دعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الجمعة لعقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن للتوصل إلى موقف مشترك بشأن سوريا بعد ما أبدت الولايات المتحدة استعدادها لتسليح المعارضة السورية واحتمال فرض منطقة حظر جوي.
وقال البيت الأبيض إن الحكومة السورية تجاوزت "خطا أحمر" باستخدامها غاز الأعصاب وأنها تتجه لتسليح مقاتلي المعارضة الذين يسعون للإطاحة بحكم الرئيس بشار الأسد. وقال دبلوماسيان غربيان إن واشنطن تدرس إقامة منطقة حظر جوي بالقرب من الحدود السورية مع الأردن.
وقالت ميركل في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي.) "يجب مناقشة هذا على نحو عاجل في مجلس الأمن الدولي. نأمل أن يصل المجلس الى نهج موحد." وأضافت أن السعي لعقد مؤتمر دولي للسلام بشأن سوريا لا يزال الخيار الأفضل.
وتابعت قائلة إن موقف ألمانيا الذي يقضي بعدم إرسال أسلحة للمعارضة السورية لم يتغير.
وقالت فرنسا وهي عضو دائم في مجلس الأمن الدولي يوم الجمعة إن من غير المرجح إنشاء منطقة حظر جوي فوق سوريا في الوقت الحالي بسبب معارضة بعض أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
من جهة اخرى، اعلن الجمعة وزير الخارجية السويدي كارل بيلد ان التعهد الاميركي بتقديم مساعدة عسكرية لقوات المعارضة في سوريا ينبئ بخطر حصول سباق تسلح في البلاد.
وقال بيلد لوكالة انباء "تي تي" السويدية "لا اعتقد ان تحقيق التقدم يكون في ايجاد سباق تسلح في سوريا. هناك خطر بان يؤدي ذلك الى تقويض شروط العملية السياسية". وشددت الولايات المتحدة الخميس موقفها حيال النظام السوري متهمة اياه باستخدام الاسلحة الكيميائية ومتعهدة بتقديم مساعدة عسكرية لقوات المعارضة.
وقال بيلد انه يخشى سيناريو تقوم فيه الولايات المتحدة بتسليح المعارضة من جهة بينما تسلح روسيا نظام الرئيس السوري بشار الاسد من جهة اخرى. وتابع بيلد "لا شك ان ذلك سيكون خطيرا جدا، وستكون له تداعيات انسانية اخطر". كما اوردت وكالة انباء "تي تي" ان بيلد يفضل فرض حظر دولي على الاسلحة في سوريا.
ولم يوضح مسؤولون اميركيون طبيعة المساعدة العسكرية التي تنوي واشنطن تقديمها، الا ان تقارير لوسائل اعلام اميركية تحدثت عن منطقة حظر جوي مؤقت فوق مخيمات تدريب مقاتلي المعارضة، كما وتزويد المعارضة باسلحة خفيفة وذخيرة واسلحة مضادة للمدرعات. ونفت سوريا الاتهام الاميركي باستخدام اسلحة كيميائية، واعتبرته "حافلا بالاكاذيب".
موسكو تدعو واشنطن الى تجنب تكرار خطأ العراق في سوريا
من جهتها رأت روسيا الجمعة ان اتهامات الولايات المتحدة لنظام الرئيس السوري بشار الاسد باستخدام اسلحة كيميائية "غير مقنعة" وحذرت واشنطن من تكرار الخطأ الذي ارتكبته بغزوها العراق بعد اتهامات كاذبة لصدام حسين بامتلاك اسلحة للدمار الشامل.
ورأى المستشار الدبلوماسي في الكرملين يوري اوشاكوف ان قرار الولايات المتحدة تسليم المعارضة مساعدة عسكرية يمكن ان يضر بالجهود الدولية لانهاء النزاع الذي ادى الى سقوط عشرات الآلاف من القتلى.
وسيكون النزاع السوري محور قمة لقادة دول مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى، وبينهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ايرلندا الشمالية الاسبوع المقبل. وقال اوشاكوف ان مسؤولين اميركيين قدموا أخيرا معلومات لروسيا حول استخدام اسلحة كيميائية ضد مقاتلي المعارضة من قبل نظام الرئيس بشار الاسد.
وقال اوشاكوف "نقول ذلك بوضوح: ما قدمه الاميركيون يبدو لنا غير مقنع"، مؤكدا في الوقت نفسه ان قرارا اميركيا بزيادة المساعدة للمسلحين "سيعقد" جهود السلام. واضاف ان "طبيعة هذه المعلومات لا يمكن ان تكشف بالطبع. لكنني اكرر هذا ليس مقنعا". وتابع اوشاكوف "لا اريد ان اقارن بين الحالتين لكن لا اريد ان اعتقد ان هذه المعلومات يمكن ان تكون مشابهة للقارورة التي عرضها وزير الخارجية الاميركي كولن باول خلال الاجتماع الشهير لمجلس الامن الدولي".
ويشير اوشاكوف الى اجتماع عقده مجلس الامن في 2003 وقدم فيه باول قارورة قال انها تحوي مادة الجمرة الخبيثة كدليل على وجود برامج التسلح العراقية. وشن الرئيس الاميركي السابق جورج بوش حملته العسكرية على العراق في 2003 استنادا الى هذه الادلة لكن لم يعثر على اي اسلحة للدمار الشامل في العراق.
من جهته، رأى نائب في حزب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ان ادعاءات الولايات المتحدة بان الاسد استخدم الاسلحة الكيميائية "مفبركة"، لكنه كان اكثر وضوحا في التشبيه بين الوضعين. وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الدوما الروسي النائب اليكسي بوشكوف في تغريدة على حسابه على تويتر ان "المعلومات حول استخدام الاسد للاسلحة الكيميائية مختلقة في المكان نفسه الذي اختلقت فيه الاكاذيب حول اسلحة الدمار الشامل لدى (صدام) حسين".
وقال بوشكوف على تويتر "لماذا قد يستعمل الاسد (غاز) السارين بكميات ضئيلة ضد المقاتلين؟ اين المنطق؟ لوقف التدخل الخارجي؟ هذا غير منطقي". ولا يعبر بوشكوف عن موقف روسيا الرسمي حول السياسة الخارجية الا انه غالبا ما يعكس وجهة نظر الكرملين حول القضايا الدولية الكبرى.
واكد اوشاكوف ان فرص عقد مؤتمر دولي للسلام في سوريا الذي اقترحته موسكو وواشنطن في ايار/مايو الماضي، قد تتضرر بخطط واشنطن تقديم مساعدة عسكرية للمعارضة.
وقال "بالتأكيد اذا قرر الاميركيون فعليا وفي الواقع تقديم مساعدة اكبر للمتمردين، مساعدة للمعارضة، فان ذلك لن يجعل الاعداد للمؤتمر الدولي اسهل". وردا على سؤال عما اذا كان القرار الاميركي بدء تسليح مقاتلي المعارضة السورية سيدفع روسيا الى بدء تسليم دمشق صواريخ اس-300 مضادة للطائرات، قال اوشاكوف "لا نتحدث عن هذا الامر بعد. نحن لا نتنافس في سوريا".
وكان بوتين اعلن ان روسيا وقعت عقدا لتسليم النظام السوري صواريخ اس-300 لكنها لم ترسل ايا منها بعد. وتثير الصواريخ قلق القوى الاقليمية والولايات المتحدة لانها يمكن ان تعقد فرض منطقة للحظر الجوي فوق سوريا.
وفي بيان منفصل، قالت وزارة الخارجية الروسية ان القرار الاميركي بارسال مزيد من المساعدة لمقاتلي المعارضة السورية "سيرفع مستوى المواجهة والعنف ضد السكان المدنيين السلميين". واضافت ان الجهود الاميركية لاشراك مقاتلين في المعارضة السورية في مؤتمر السلام "لا تجدي نفعا".