خفتت تدريجيا الثلاثاء، اصوات الانفجارات والاشتباكات في الخرطوم ومختلف المدن السودانية مع بدء سريان اتفاق وقف اطلاق النار الذي من المقرر ان يستمر اسبوعا ويهدف الى تسهيل ايصال المساعدات الى السكان المنكوبين في هذا البلد.
والى جانب الخرطوم، ساد هدوء حذر في مدنة عدة في اقليم دارفور دارفور غربي البلاد، والذي يعد الأكثر تضررا في ظل الحرب التي امتدت سنوات قبل ذلك مع الخرطوم.
وكان سمع في الساعات الاولى من صباح الثلاثاء، دوي قصف مدفعي متقطع في الخرطوم بحسب ما افاد سكان، فيما قال عاملون في المجال الانساني انهم لم يلمسوا وجود ممرات امنة للمدنيين او تسليم المساعدات بحسب ما تنص عليه الهدنة.
واستبق الجيش السوداني سريان الهدنة الليلة الفائتة مع قوات الدعم السريع بغارات استهدفت مواقع الاخيرة في الخرطوم بهدف تحقيق مكاسب قبل ساعات من بدء وقف اطلاق النار بموجب الاتفاق الموقع بينهما في جدة بالسعودية.
وحتى الان، لم يحقق الجيش نجاجا كبيرا في مساعيه للسيطرة على مواقع استراتيجية واحياء ومبان مدنية استولت عليها قوات الدعم السريع في الخرطوم عند اندلاع الصراع بين الطرفين في 15 نيسان/أبريل.
الجيش في الجو و"الدعم السريع" على الارض
وبينما يسيطر الجيش على الاجواء بفضل امتلاكه للطائرات المقاتلة، لكن ليس لديه قوات كافية على الارض في الخرطوم، بخلاف قوات الدعم السريع التي تنتشر بكثافة في الاحياء، غير انها عرضة باستمرار لغارات مقاتلات القوات المسلحة.
وتسبب القتال بين الطرفين في مقتل اكثر من الف شخص وتشريد 1.1 مليونا اخرين من ديارهم، من بينهم ربع مليون فروا إلى الدول المجاورة، فيما حذرت الأمم المتحدة من انه إذا استمرّ الصراع فإنّ مليون سوداني إضافي قد يلتحقون بالفارين.
لعل ما يعزز الامل بصمود الهدنة الحالية هو انه تم الاتفاق على الية لمراقبتها يشارك فيها الجيش قوات الدعم السريع اضافة الى ممثلين عن السعودية والولايات المتحدة، اللتين توسطتا في الاتفاق بعد محادثات في جدة.
وتوعد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الثلاثاء بفرض عقوبات على من ينتهك الهدنة من الطرفين، مؤكدا بانه "إذا تم انتهاك وقف اطلاق النار، سنعرف"، وذلك في اشارة الى الية المراقبة المتفق عليها.
"وعود كاذبة"
لكن كارل سكمبري من المجلس النروجي للاجئين شكك في وفاء الجيش وقوات الدعم السريع بالتزاماتهما بموجب الاتفاق نظرا لانتهاكهما عشر اتفاقات هدنة سابقة.
وكتب سكميري عبر تويتر منددا بما قال انه "أكثر من شهر من الوعود الكاذبة" التي دأب الطرفان المتناحران على اطلاقها، بينما اتهمهما رضوان نويصر خبير حقوق الانسان في الامم المتحدة "بأخذ بلد باكمله رهينة".

ومن جانبه، اعتبر المدير الإقليمي للجنة الدولية للصليب الأحمر باتريك يوسف ان فترة الهدنة، وهي سبعة ايام، لا تكفي لتلبية متطلبات السكان في ضوء الحجم الكبير لحالة الطوارئ الإنسانية في البلاد.
وتقول الامم المتحدة ان 25 مليون نسمة من أصل 45 مليونا هم عدد سكان السودان يحتاجون إلى المساعدة.
مستشفيات خارج الخدمة
ومن المفترض ان تتيح الهدنة استئناف العمل في المستشفيات وتجديد مخزونها من المستلزمات الطبية، وكذلك تجديد مخزون المساعدات والسلع في الأسواق التي تعرضت للقصف.والنهب.
واضافة الى نقص المستلزمات والدمار الذي اخرج عددا كبيرا منها من الخدمة، تعاني المستشفيات من تحويل قوات الدعم السريع لكثير منها الى مراكز عسكرية، فضلا عن شن الجيش حملة شائعات ضد كوادرها، وتوجيه تهديدات شخصية لهم.
وقالت وزارة الصحة في بيان إن قوات الدعم السريع تمركزت صباح الثلاثاء في مستشفىين في ام درمان، ما يرفع الى 29 عدد المستشفيات التي تتمركز فيها قوات الدعم السريع الى 29، وهو المر الذي نفته الاخيرة مؤكدة انه "اكاذيب".
كما قالت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان ان موظفي مستشفى في الضاحية الكبرى للخرطوم اجبروا على التوقف عن العمل بعدما اصبحوا في مرمى النيران، وتم بالتالي اغلاق هذا المرفق الصحي.