إصلاحات اقتصادية وتحديات سياسية وأمنية في المغرب في 2014

تاريخ النشر: 01 يناير 2015 - 02:01 GMT
رئيس الحكومة بنكيران/أرشيف
رئيس الحكومة بنكيران/أرشيف

رغم أهمية الإصلاحات الاقتصادية التي أطلقتها الحكومة المغربية التي يقودها حزب العدالة والتنمية الإسلامي، منذ مطلع 2014، إلا أنها اصطدمت برهانات سياسية وأمنية واجتماعية صعبة، في مقدمتها تنامي حدة الاحتجاج ضد سياسات الحكومة وعدم تماسك الائتلاف الحكومي ، وتفكيك خلايا إرهابية مرتبطة بالجماعات المسلحة في سوريا والعراق، وهو ما قد يؤثر على مستقبل الحزب السياسي في وقت تقبل فيه البلاد على تنظيم انتخابات حاسمة السنة المقبلة.

فمع مطلع سنة 2014 أعلنت الحكومة عن حزمة من الإصلاحات الاقتصادية الجريئة، في مقدمتها تقليص الدعم الموجه لعدد من المواد النفطية في أفق القضاء تماما على هذا الدعم مطلع السنة المقبلة، والرفع من سن التقاعد من 60 إلى 65 سنة، والإصلاح الضريبي.

وبررت الحكومة هذه الإصلاحات بكونها ضرورية واتهمت المعارضة بالافتقار إلى بديل.

فقد أكد وزير الشؤون العامة والحكامة محمد الوفا، في تصريحات لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن وقف الدعم عن بعض مواد الطاقة أو خفضه سيوفر حوالي مليار دولار من النفقات، ما يسمح بتقليص عجز الموازنة.

وأدى الرفع التدريجي للدعم عن المحروقات إلى الزيادة أكثر من مرة في ثمن المحروقات بحسب تقلب أسعارها في السوق العالمية، وزادت معها أسعار العديد من المواد الاستهلاكية والنقل والمواصلات، مما خلف استياء شعبيا كبيرا.

وبررت الحكومة هذه الخطوة بالسعي للتحكم في عجز الميزانية الذي تجاوز نهاية السنة الماضية عتبة 7 في المائة، بعد أن وصلت نفقات الدعم عام 2013 إلى أكثر من 5 مليارات دولار أمريكي.

 وسبق للمغرب أن التزم بخفض نسبة العجز إلى 4.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية السنة الحالية، بعد اتفاق سابق مع صندوق النقد الدولي.

واتخذ المغرب هذه الخطوة من أجل الاستمرار في وضع يسمح له بالاستفادة من قرض ائتماني قيمته 6,2 مليار دولار.

واعتبر حزب الاستقلال الخارج مؤخرا من الائتلاف الحكومي ليلتحق بصفوف المعارضة، أن تحرير الأسعار في هذه المرحلة الصعبة التي تشهدها المنطقة يعتبر تهديدا صريحا للاستقرار الاجتماعي.

ودعا الكاتب العام للاتحاد العام للعمال بالمغرب، الذراع النقابي لحزب الاستقلال، ميلودي مخاريق، في تصريحات ل(شينخوا) إلى جعل سنة 2015 سنة للاحتجاج على "سياسات الحكومة اللا شعبية".

ومن الإصلاحات التي باشرتها الحكومة وخلفت جدلا كبيرا ، الرفع من سن التقاعد تدريجيا من 60 سنة حاليا إلى 65 سنة في غضون ثلاث سنوات، بعد أن أصيبت صناديق التقاعد بالإفلاس بسبب سوء في التدبير واختلالات واختلاسات امتدت لعقود.

وبرأي الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى الخلفي، فإن إصلاح نظام التقاعد مسألة مستعجلة لأن العجز المسجل في هذا المجال سيتراكم إلى نحو 87 مليون دولار متم 2014.

وقال الخلفي ل(شينخوا) إن مجموع العجز الذي سيراكمه الصندوق في أفق العام 2017 سيصل إلى 15 مليار دولار.

ولقي هذا الإصلاح من جهته رفضا كبيرا من لدن الشارع والمعارضة، التي اعتبرت انه لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يؤدي المواطن العادي تكلفة الإصلاح وان يتحمل مسؤولية اختلاسات واختلالات قام بها مسؤولون سابقون دون أن تتم محاكمتهم ولا مساءلتهم.

من جهة أخرى، عمقت الأزمة المالية من عجز الموازنة العامة للدولة، مما دفع الحكومة للاقتراض أكثر فأكثر للتغطية على هذا المشكل وكذا لفرض الإسراع في الإصلاح الضريبي الذي ينتظر منه تضمين موارد ضريبية جديدة عبر فرض الضريبة على بعض القطاعات التي تستفيد من إعفاءات ضريبية جمة ويحقق المستثمرون فيها أرباح كبرى.

 وعلى الصعيد السياسي، ما تزال تداعيات انسحاب حزب الاستقلال من الحكومة تؤثر على الأداء الحكومي الذي بات يعاني بشكل واضح من عدم الانسجام بين مكونات الائتلاف الحكومي المكون من أربعة أحزاب منها ما هو يساري وما هو ليبرالي وما هو إسلامي.

ومع قرب الانتخابات المحلية والتشريعية، تشتد حدة الاختلاف بين الأحزاب المكونة للإئتلاف الحكومي والتي تعمل على توظيف الانجازات الايجابية لفائدتها مقابل تحميل حزب العدالة والتنمية كل إخفاق أو قرار خلف ردود فعل شعبية رافضة.

وستعرف سنة 2015 تنظيم انتخابات محلية بالمغرب تمهيدا للانتخابات التشريعية عاما بعد ذلك، وهي استحقاقات يراهن عليها حزب العدالة والتنمية للاستمرار في الحكومة لولاية ثانية، فيما ترى فيها المعارضة فرصة لإزاحة هذا الحزب بالنظر لما قام به من إجراءات انتقدها الشارع المغربي كثيرا.

كما أن وعود الحكومة بمحاربة الفساد باتت محط مساءلة، حيث ما تزال العديد من ملفات الاختلاسات والإختلالات تبارح رفوف المحاكم دون تحريك المتابعة القضائية في حق أصحابها، علاوة على استمرار مراكز النفوذ واستمرار اقتصاد الريع.

وشكل القلق الأمني إحدى أبرز تحديات الحكومة الحالية، إذ أعلنت وزارة الداخلية عن تفكيك ما لا يقل عن 11 خلية إرهابية منذ مطلع العام الجاري.

 وكشفت التحقيقات أن هذه الخلايا كانت بصدد التخطيط لاستهداف أهداف حيوية إما محلية أو أجنبية على أرض المغرب.

ودفع هذا القلق من الانفلات الأمني بالسلطات المغربية إلى نشر دوريات عسكرية اعتبارا من 25 أكتوبر المنصرم في شوارع الحواضر في إطار آلية أمنية جديدة تسعى لفرض الاستقرار في منطقة تهزها الأنواء السياسية والاجتماعية.

الطبيعة بدورها لم تكن هادئة في المغرب خلال 2014، حيث عاش جنوب البلاد نهاية نوفمبر الماضي على وقع فيضانات وسيول، أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 40 شخصا وجرف مساكن وإتلاف أراض زراعية، وخلفت من جهتها استياء شعبيا عارما بسبب ما اعتبره الشارع تلكؤا للسلطات في مواجهة الكارثة وإنقاذ المحاصرين والتخفيف من عزلة المناطق المنكوبة.

وأنهى المغرب عام 2014 بفضائح رياضية بالجملة من أبرزها حادث غرق أرضية ملعب مولاي عبد الله بالرباط خلال بطولة كأس العامل للأندية، وكشفت التحقيقات الاولية في القضية عن وجود اختلالات في صفقة إصلاح الملعب قد تعصف بوزير الرياضة الحالي محمد اوزين الذي أمر العاهل المغربي الملك محمد بتعليق أنشطته لحين استكمال التحقيقات في هذه القضية.

 كما تراجع المغرب عن تنظيم كأس أمم إفريقيا 2015 بسبب وباء إيبولا، وهو ما يعرض المغرب لعقوبات من قبل الاتحاد الإفريقي لكرة القدم علاوة على إقصائه كنتيجة طبيعة من المشاركة في هذه الدورة.(عن وكالة شينخوا)