وتقول المصادر ان واشنطن باتت تنظر بعين القلق للحراك السياسي "المستقل" الذي تقوم به الرياض، هذا الحراك الذي تنامى بشكل كبير في الاسابيع الاخيرة وبدأ بجمع الاشقاء الخصوم في فتح وحماس الذين توصلوا الى اتفاق مكة لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية والتي من المفترض ان ترى النور خلال الاسبوع الجاري، هذه الخطوة التي قامت بها زعيمة العالم الاسلامي وجدتها واشنطن معارضة لسياستها في المنطقة، فالولايات المتحدة تريد ابقاء مشاركة أي فصيل الى جانب حماس في الحكومة رهينة باعتراف الحركة الاسلامية باسرائيل وهو ما لم يحصل باتفاق مكة حيث تمكنت العربية السعودية من الوصول الى قلب نقاط الخلاف بين الرئاسة والحكومة من دون تقديم أي طرف تنازلا للاخر انما تقاسم الطرفان المسؤولية وعادا راضيين من مكة.
النقطة الاخرى التي ازعجت واشنطن هو الزيارة التي قام بها رئيس ايران احمدي نجاد الى الرياض وخرج الطرفان باتفاقية بين الشيعة والسنة وهذا سينعكس بالطبع على الساحتين العراقية وربما اللبنانية التي كانت ايضا حاضرة بقوة على طاولة البحث في الرياض كذلك في بيروت والواضح انها اخذت مكانها الصحيح بين الفرقاء في لبنان والواضح ايضا ان ذلك يبعد أي دور اميركي تدخل على مدى شهور عبر السفير جيفري فيلتمان، لصالح طرف على حساب طرف آخر وهو الامر الذي لم يعتد اللبنانيون عليه عند التوصل الى حل من خلال مشاكلهم وحروبهم الاهلية التي خاضوها خلال العقود الماضية
الخطوة الثالثة كانت زيارة بوتين الى السعودية، فقائد وريث الدولة الشيوعية الكبرى خرج من عند قادة العالم الاسلامي باتفاقات اقتصادية وسياسية تصب في مصلحة البلدين لكن يبدو انها لا تصب في الخرج الاميركي.
السعودية التي مارست دورها بشكل مستقل ومسؤول كقائدة للعالم للاسلامي وكدولة كبيرة وقوية اقتصاديا وسياسيا ودينيا ايضا، باتت تواجه وبشكل خفي هجمة دبلوماسية اميركية مسعورة، ووفق ما افادت به المصادر فان واشنطن تسعى الان اكثر من ذي قبل الى نزع الثقة من السياسة السعودية المستقلة التي لا تتطابق مع سياستها في المنطقة والعالم من خلال التشويش على اتفاق مكة مثلا واعتباره لا يلبي المطالب الدولي وان السعودية حسب ما تسرب الادارة الاميركية اخترقت القوانين التي وضعتها الشرعية الدولية الدولية، واعلنت وزيرة الخارجية الاميركية كونداليزا رايس ان بلادها سترفض التحاور ولن تتعاون مع الحكومة الفلسطينية الجديدة، وتسعى لدفع وروبا لاتخاذ ذات الموقف لمقاطعة الحكومة الفلسطينية او أي مؤسسة في السلطة الوطنية تشارك فيها حماس
وفي لبنان عملت الولايات المتحدة كل ما بوسعها لتثبيت الحكومة الحالية رغم الاضطرابات والضحايا والاعتصامات التي تقوم بها المعارضة رافضة أي قانون يتيح الشراكة السياسية للمعارضة مع الحكومة وهو ما اكدته مصادر بانه نتيجة تدخل مباشر من السفير الاميركي في بيروت الذي رفض المبادرة الايرانية السعودية والتي وجدت اطياف سياسية متنوعة في لبنان انها (المبادرة) قد تقود الى استقرار سياسي واجتماعي واقتصادي في البلد.
وليس خافيا بان الموقف السعودي غير مرتاح من سياسة رئيس الحكومة اللبنانية الا ان الادارة الاميركية اقنعت فؤاد السنيورة بضرورة التمسك بموقفه وقطع الحوار مع المعارضة وانها قادرة على تغيير الموقف السعودي الذي يعتبر الداعم الاقتصادي رقم واحد للبنان
ويبدو ان المملكة العربية السعودية قرأت السياسة الاميركية جيدا فيما يتعلق بالملف النووي الايراني، فواشنطن عملت على ضم الرياض الى المعسكر المعادي لايران وحاولت الادارة الاميركية خلق اجواء من الهلع لدى الدول الخليجية خاصة والعربية عامة من السلاح النووي الايراني، وايهامهم بعدم امكانية حل معضلة الشرق الاوسط والصراع العربي الاسرائيلي ما دام هناك ملف نووي ايراني يعطل التقدم في عملية السلام، بالتالي تقنع الدول العربية وخاصة في الخليج للتصدي لايران النووية لحل عقدة الصراع مع اسرائيل، وهو الامر الذي يفتح جبهة ثانية مع العرب في الوسط والشرق.
ومع اقتراب انعقاد القمة العربية في الرياض فان الظرف الراهن لابد ان يدفع للتصدي للسياسة الاميركية التي اثبتت فشلها في ملف الصراع العربي الاسرائيلي والعراق ولبنان واتخاذ موقف جاد قبل ان تنشب حرب جديدة يكون وقودها الانسان والمال العربي فيما تبقى الولايات المتحدة تراقب من بعيد لترى حجم النصر الاسرائيلي