اعلن الرئيس السوري بشار الاسد ان "الغرب سيدفع ثمن تمويله لتنظيم القاعدة في سورية"، في "قلب اوروبا وقلب الولايات المتحدة"، وذلك في مقابلة مساء الاربعاء عبر قناة "الاخبارية" السورية.
ومما سيقوله الاسد، بحسب جزء مقتضب من المقابلة نشر على صفحة الرئاسة الجمهورية السورية على موقع "فايسبوك" على الانترنت، "كما مول الغرب القاعدة في افغانستان في بدايتها، ودفع الثمن غاليا لاحقاً الآن يدعمها في سورية وفي ليبيا وفي اماكن اخرى، وسيدفع الثمن لاحقاً في قلب اوروبا وفي قلب الولايات المتحدة".
وأكّد الرئيس الاسد "أن الجيش السوري يواجه بشكل أساسي القوى التكفيرية" مشيراً الى أن "الشيء الوحيد الذي نراهن عليه هو وعي الشعب السوري، ولا قلق عليه".
واشار الرئيس الاسد الى ان "الاولوية لنا دائما بالنسبة لنا هي الناحية الانسانية"، وأكّد أنه "نحن نقوم بعملية قضاء على الارهابيين وان لم نقض عليهم فلا معنى لتحرير أي منطقة في سورية". وإذ شدّد على أن الاكراد في سورية هم جزء طبيعي وأساسي من النسيج السوري، قال "الاكراد ليسوا ضيوفاً ولا طارئين ومعظمهم في سورية هم وطنيون سوريون"، لافتاً الى ان "كثير من عائلات الشهداء الذين التقيت بهم هم من الاكراد".
ورأى ان "رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان فشل بما سمي سياسة "صفر" مشاكل والتي تحولت الى صفر سياسة وصفر رؤية وصفر اصدقاء ومصداقية وصفر أخلاق". معتبراً أن "مؤتمر الحوار الوطني هو جزء من الحل السياسي"، واشار الى "اننا نحاور مع من يغار على سورية ومع من لم يتعامل مع "اسرائيل" لا سراً ولا علناً"، ولفت الى أن "المعارضة لا يمكن ان تكون وطنية الا اذا كانت مستقرة".
وأضاف: "بني في سورية منذ عام 1970 حتى اليوم ثمانية عشر ألف مسجد والمؤسسات الدينية كانت الاكثر انضباطا والملتزمون بدينهم في سورية سواء أكانوا مسلمين ام مسيحيين هم الاكثر وطنية".
وقال الاسد ان هناك محاولة لاحتلال سورية ثقافياً من خلال الغزو الفكري بهدف إخضاع البلاد إما للقوى الكبرى والغرب، أو للقوى الظلامية التكفيرية. وفي حديثه عن عيد الجلاء صرح الأسد: "نحن بحاجة للتمسك بمعنى الجلاء ومعاني الاستقلال. هذا العيد يعني لنا منذ الطفولة العزة ويجب أن يظل كذلك، مضاف إليه حاضر الكرامة".
وقال الرئيس السوري إن الأحداث التي تشهدها سورية حرب بمعنى الكلمة، وإن كانت هذه الأحداث قد ظهرت في بادئ الأمر كأحداث أمنية، وهو ما لا يزال البعض ينظر اليه على أنه كذلك. وأضاف: "هناك قوى كبرى بقيادة الولايات المتحدة، التي تاريخياً لا تقبل بدول تتمتع باستقلالية القرار، بما في ذلك الدول الأوروبية". كما شدد على أن سورية في موقع جيوسياسي مهم جداً والرغبة بالسيطرة عليها ليست جديدة ومتواصلة. وواصل: "تقدم هذه الدول الدعم السياسي والإعلامي في بادئ الأمر، ومن ثم تحول هذا الدعم إلى مادي ولوجيستي، ونعتقد ان هناك دعما في مجال التسليح".
وتابع: "هناك دول إقليمية، عربية وغير عربية، كتركيا على سبيل المثال باعت واشترت الكثير، وأوجدت لنفسها موقعاً على الساحتين العربية والإسلامية، من خلال ما وصفه بالدعم الظاهري للقضية الفلسطينية". وأضاف الأسد أنه على ما يبدو أن هذا الدور "تجاوز بعيداً ما هو مسموح به من قِبل الأسياد، أي الدول الكبرى"، فكان لابد من التراجع عن هذا الدور". كما تحدث بشار الأسد عمّا أسماه بـ"الدور السوري الشفاف إزاء القضية الفلسطينية وقضايا الحقوق والكرامة"، وأن "بقاء الدور السوري يسبب إحراجا ففضح هذه الدول، وجعل الأمر بالنسبة لها مسألة حياة أو موت سياسي، فقامت هذه الدول بالزج بكل قواها لضرب سورية وطنا وشعبا".
كما تحدث الرئيس السوري عن "لصوص ومرتزقة يتقاضون الأموال بهدف تخريب سورية"، مشيرا إلى "التكفيريين" و"القاعدة" و"جبهة النصرة" وقال إنها "تقع تحت مظلة فكرية واحدة". وأكد بشار الأسد أن سورية تواجه هذه القوى التكفيرية، وقال إنها (القوى) "تلقت ضربات قاسية جداً مكّنت من القضاء عليها في بعض المواقع، أو أجبرتها على الانتقال إلى مواقع أخرى". وقال الأسد إنه "من غير الممكن ان نصدق بأن الآلاف يدخلون مع عتادهم الى سورية في وقت كان فيه الاردن قادرا على ايقاف، او القاء القبض، على شخص واحد يحمل سلاحا بسيطا للمقاومة في فلسطين".
وفيما يتعلق بالحرب الطائفية التي بات البعض يتحدث عنها في سورية قال الأسد إنه "في كل المجتمعات هناك أشخاص يحملون فكرا محدودا وشعورا وطنياً ضعيفا"، مشيرا إلى أن هؤلاء يظهرون في كل الأزمات بفكرهم وأدائهم الضار. وأكد بشار الأسد على أن ضرر هؤلاء الأشخاص ليس على نطاق واسع وإنما على شكل بؤر، معيداً إلى الأذهان "الإخوان المسلمين" الذين ظهروا في ثمانينات القرن الماضي في سورية، والذين نجحوا "في تسويق الفكر الطائفي"، على الرغم من انعدام وسائل الاتصال الحديثة المتوفرة الآن. وقال الأسد إن الشيء الوحيد الذي يمكن الرهان عليه في هذه الحالة هو "وعي الشعب"، مشدداً على أن الشعب السوري أثبت في العامين السابقين أنه شعب واع. ولفت الأسد الانتباه إلى أنه يعتبر أن الوضع الحالي في سورية أفضل مما كان عليه في بداية الأزمة. كما أشار إلى أن الشعب السوري فهم التزوير الذي يروج له عدد من وسائل الإعلام، ويقدر ما افتقدته البلاد من الأمن والأمان الذي كان سائداً في سورية، مشيراً إلى ما اعتبره التجانس بين مكونات الشعب السوري، منوها إلى رفضه لكلمة التعايش التي اعتبرها غير دقيقة. وشدد الأسد على أنه لا خوف على الشعب السوري الذي فهم ما يدور، واصفاً إياه بالعظيم. وأشار الرئيس السوري إلى "الوحدة الوطنية" التي تجمع بين جميع السوريين، مستشهدا بحالة الحزن التي عمت سورية بعد مقتل الشيخ محمد البوطي، وبمجالس العزاء العفوية، ومشيراً إلى أن هذا الحزن "أصاب حتى مسيحيي سورية". أما في ما يتعلق بالمواجهات العسكرية في سورية فقال الأسد إنه في بادئ الأمر كانت القوات النظامية معنية بطرد "العصابات المسلحة" من مواقع تسيطر عليها، دون الاهتمام بملاحقتها للقضاء عليها، أما الآن فإن الوضع يختلف عمّا كان عليه في البداية. وأضاف أن "الإرهابيين" كانوا ينسحبون من مواقع إما فراراً منها، أو مناورة، لكن ذلك لم يؤد إلى القضاء عليهم، لافتاً الانتباه إلى أن الهدف الآن هو القضاء عليهم بالكامل وليس مجرد ملاحقتهم لطردهم. وأكد الرئيس السوري عدم خشيته من تقسيم البلاد على أسس عرقية أو دينية، وذلك انطلاقاً من أن الشعب السوري متجانس فيما بينه في كل مناطق البلاد، الأمر الذي يعني عدم وجود خطوط فاصلة في داخل البلاد تؤدي لاحقاً إلى تقسيمها