يمثل الأمريكيون العرب ثقلا لا يستخف به في شتى القطاعات الحياتية في الولايات المتحدة الأمريكية، فمنهم المعلمون والمهنيون في القطاع الطبي والعمال في صناعة السيارات وتجدهم أول المستجيبين لنداء الوطن. وكما أن الأمريكيين العرب يمثلون مجتمع أعمال مهم للازدهار المحلي للمجتمعات الاخرى في كافة أرجاء الولايات المتحدة، فضلا عن كونهم جسرا يربط بين أوطانهم الأصلية ويقدم رؤى سياسية وتجارية مهمة لعمليات التطوير التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ومع ذلك، يوصف الأمريكيون العرب بالمصطلح "السلسلة الأضعف في الحرية المدنية بالولايات المتحدة الأمريكية" بسبب أن حقوق المجتمع العربي يتم المجازفة بها في بعض الأحيان من قبل الممارسات العدوانية وغير الدستورية لقوى تطبيق القانون.
ويشكل تصويت الأمريكيين العرب، في أي سنة انتخابية وفي مناطق عدة من الدولة، أهمية بالغة، ويتجلى هذا الأمر في ميتشجان التي يمثل الصوب العربي فيها أكبر كتلة من الجمهور الانتخابي. وكما أن أهمية الأمريكيين العرب قد بزغت مؤخرا في شمال نيو جيرسي عندما لعبوا دورا حاسما هذه السنة في مساعدة صديقهم القديم عضو الكونجرس بيل باسكريل على الفوز في جولة انتخابية مبدئية شهدت منافسة شرسة. علاوة على ذلك، تسعى جهات عدة إلى نيل رضا المجتمع العربي في مقاطعات مهمة في كل ولايات أوهايو وبنسيلفانيا وفرجينيا وألينوي وفلوريدا، مع الإشارة بأن الأمريكيين العرب تنمو أعدادهم بشكل مطرد، حيث توضح الأرقام الصادرة من دائرة الهجرة بأن أكثر من 500.000 ألف عربي قد دخلوا الولايات المتحدة كمهاجرين شرعيين في العقد الفائت، رافعا العدد إلى حوالي 900.000 الف عربي في السنوات العشرين الفائتة.
وحسبما تظهر خبرتنا وثقلنا الانتخابي في العقدين الفائتين وبشكل جلي لا لبس فيه بأن الأمريكيين العرب ينتخبون حالهم حال معظم الأمريكيين ولكنهم يتميزون بميزة خاصة، فهم يهتمون بالاقتصاد ومؤثراته على عوائلهم ويريدون أن تكون الدولة امنة ويريدون أن تكون حقوقهم كأمريكيين محمية ومصانة، فضلا عن إن اهتمامهم ينصب في جودة وتوافر الرعاية الصحية ومؤسسات التعليم العام. ولكن بسبب صلتهم بالشرق الأوسط، فهم أيضا مهتمون وبشدة مثلما يتوجب أن يهتم به جميع الأمريكيون بنمط إدارة سياستنا الخارجية في ذلك الجزء المهم من العالم.
وقد انقسم المجتمع العربي طيلة التسعينيات من القرن الفائت عندما بدأنا قياس مواقف الناخب الأمريكي العربي، انقسم وبشكل متساو تقريبا بين هؤلاء الذين عرفوا بالديموقراطيين وهؤلاء الذين عرفوا بالجمهوريين، إلا أن هذا الوضع أخذ بالتغير أثناء فترة حكم الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش وصولا إلى المؤازرة الساحقة التي أبداها الأمريكيين العرب للرئيس الأمريكي باراك أوباما في انتخابات العام 2008. وحسبما تشير إليه المؤشرات الأولية لانتخابات 2012، فإن الأمريكيين العرب لا يزالون يؤيدون الرئيس الحالي باراك أوباما ولكن مع انخفاض طفيف عنما كان عليه الحال قبل أربعة أعوام. وبينما ربما يكون الأمريكيون العرب محبطين من إخفاق الرئيس باراك أوباما في الوفاء بالوعود الأولى بخصوص إحداث تغيير في السياسات المحلية والخارجية، فلم يترجم ذلك إلى دعم وتأييد لمنافسه الجمهوري ميت رومني.
وثمة نتائج تم التوصل إليها في استطلاع لآراء الأمريكيين العرب نظم في منتصف سبتمبر من قبل المعهد العربي الأمريكي (AAI)، حيث مسح الاستطلاع الذي أجراه محللون مختصون آراء 404 ناخبين على مستوى الولايات المتحدة وكان هامش الخطأ فيه أ±5 %. وقد كشف هذا الاستطلاع بأن الرئيس باراك أوباما يتقدم على منافسه الرئاسي ميت رومني بنسبة 52 % إلى 28 % وبأن 5 % من الامريكيين العرب يؤيدون مرشحون من أحزاب صغيرة و16 % منهم لم يحسموا أمرهم بعد. ويظهر التقدم الجيد هذا بأن الرئيس باراك أوباما لا يزال لديه المجال لإعادة نسبة 67 % إلى 28 % للهامش غير المتوازن الذي تفوق به ضد المرشح الجمهوري جون ماكين في الانتخابات الرئاسية لعام 2008 بين الناخبين العرب.
وقد تكون فجوة الـ 15 نقطة هذه لأداء الرئيس بين الناخبين الأمريكيين العرب في 2012 و2008 ذات أهمية بالغة في حال احتدام المنافسة الانتخابية، وإذا فشل الرئيس باراك أوباما في استعادة هذه الأصوات، فإنها قد تمثل خسارة محتملة لأكثر من مئة ألف صوت في الساحة الانتخابية لخمس ولايات رئيسية.
ويعتبر الاقتصاد بكل المقاييس القضية الأكثر أهمية لثمانية من كل عشرة أمريكيين عرب وتأتي السياسة الخارجية في المرتبة الثانية وتليها الرعاية الصحية. عند سؤال الأشخاص المستطلعة أراءهم "من سينفذ المهمة بشكل أفضل – في سلسلة من قضايا السياسة المحلية والخارجية (التي تشمل: الاقتصاد والرعاية الصحية والضرائب والحريات المدنية وتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والحوار والاتصال بالعالمين العربي والإسلامي) فإن الرئيس باراك أوباما يتفوق بسهولة على منافسه الرئاسي ميت رومني"- على الرغم من أنه من الاهمية بمكان الإشارة إلى إن الرئيس أوباما حاز على أقل معدل تأييد فيما يختص بالتعامل مع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وقد حدث انخفاض ولا يزال في أعداد الأمريكيين العرب الذين يعتبروا كديموقرطيين، حيث هبطت النسبة إلى 46 % من 54 % وهي أعلى نسبة سجلت في العام 2008. وبشكل متواز، انخفظت نسبة أعداد الجمهوريين أيضا إلى 22 % من نسبة 27 % في العام 2008. وكما إن هبوط الأحزاب القديمة الكبيرة لا يزال مستمرا منذ العام 2000 عندما انقسم الامريكيين العرب وبشكل متساو تقريبا بين الحزبين الكبيرين. أما اليوم وكما في عامي 2008 و2010، فإن المجتمع العربي يفضل الحزب الديموقراطي بهامش يبلغ إثنين إلى واحد. وما يجدر ذكره أيضا في هذا الصدد أن هنالك زيادة في عدد الأمريكيين العرب الذين يمكن وصفهم كمستقلين، إذ بلغت نسبتهم 24 % في العام 2012 وهم ينضوون ضمن الناخبين في هذه المجموعة التي ارتأت بأن أداء الرئيس لم يحقق المستوى المأمول في 2012.
وكما ساعد الاستطلاع على تسليط الضوء على بعض مجالات الاهتمام الشخصية للأمريكيين العرب، حيث أعرب 40 % منهم بأنه منذ أحداث 11/9 المشؤومة فإنهم واجهوا نوعا من العنصرية ضدهم بسبب انتمائهم العرقي، في حين ذكرت شريحة أكبر من الأشخاص المستطلعة أراؤهم بأنهم يخشون من أن تصبح هذه الظاهرة مشكلة أكبر في المستقبل حيث تعاني منها كل المجموعات الفرعية للمجتمع الأمريكي العربي ولكنها متجذرة ويشعر بها الأمريكيين العرب الأصغر سنا (18 - 29 سنة) وخصوصا المسلمين منهم. وإلا إن هذا الشعور بالتفرقة لا يجبرهم على التملص من عرقيتهم حيث أعرب ستة من كل عشرة أشخاص بأنهم يصفون أنفسهم بـ"الأمريكيين العرب" وثمانية من كل عشرة أشخاص بأنهم فخورون بخلفيتهم العرقية.
علاوة على ذلك، كشف الاستطلاع أيضا بأن الأمريكيين العرب أيضا يشعرون بالأمان الاقتصادي بصورة أكبر من قرنائهم الامريكيين وبأنهم أكثر ثقة بالمستقبل، إذ أعرب أكثر من ستة لكل عشرة أشخاص بأنهم يشعرون بالأمان في وظائفهم وأعرب نصف من شملهم الاستطلاع بثقتهم أن أبنائهم سيحصلون على حياة أفضل.
وخلاصة القول، على الرغم من عدم ضخامة أعدادهم فإن الأمريكيين العرب هم حقا مجتمع جدير بالاهتمام به، خصوصا في حال احتدام الانتخابات الرئاسية المترقبة.

الأمريكيون العرب أكثر ميلا إلى انتخاب الرئيس الحالي باراك أوباما