تقدّم منظمة أطبّاء بلا حدود منذ ما يزيد عن عام الرعاية الطبية إلى اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين المحتجزين داخل مراكز الاحتجاز في طرابلس في ظل ظروف بعيدة كل البعد عن الإنسانية والكرامة.
ويتم تجريد المحتجزين من كرامتهم الإنسانية حيث يتعرضون لسوء المعاملة ويفتقرون إلى فرص الحصول على الرعاية الصحية. ويُلحق هذا الاحتجاز الأذى بهم ويتسبّب لهم بمعاناة غير ضرورية، ويرتبط مباشرةً بأغلبية المشاكل الصحية الجسدية والنفسية التي تستلزم العناية الطبية. يُحتجز الأفراد بصورة تعسفية فلا تتوفر أي وسيلة للطعن في شرعية احتجازهم، ولا يحصلون عمليًا على أي خدمات قنصلية، وهم محرومون من الاتصال بالعالم الخارجي.
وفي ظل غياب سيادة القانون في ليبيا، يضحي نظام الاحتجاز مصدرًا للأذى والاستغلال، ويترافق ذلك مع افتقار مزعج للرقابة والتنظيم. وبغياب أي تسجيل رسمي أو حفظ للسجلات بشكل صحيح، يستحيل تتبّع ما يحصل للأفراد ما إن يدخلوا مركز احتجاز. فبعضهم يُحتجز لفترات مطولة ويتم نقل البعض الآخر بين مراكز احتجاز مختلفة، وإلى مواقع غير معروفة، أو يختفي المحتجزون بين ليلةٍ وضحاها.
تشهد أطبّاء بلا حدود يوميًا على مستوى ضرر كبير لا ضرورة له يتسبّب به احتجاز الأفراد وسط هذه الظروف، وتستطيع الفرق الطبية الاضطلاع بمهام كثيرة للتخفيف من وطأة المعاناة.
تدعو أطبّاء بلا حدود إلى وضع حد للاحتجاز التعسفي للاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين في ليبيا.
احتجاز اللاجئين والمهاجرين
يتعرض المهاجرون واللاجئون وطالبو اللجوء في طرابلس بصورة روتينية إلى الاحتجاز لفترات مطولة داخل مراكز الاحتجاز الخاضعة نظريًا لسيطرة وزارة الداخلية. ويتم احتجاز الأفراد بصورة تعسفية مع انعدام وجود أي خيار للطعن في شرعية احتجازهم أو طريقة معاملتهم.
ووحدها منظمات دولية قليلة قادرة على العمل في ليبيا بسبب استشراء العنف وانعدام الأمن. وفي ظل غياب حكومة موحدة وتفتت السيطرة ووجود وفرة من الجماعات المسلحة، يتواصل القتال العنيف في مناطق متعددة تشمل ضواحي طرابلس التي شهدت على عدد من الاشتباكات بين الميليشيات المدججة بالسلاح خلال العام الفائت. ويبقى الوضع السياسي هشًا، بينما انهار الاقتصاد وانفلت زمام القانون والنظام.
احتجاز مؤذٍ واسغلالي
في ظل غياب سيادة القانون في ليبيا، فإن نظام الاحتجاز غير منظم بالكامل، وهناك افتقار مزعج للرقابة والمساءلة. تنشأ مراكز احتجاز جديدة بين ليلةٍ وضحاها ويُستغل المحتجزون بالعمل القسري لبنائها. وقد يجبر هؤلاء على العمل مقابل الحصول على فرصة الإفراج عنهم وإلا يتم ابتزازهم بصورة منهجية للقيام بذلك. وتُغلَق مراكز احتجاز أخرى فجأة ويبقى مصير المحتجزين داخلها مجهولًا.
وينتهي المطاف بالأفراد محتجزين بعد أن يتم رصدهم على متن قوارب غير صالحة للإبحار في البحر الأبيض المتوسط ويُعادون أدراجهم إلى خفر السواحل الليبي. ويُحتجز البعض للاشتباه بإصابته بفيروس نقص المناعة البشرية والالتهاب الكبد باء أو جيم. ويحتجز آخرون في غارات تتم تحت جنح الظلام، ويُعتقلون عند نقاط التفتيش أو يُجمعون من الشوارع. يُسحب الأفراد من السيارات أو سيارات الأجرة بينما ينتظرون عند إشارة حمراء ويتم بعدئذٍ احتجازهم. في إحدى المرات، صادف فريق أطبّاء بلا حدود مجموعة من الرجال والنساء والأطفال الأنيقين داخل مركز احتجاز ليتبيّن أنّهم احتجزوا بينما كانوا يحضرون حفل زفاف في طرابلس.
ومع عدم وجود أي تسجيل رسمي أو حفظ للسجلات بشكل صحيح، يستحيل تتبّع ما يحصل للأفراد ما إن يدخلوا مركز احتجاز. فبعضهم يُحتجز لفترات مطولة ويتم نقل البعض الآخر بين مراكز احتجاز مختلفة، وإلى مواقع غير معروفة، أو يختفي المحتجزون بين ليلةٍ وضحاها.
انعدام التواصل مع العالم الخارجي
يُحتجز الأفراد من دون أن يعرفوا إن كان سيُفرج عنهم أو متى سيحصل ذلك. يشعرون بالقلق والخوف حيال مصيرهم. ومع انعدام التواصل مع العالم الخارجي، يرغب الأفراد بيأس أن يعرف أحباؤهم بأنهم ما زالوا على قيد الحياة.
زنزانات مكتظة
تعاني الكثير من مراكز الاحتجاز من حالة اكتظاظ خطيرة، ولا تحظى بما يكفي من الضوء الطبيعي أو التهوية. وغالبًا ما تشكّل المباني التي يُحتجز فيها الأفراد مصانع أو مخازن سابقة، وتفتقر إلى البنية التحتية الضرورية لاحتجاز عدد كبير من الأفراد لفترات مطولة. وفي بعض المرافق، تكون المساحة المخصصة لكل محتجز محدودة للغاية بحيث لا يتسنى للأفراد التمدّد ليلًا. ومن شأن حصر أعداد كبيرة من الأفراد في هكذا مساحات صغيرة لأشهر متوالية أن يتسبّب بآلام العضلات والعظام ويسمح بانتقال الأمراض والعدوى مثل الجرب. كما ويتأثر مباشرةً العدد الكبير لالتهابات الجهاز التنفسي بسوء التهوية.