من الناخبين الإحجام عن المشاركة."
وأصبحت صفوف اللوحات الإعلانية الموضوعة في الشوارع ساحة معارك بين معكسر المؤيدين للانتخابات والمعسكر المؤيد للمقاطعة.
فالعاملون في الحملات الانتخابية يضعون ملصقاتهم ليجدوا في الصباح التالي أن الكثير منها قد تم تمزيقه في ظاهرة تتكرر كل 24 ساعة.
وفي منطقة الأبيار بالجزائر كانت لوحات الإعلانات الوحيدة التي لم يمسها أحد موضوعة على أعمدة إنارة على ارتفاع نحو 2.5 متر ولا يمكن الوصول إليها إلا باستخدام سلم.
ولا يرى كثيرون كيف ستؤثر الانتخابات على القضايا اليومية التي تشغلهم مثل البطالة وعدم توافر السلع وتدني مستوى السكن وارتفاع الأسعار.
وفي عدة أحياء بالعاصمة كتب أشخاص على الملصقات أسعار البطاطا (البطاطس) التي زادت لثلاثة أمثالها في مرحلة ما الشهر الماضي.
وقال سفيان مجد الدين وهو عاطل كان يشارك في تجمع نظمته رابطة للعاطلين في وسط الجزائر "لا تهمنا الحملة الانتخابية. لا أثق بهم ولن أدلي بصوتي."
وفي حجوط على بعد 80 كيلومترا إلى الغرب من العاصمة نظمت جبهة التحرير الوطني وهي أكبر حزب في البلاد ويتولى رئيسها الشرفي رئاسة البلاد تجمعا انتخابيا في مركز للتدريب المهني.
وعلى بعد مئة متر وقف طابور أمام محطة للوقود بعد أن سرت شائعات عن نقص في الوقود.
وقال أحمد الذي كان يقف في الصف "إنهم عاجزون حتى عن توفير الوقود لنا."
وأضاف "لا يتذكروننا إلا عندما تقترب الانتخابات. أين كانوا طوال الشهور الماضية؟ إنهم يأتون لدائرتنا مرة كل خمس سنوات."
ومن المتوقع أن تكون انتخابات الخميس أكثر الانتخابات نزاهة وشفافية منذ 20 عاما. وعدد الأحزاب المشاركة يماثل ضعف عدد الأحزاب التي شاركت في الانتخابات الماضية قبل خمس سنوات كما أن الاتحاد الأوروبي سيرسل مراقبين للمرة الأولى.
ومع عدم وجود استطلاعات للرأي يمكن الاعتماد عليها يصعب تحديد عدد من سيحجمون عن التصويت في نهاية الأمر. فمع المساعي الرامية لجعل الانتخابات أكثر نزاهة قد لا تكون نسبة الإقبال متدنية بقدر ما كانت عليه الانتخابات السابقة عندما بلغت 35 في المئة. لكن أي رقم قريب من هذه النسبة سيمثل انتقادا شديدا للسلطات ووعدها بالتواصل مع الناخبين.
ويساور السلطات القلق لدرجة أنها أرسلت رسائل نصية جماعية تذكر الناخبين بموعد الانتخابات وبضرورة المشاركة كواجب وطني. وفي التلفزيون الحكومي هناك مساحات إعلانية تحث المواطنين على المشاركة في الانتخابات القادمة.
وقال رجل دين إن الله سيعاقب من سيمتنع عن الإدلاء بصوته.
ومع هذا يصعب محاربة اللامبالاة وعدم الاكتراث الذي يشعر به الكثير من المواطنين.
ومن أسباب ذلك أن سلطات البرلمان محدودة للغاية في دستور الجزائر. كما يرجح بعد تزوير الانتخابات لعقود أن تستغرق استعادة ثقة الناس فترة.
وفي عام 1991 أدى إلغاء الحكومة المدعومة من الجيش لنتائج انتخابات برلمانية أوشك الإسلاميون على الفوز بها إلى إشعال معركة بين مسلحين إسلاميين والقوات الحكومية أسفرت عن سقوط ما يقدر بنحو 200 ألف قتيل. وما زال الصراع دائرا وإن كان قد انحسر بصورة كبيرة.
وقرر حزب معارض بارز هو التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية عدم المشاركة في الانتخابات.
وقال محسن بلعباس رئيس الحزب لرويترز إن حزبه شارك في الانتخابات البرلمانية عام 2007 لكنه وجد أن أعضاء البرلمان لا يتمتعون بسلطات.
وأضاف أنه لن تكون هناك انتخابات نزيهة وأنه تم ترويع نشطاء الحزب عندما خرجوا للدعوة للمقاطعة.
لكن الحملة الداعية للمقاطعة لم تكتسب مع هذا قوة دفع كبيرة.
وقال محمد باشي الطالب في كلية العلوم السياسية بجامعة الجزائر "سأنتخب لأنني أعتقد أن من يدعون للمقاطعة يريدون فقط تصفية حسابات مع الحكومة لأسباب سياسية."
وناشد بوتفليقة الناس المشاركة في التصويت وقال في كلمة نقلها التلفزيون إنهم يجب ألا ينسوا مسوؤليتهم في تحديد مصير البلاد.
لكن حتى أمام مقر إقامة بوتفليقة في واحد من أكثر شوارع العاصمة التي يصعب دخولها تم تمزيق بعض ملصقات الدعاية الانتخابية الأسبوع الماضي تحت بصر أفراد الشرطة الواقفين عند نقطة تفتيش قائمة على مدار الساعة.

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن