قالت الصحف اللبنانية ان اتصالات مكثفة جرت امس بين الرياض وطهران ادت بشكل اساسي الى اعلان المعارضة اللبنانية عدم تمديد الاضراب الذي اسفر عن خمسة قتلى واكثر من 130 جريحا.
قالت صحيفة "النهار" انها علمت ان رئيس مجلس الامن الوطني السعودي الامير بندر بن سلطان سيزور طهران اليوم الاربعاء لاجراء مشاورات مع المسؤولين الايرانيين تتناول مستجدات الوضع في لبنان.
اما صحيفة السفير قالت ان الامير بندر وصل طهران بالفعل امس بعد ان تكثفت الاتصالات الدبلوماسية ونقلت الصحيفة عن مصدر وزاري لبناني قوله ان الحكومة اللبنانية تبلغت مساء امس، ان الأمين العام لمجلس الأمن الوطني السعودي الامير بندر بن سلطان وصل الى طهران بصورة مفاجئة بدعوة من القيادة الايرانية وانه سيلتقي آية الله خامنئي ورئيس مجلس الأمن القومي الإيراني علي أكبر لاريجاني من اجل البحث في امور عدة ابرزها الوضع اللبناني، فضلا عن الاطلاع على نتائج زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم الى طهران ونتائج مهمة لاريجاني في العاصمة السورية في اطار استكمال المحادثات التي اجراها الاسبوع الماضي في العاصمة السعودية.
وعلمت الصحيفة ان رئيس مجلس النواب نبيه بري تبلغ، من السفيرين السعودي والايراني في بيروت ان اتصالات جرت على ارفع المستويات بين طهران والرياض بعدما انتبهت العاصمتان الى مخاطر انفجار الوضع في لبنان وما قد يحدثه من ارتدادات في المنطقة وخاصة على مستوى العلاقات السنية الشيعية، واتفقتا على تنسيق جهد مشترك باتجاه الاطراف المعنية لبنانيا لابلاغها بموقفهما الموحد حول ضرورة وضع حد سريع لتطور الاحداث وخاصة منع تحولها الى مشروع فتنة يطيح بالاستقرار اللبناني.
وحسب "السفير" فان الجانب الايراني نسّق اتصالاته مع الجانب السوري، وهذا ما وفر الى حد كبير مظلة للمواقف التي اتخذتها الاطراف المعنية في بيروت. حيث خلا بيان رئيس الحكومة فؤاد السنيورة مما كان يمكن ان يزيد الامور تعقيدا وسهل في الوقت نفسه على المعارضة إصدار بيان كانت تمت صياغة أولية له في ساعات المساء الاولى وابلغ مضمونه الى قيادة الجيش اللبناني قبيل التاسعة وذلك من اجل المباشرة بفتح الطرقات واعادة الامور الى طبيعتها بعدما حقق الاضراب العام بعض الاهداف المتوخاة منه.
حصيلة الموجهات
وقد ارتفعت حصيلة المواجهات بين مناصري المعارضة والحكومة في اليوم الاحتجاجي الطويل الى خمسة قتلى و133 جريحا.
واعلن رئيس الوزراء فؤاد السنيورة ان الحكومة لن تتساهل امام المساس بالسلم الاهلي.
واعلنت المعارضة اللبنانية بقيادة حزب الله الشيعي اللبناني مساء الثلاثاء في بيان "تعليق" الاضراب مهددة في الان نفسه "بتصعيد آخر" لاسقاط حكومة رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة.
وجاء في بيان المعارضة التي تضم ايضا احزابا مسيحية وموالية لسوريا "المعارضة قررت تعليق الاضراب الذي شكل انذارا للحكومة غير الدستورية (..) الكرة الان بملعب السلطة التي ستجابه بتصعيد آخر اذا استمرت بتعنتها".
من جهته اعلن رئيس الوزراء فؤاد السنيورة في كلمة متلفزة ان اضراب المعارضة "تحول ممارسات وتحرشات تجاوزت كل الحدود وذكرت بازمنة الفتنة والحرب والوصاية". واضاف ان "مسؤوليتنا الوطنية كحكومة وواجبات الجيش اللبناني لا تسمح بالتساهل في الصالح العام والسلم الاهلي واحترام القانون".
وجدد السنيورة دعوته الى "نقل الخلافات من الشارع الى المؤسسات" عبر "اصدار مرسوم بفتح دورة استثنائية لمجلس النواب".
وكان مصدر حكومي اعتبر ان عمليات قطع الطرق التي يقوم بها مناصرو المعارضة "عمل ميليشيات مسلحة لانها لا تستخدم لا ادوات سلمية ولا ديموقراطية وقد فشلوا في القيام بتحرك سلمي وفشلوا في اثبات ان لديهم الاكثرية بما انهم يرهبون الناس".
وسأل المصدر "هل حزب الله قرر تغيير مهماته من تحرير الجنوب والتصدي لاسرائيل الى قطع الطرق في بيروت والمناطق؟". واضاف "ما جرى اليوم ليس اضرابا بل ارهاب".
وقال الرئيس السابق امين الجميل "نحن في جو فتنة على كل الصعد وهذا الامر يجب ان يتوقف خصوصا في الشارع المسيحي". واعتبر في تصريح تلفزيوني ان ما قامت به المعارضة "لن يؤدي الى اي مكان لانه ليس بالشارع تتبلور الحلول".
ورأى النائب نبيل دو فريج من الغالبية النيابية ان "المعارضة لم تحقق اي نجاح في تحركها بل ادت الى خراب البلد".
وكان رئيس حزب القوات اللبنانية المسيحي سمير جعجع اعتبر ان تحرك المعارضة اللبنانية "ثورة فعلية وانقلاب" متهما القوى الامنية بحماية من يقطعون الطرق.
في المقابل اكد النائب ميشال عون ان الحكومة اللبنانية "مجرمة" مؤكدا ان "انصارها يرتكبون جرائم" بحق المعارضين.
واوقعت مواجهات الثلاثاء خمسة قتلى واكثر من 130 جريحا. وقال ضابط في قوى الامن الداخلي رفض كشف هويته ان "شخصين قتلا في صدامات في مدينة طرابلس (شمال) فيما قتل ثالث في بلدة البترون" في الشمال ايضا. واضاف ان "133 شخصا اخرين اصيبوا بجروح".
وافاد مصدر في مطار بيروت وكالة فرانس برس ان عدد الرحلات الملغاة من لبنان واليها بلغ 34 لافتا الى ان الطريق المؤدية الى المطار لا تزال مقطوعة.
ومع ساعات المساء كانت السنة اللهب لا تزال تتصاعد من الاطارات المحترقة التي استخدمت لقطع الطرق فيما لوحظ ان نسبة الطرق التي فتحت خارج بيروت تفوق نظيراتها داخل العاصمة وضواحيها.
وافاد مراسل وكالة فرانس برس ان التجمعات تفرقت مع الغروب من شوارع بيروت فيما لم تبادر عناصر الجيش اللبناني الى فتح عدد من الطرق.
وكانت المواجهات بين مناصري المعارضة والغالبية انحسرت اعتبارا من بعد الظهر وخصوصا في نهر الموت (شرق بيروت) حيث عملت جرافات الجيش اللبناني على فتح الطريق الساحلية.
وفي جبيل تعرضت سيارة للنائب السابق فارس سعيد الذي ينتمي الى قوى 14 اذار/مارس المؤيدة للحكومة لاطلاق نار ما ادى الى اصابة ثلاثة من مرافقيه نقلوا الى احد مستشفيات المنطقة.
وقال فارس سعيد في تصريح لوكالة فرانس برس "بادرنا الى حركة عفوية في الساعة العاشرة صباحا في محاولة لفتح طريق جبيل الساحلية فاذ بالعناصر الامنية والجيش تحديدا تتجه الينا في شكل قتالي وتطلق النار علينا فيصاب ثلاثة من مرافقي".
واضاف "لنا ملء الثقة بالجيش اللبناني ولكننا نسأل: لماذا اقفلت طرق لبنان في الرابعة فجرا ولم يقم الجيش بتنفيذ اوامر مجلس الوزراء ويفتح تلك الطرق في الرابعة والدقيقة الاولى؟"
وفي بيروت تعرض مبنى تلفزيون "المستقبل" الذي تملكه عائلة الحريري مساء لرشق بالحجارة فيما اصيب شخصان بجروح حين عبرت سيارة امام مبنى التلفزيون واطلق من فيها النار.
وسجلت صدامات حادة بين مناصري المعارضة والموالاة في منطقة كورنيش المزرعة (غرب بيروت) وفي مناطق الزلقا ونهر والموت والجديدة ذات الغالبية المسيحية.
وجاء هذا التحرك تلبية لاضراب عام دعا اليه اقطاب المعارضة التي يقودها حزب الله الشيعي للمطالبة باسقاط الحكومة وذلك في ضوء استمرار الاعتصام المفتوح الذي ينفذه المعارضون في وسط بيروت منذ اول كانون الاول/ديسمبر الفائت.