ازدادت المخاوف الثلاثاء في مدينة فرغسون الاميركية من اندلاع اعمال عنف جديدة بعد اضطرابات ليلة الاثنين الثلاثاء التي اندلعت احتجاجا على قرار هيئة محلفين اسقطت الملاحقات القضائية بحق شرطي ابيض قتل الشاب الاسود مايكل براون في اب/اغسطس الماضي.
وكانت الجادة الرئيسية في هذه الضاحية التابعة لسانت لويس في ميزوري التي شهدت طوال الليل حرب شوارع، مقفرة الثلاثاء، وتطوقها الشرطة وغارقة في صمت غير طبيعي يعكره فقط هدير مروحية طائرة هليكوبتر لقوات الامن.
وقال شرطي لدى منعه صحافية من وكالة فرانس برس الاقتراب، "ما زال يتعين علينا ان نتصدى لعمليات نهب وسرقات". واضاف ان "الدخول الى منطقة الاضطرابات مسألة بالغة الخطورة".
وقد استيقظ سكان في الجوار مصدومين. فقد كان اشخاص مذهولون يلتقطون صورا لبقايا متاجر تعرضت للنهب ولا زالت النيران تنبعث منها.
وقالت انجي، ربة العائلة السوداء التي تعمل في محل بقالة "هذا امر مرعب. لم ار من قبل اعمال شغب مماثلة". واضافت "اصلي حتى اتمكن من العودة سالمة الى منزلي".
ويتوقع آخرون اعمال عنف جديدة "ما لم ترفع الحكومة صوتها وتعرض قانونا يرضي الناس"، كما قال مورغان ابوت، الرسام الابيض الذي لا يفهم لماذا "دمر الناس مدينتهم".
وطلب حاكم ميزوري جاي نيكسون الذي اعلن حالة الطوارىء تعزيزات جديدة من الحرس الوطني خشية اندلاع اعمال عنف جديدة.
وفور الاعلان عن الحكم الذي اصدرته الاثنين هيئة محلفين، اندلعت اعمال العنف في هذه المدينة الصغيرة فيما نزل الاف الاميركيين في عدة مدن اميركية من سياتل الى نيويورك مرورا بشيكاغو ولوس انجليس الى الشوارع للتنديد "بالعنصرية التي تقتل".
وردد المتظاهرون الغاضبون الذين لم يصغوا الى الدعوات الى الهدوء التي وجهها في المساء الرئيس باراك اوباما وعائلة براون التي ستتحدث في الساعة 11,00 بالتوقيت المحلي (17,00 ت غ)، "لا عدالة ولا سلام".
وفي فرغسون، اطلقت على قوات الامن 150 رصاصة كما قالت ولم تسفر اي ضحايا. وتلقى صحافي من وكالة فرانس برس ضربة في وجهه لكنه ليس في حالة مقلقة. واعتقل تسعة وعشرون شخصا وقبض في نيويورك على شخصين.
ورد عناصر الشرطة الذين وصلت اليهم تعزيزات من الحرس الوطني ومن مكتب التحقيقات الفيدرالي، باطلاق الغاز المسيل للدموع والهراوات وقنابل التعمية.
وبعد ثلاثة اشهر من المداولات، اعلن مدعي دائرة سانت لويس مساء الاثنين ان الشرطي دارين ويلسون لن توجه اليه التهم بعدما خلصت هيئة المحلفين الى انه تصرف بموجب الدفاع المشروع عن النفس بعد حصول مشادة بينه وبين براون.
وقال المدعي روبرت ماكولوخ امام الصحافيين "ليس هناك من شك بان الشرطي ويلسون تسبب بموت" مايكل براون متحدثا عن "وفاة ماساوية". لكن اعضاء هيئة المحلفين ال12 ، تسعة بيض وثلاثة سود، اجروا تحقيقا "كاملا ومعمقا".
واشاد محامو الشرطي بقرار الهيئة التحكيمية الذي جاء فيه ان على رجال الشرطة اتخاذ "قرارات صعبة خلال ربع ثانية".
من جهته، قال محامي مايكل براون لشبكة سي.ان.ان، بنجامين كرامب "هذه ادانة للنظام القضائي برمته". واضاف "يفعل اعضاء الهيئة التحكيمية ما يطلبه منهم المدعي العام".
وانتقد "القرار الظالم" باسقاط الملاحقات القضائية بحق الشرطي الابيض. واضاف "انه قرار ظالم الى اقصى الحدود. نحتج بقوة وبصوت عال باسم مايكل براون".
وقال "اننا نحتج على هذا القرار لأن الشبان السود في كل انحاء اميركا، سواء كانوا في نيويورك ولوس انجليس و كاليفورنيا وكليفلاند يقتلون برصاص الشرطة".
وتمثلت الخطوة غير المألوفة باقدام المدعي العام على نشر كامل ملف التحقيق.
من جهتها قالت بات بايلي وهي من سكان سانت لويس انها كانت تتوقع هذا القرار. وقالت "لقد عشت لفترة كافية لكي ادرك ان الاميركيين المتحدرين من اصول افريقية لا يعتبرون كبقية البشر".
وذكر وزير العدل الاميركي اريك هولدر بان التحقيق الفدرالي مستمر. وقال "التحقيق مستقل عن التحقيق المحلي منذ البداية وسيبقى كذلك" مؤكدا ان السلطات الفدرالية تمتنع عن استخلاص "نتائج متسرعة".
وقد اثار مقتل مايكل براون في اب/اغسطس الجدل مجددا حول موقف قوات الامن والعلاقات العرقية في الولايات المتحدة بعد 22 عاما على قضية رودني كينغ والاضطرابات التي وقعت في لوس انجليس بعد تبرئة اربعة شرطيين بيض صوروا وهم ينهالون بالضرب على الرجل الاسود.
واعربت عائلة الشاب براون عن "خيبة املها العميقة لكون قاتل ولدنا لن يتحمل نتائج افعاله" ولكنها دعت الى الهدوء.
وقد قتل مايكل براون الذي لم يكن مسلحا برصاص دارين ويلسون في احد شوارع فرغسون في 9 اب/اغسطس.
اوباما قلق ويشعر بخيبة امل
وقال الرئيس الاميركي باراك اوباما ان كل من يدمر الممتلكات في أحداث شغب للاحتجاج على قرار هيئة محلفين عليا في ميزوري يجب ان يقدم للمحاكمة وحث الاميركيين الذين أغضبهم قرار المحكمة على العمل معا لتحسين العلاقات بين الطوائف العرقية.
ولليوم الثاني على التوالي انهمك اوباما في تقييم الوضع في بلدة فيرغسون.
وقال اوباما في كلمة القاها في شيكاغو الثلاثاء "إحراق المباني واضرام النار في السيارات وتدمير الممتلكات وتعريض الناس للخطر .. اعمال تخريبية ولا توجد ذريعة تبررها. تلك اعمال جنائية ويجب ان يقدم الاشخاص للمحاكمة إذا تورطوا في أعمال جنائية."
واضاف اوباما انه يتعاطف مع هذه المجتمعات. وقال انه أصدر تعليمات الى وزير العدل اريك هولدر لعقد اجتماعات اقليمية بين زعماء المجتمعات وسلطات إنفاذ القانون في ارجاء الولايات المتحدة لدراسة سبل لبناء الثقة.
ومضى قائلا "الاحباطات التي شاهدناها لا تتعلق فقط بحادث بعينه. انها لها جذرو عميقة في مجتمعات كثيرة من الملونين الذين لديهم احساس بأن قوانيننا لا يجري دائما إنفاذها بطريقة موحدة او منصفة."
وقال لاولئك الذين يعتقدون ان ما حدث في فيرجسون هو ذريعة للعنف "لا اشعر بأي تعاطف معكم عن تدميركم لمجتمعاتكم."
وأمر جاي نيكسون حاكم ميزوري الثلاثاء بارسال مئات اضافيين من جنود الحرس الوطني الي منطقة فيرغسون بعد ليلة من اعمال النهب وتدمير المتاجر في اعقاب قرار هيئة المحلفين عدم توجيه اتهامات جنائية الى الضابط الابيض دارن ويلسون عن اطلاقه الرصاص على الفتى الاسود مايكل براون في اب - اغسطس مما أدى الي وفاته.
ويعلق الاعضاء السود بالكونغرس الاميركي والناشطون المحليون امالهم في العدالة على تحقيق تجريه حاليا وزارة العدل الامريكية بشان ما اذا كان ويلسون قد انتهك حقوق براون المدنية من خلال افراط في استخدام القوة وما اذا كانت شرطة فيرغسون قد انتهكت بشكل ممنهج حقوق الافراد من خلال القوة المفرطة او التمييز.
وكان متحدث باسم البيت الابيض قال الثلاثاء ان اوباما يشعر بقلق وخيبة أمل شديدين للعنف الذي تفجر في بلدة فيرغسون.
واضاف المتحدث إريك شولتز ان اوباما ارجأ لبعض الوقت مغادرة البيت الابيض في رحلة الى شيكاجو حتى يطلع على أحدث تطورات الوضع في فيرغسون من وزير العدل إريك هولدر.
وأبلغ شولتز الصحفيين المرافقين لاوباما على الطائرة "نحن جميعا نشعر بقلق وخيبة أمل شديدين ولدينا خشية من العنف.. اي نوع من العنف وذلك هو السبب في ان الرئيس خرج وتحدث الليلة الماضية."
وقال شولتز "مرة اخرى اريد ان اذكركم بأن الغالبية العظمى للاحتجاجات في ميزوري وارجاء البلاد كانت سلمية وبناءة."
واضاف ان اوباما سيتحدث عن الوضع في فيرجسون اثناء وجوده في شيكاغو..