الأسد يقود معركة دامية "من أجل" سوريا

تاريخ النشر: 07 يونيو 2012 - 09:26 GMT
الأسد يقود معركة دامية "من أجل" سوريا
الأسد يقود معركة دامية "من أجل" سوريا
يصوره خصومه على أنه جزار تقطر من يديه دماء الالاف الذين قتلوا خلال الحملة التي يشنها للحفاظ على حكم اسرته لسوريا المستمر منذ اربعة عقود.
 
لكن الرئيس بشار الاسد الذي تغلب على ما اعتبرها البعض موجة لا يمكن وقفها من الاحتجاجات الشعبية يقول انه يقاتل لانقاذ البلاد من "ارهابيين" تدعمهم قوى اجنبية يسعون لهدم الدولة.
 
وفي مواجهة ضغوط دولية بسبب مذابح مزعومة ودعوات بضرورة اتخاذ اجراء عاجل لمنع انزلاق سوريا إلى حرب اهلية شاملة قال الاسد امام البرلمان يوم الاحد "لا مبرر للارهاب تحت اي ذريعة او عنوان ولا تساهل بالتالي ولا مهادنة معه ولا مع من يدعمه ولا تسامح الا مع من تخلى عنه وسنستمر بالحزم في مواجهته بالتوازي مع فتح الباب لكل من يريد العودة عنه في حال لم تلوث يداه بالدماء."
 
وقال الاسد (46 عاما) وهو طبيب عيون خلال ظهور نادر قارن فيه نفسه بجراح يجري جراحة لانقاذ حياة شخص انه لا يوجد إنسان عاقل يحب الدماء.
 
واضاف "عندما يدخل الطبيب الجراح إلى غرفة العمليات ويفتح الجرح وينزف الجرح ويقطع ويستأصل ويبتر .. ماذا نقول له تبت يداك هي ملوثة بالدماء أم نقول له سلمت يداك لأنك أنقذت المريض."
 
وورث الاسد السلطة عن ابيه بعد رحيله عام 2000 بعد ثلاثة عقود من الحكم ولم تظهر عليه علنا علامات على القسوة أو الجاذبية أو الوعيد التي اعتمد عليها حكام مستبدون آخرون في الشرق الأوسط لقمع الاحتجاجات.
 
وكان احد المناصب العامة القليلة التي تولاها قبل ان يقفز إلى دائرة الضوء بعد وفاة شقيقه الأكبر باسل في حادث سيارة عام 1994 منصب رئيس الجمعية السورية للحاسب الالي.
 
ويلقي الاسد خطاباته دائما بأسلوب غير مثير وهاديء.
 
لكن بعد 15 شهرا من الانتفاضة الشعبية ضد حكمه التي اصبحت الاكثر دموية واستعصاء على الحل بين الانتفاضات التي اجتاحت المنطقة العربية أثبت الأسد قدرة أكبر على البقاء في منصبه من اربعة حكام عرب قدامى اطاحت بهم انتفاضة شعبية او انتفاضة مسلحة.
 
وقال الاسد في خطابه "أنا أؤكد أن انتهاء هذا الوضع قريب بغض النظر عن التآمر الخارجي ولن نسمح للقادمين من خارج التاريخ أن يكتبوا شيئا لم يكتبه التاريخ من قبل وهو أن السوريين يوما دمروا وطنهم بأيديهم."
 
لكن تقديرات الأسد المتفائلة تقف في مواجهة المبعوث الدولي الخاص كوفي عنان والأمين العام للامم المتحدة بان جي مون وعدد من زعماء العالم الذين يحذرون من ان شبح انزلاق سوريا إلى حرب اهلية شاملة ربما تتجاوز حدودها يلوح في الأفق بدرجة أكبر.
 
لكن قاعدة سلطة الاسد التي تتركز حول ابناء الطائفة العلوية التي ينتمي إليها وأجهزة مخابرات متعددة والجيش لم تهتز كثيرا تحت وطأة العنف المتزايد والانهيار الاقتصادي والعزلة الدولية.
 
وربما أغضبت المعارضة رسائل الكترونية سربتها صحيفة جارديان البريطانية في مارس آذار أظهرته وهو يمزح مع زوجته بشأن اصلاحاته السياسية ويقوم بتحميل اغنيات من موقع اي تيونز في الوقت الذي كان الجيش يقصف فيه مدينة حمص لكنها في الوقت نفسه عكست حالة من الاطمئنان والثقة لدى الرئيس السوري.
 
وقال سياسي لبناني زار دمشق في يناير كانون الثاني ان الرئيس السوري كان يتناول العشاء في احد مطاعم دمشق الراقية بينما كانت قوات المعارضة تقاتل قوات الامن في ضواح على بعد نحو خمسة كيلومترات فقط.
 
وطوال الازمة لم تتغير رسالة الاسد عن مضمونها الرئيسي وهو انه سيسحق اي معارضة مسلحة وسيقدم اصلاحات بشروطه وبالايقاع الذي يحدده.
 
ويقول المعارضون ان الاصلاحات التي اجريت حتى الان والتي تتضمن انهاء حالة الطوارئ ومنح الجنسية لآلاف الاكراد واصلاحات دستورية خففت قبضة حزب البعث على السلطة ليست اكثر من مبادرات خاوية قوضها استمرار عمليات القتل والاعتقال.
 
وأعاد تعديل دستوري فقرة تتطلب ألا يقل عمر الرئيس عن 40 عاما وهو شرط جرى تعديله على عجل عام 2000 للسماح لبشار الذي كان يبلغ من العمر آنذاك 34 عاما بتولي الحكم.
 
ومع توليه الحكم طرح الاسد فكرة اصلاح احدى اكثر الدول العربية خضوعا لقبضة محكمة واشرف على توجه لم يستمر طويلا نحو الحرية السياسية قبل ان يتلاشى "ربيع دمشق" وسط موجة من القمع والاعتقال.
 
كما عزز الاسد تحالف ابيه الاستراتيجي مع ايران ودعم حركات اسلامية من بينها حركة حماس وحزب الله الشيعي اللبناني.
 
وانهى الاسد نحو ثلاثة عقود من الوجود العسكري السوري في لبنان المجاور تحت ضغوط دولية بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005.
 
لكن انهيار الحكومة اللبنانية الموالية للغرب بقيادة سعد الحريري العام الماضي كان احدث علامة على ان الاسد استرد نفوذه في لبنان.
 
وعلى الرغم من دعمه للنشطاء المعادين لاسرائيل بدأ الاسد محادثات سلام غير مباشرة معها على الرغم من استمرار الاحتلال الاسرائيلي لمرتفعات الجولان منذ عام 1967 وابقى الجبهة هادئة بين البلدين.
 
وفي الداخل بدأ الاسد تحرير الاقتصاد مخففا السيطرة المركزية التي استمرت لعقود وفاتحا الباب امام استثمارات اجنبية محدودة. لكن في حين حقق المحيطون به ومن بينهم ابن خاله رامي مخلوف لثروات طائلة لم يحصل السوريون العاديون على كثير من المكاسب.
 
كما حافظ هيكل أجهزة الامن السورية القائم على المحاباة على حكم أسرة الأسد في خضم التهديدات الاخيرة حيث يقود شقيقه ماهر الحرس الجمهوري بينما يشغل صهره آصف شوكت منصب نائب رئيس اركان القوات المسلحة.

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن