المثليون جنسيا في رمضان: بين أن تصوم أو لا تصوم

تاريخ النشر: 25 أغسطس 2011 - 09:14 GMT
صيام المثليين في رمضان يثير الجدل.
صيام المثليين في رمضان يثير الجدل.

-خاص بموقع البوابة

لطالما اعتبرت العلاقة بين  الدين وعدم الامتثال لفرائضه أمرا مزعجا بالنسبة الكثيرين وخصوصا في حالة المثليين جنسيا. وكثيرا ما يتم التعامل مع الأشخاص الذين ينتمون لما يسمى بالميمات الست - وهي اختصار لمجموعة الهُويات الجنسية: مثليات، مثليّون، مزدوجو الميول الجنسية، متحوّلو النوع الاجتماعي، متسائلون/ أو متخبّطون، متحرّرو الجنس- بشكل تلقائي إما على أساس أنهم خطاة تنتظرهم نار جهنم أو كأشخاص طبيعيين كغيرهم من الناس لا يتوجب الحكم عليهم أو إدانتهم تبعا لميولهم الجنسية. لا يختلف الإسلام عن باقي الديانات فيما يتعلق بالنظرة إلى المثليين وإن كانت النزعة نحو إدانة فعل المثلية أكثر وضوحا فيه برغم ظهور بعض الآراء البحثية القائلة بأن الآية القرآنية "وجعلناكم أزواجا" وهي الآية الثامنة من سورة النبأ لا تدل بالضرورة على العلاقة المتعارف عليها بين الذكور والإناث في المجتمع أوما يسمى بعبارة أخرى بـ "العلاقات الغيرية". 
مع وجود فئات من المجتمع تختار أن لا تصوم رمضان لأسباب عديدة منها الشخصية أو المرضية أو تلك الناتجة عن قناعات خاصة إلا أن وضع المثليين في رمضان له خصوصية مختلفة مما يثير في الذهن أسئلة حول ماهية صيام المثليين والكيفية التي يقضون بها رمضان كغيرهم.
قمت بعمل عدة مقابلات مع مثليين ومثليات تربطني بهم علاقة صداقة حول موضوع الصيام في رمضان، وحقيقة فإن بعض الآراء التي صدرت عنهم يمكن اعتبارها مثيرة للانتباه كما سنرى فيما سيتبع:
سؤال ١: هل تصوم ولماذا؟
خالد إيتاني: "نعم أصوم وذلك لأني أقضي نهار رمضان في المنزل ولا يمكن أن أتناول الطعام أمام والديّ إضافة إلى أنني أحب أجواء رمضان".
أوسوم ريبيل: (لا يصوم رمضان) "الصيام ينأى بالصائم عن كافة أشكال المتعة مثل الطعام والشراب والجنس والسباحة وغيرها...أحب روح رمضان والطعام في رمضان ولكني أعتقد بأن الناس يبالغون في التعامل مع هذا الشهر فمنهم مثلا من يسرف في شرب الكحول في اليوم الذي يسبق أول يوم من رمضان ومن ثم يتصرف كأن تناول المشروب أمر محظور تماما خلال أيام الشهر بينما من الواجب أن يكون الجسم خاليا من الكحول لمدة ٤٠ يوما قبل رمضان".
يوكو: "أصوم شكرا لله. أحاول أن أمتثل لأوامر الله كتعبير عن شكري له".

 

يمثل هؤلاء الأشخاص الثلاثة درجات متفاوتة من الالتزام الديني تجاه رمضان حيث يعتبر خالد إيتاني حالة وسطى من هذا الالتزام ويمثل يوكو الجهة الأكثر التزاما أما أوسوم ريبيل فهو الأقل التزاما بالصيام كما هو واضح. وبشكل مشابه؛ قد يمر الأشخاص غير المثليون بحالات متفاوتة من الالتزام الديني أيضا ففي حالة أوسوم ريبل؛ يعتقد أوسوم بأن انخفاض مستوى الالتزام الديني عموما في المجتمع يساهم في واقع أن كثيرا من الناس لا يؤدون فريضة الصيام وهو اعتقاد تؤيده ديما برأيها قائلة:

"لطالما كان رمضان مناسبة للتعبير عن امتنانك وشكرك لما حباك الله به من نِعَم؛ ولكن ما نراه الآن هو أن الناس يقضون شهر رمضان في إطلاق السباب والكذب والتهام الطعام. بالنسبة إلي إن لم يكن باقي الناس يصومون بشكل صحيح فلا حاجة لأن أمر بتجربة الصيام. لا أحتاج لأن أجبر نفسي على الصيام والإفطار على وجبة متقشفة في حين يتصرف باقي الناس بطريقة مغايرة! أظن بأني لن أكون شخصا متدينا بهذه الطريقة". 
وبشكل مشابه لحالة يوكو؛ يصوم البعض لأسباب دينية حيث يقول مازن:
مازن: (يصوم رمضان) "أحب أن أثبت لربي بأني أستطيع أن أقهر رغباتي وبإمكاني التكفير عن ذنوبي".
يبحث الجزء التالي من المقابلة في أهمية الميول الجنسية لأيّ من الأشخاص الذين قابلتهم:
سؤال: (موجه لأوسوم ريبيل) هل تعتقد بأن كون المرء مثليا معناه بالضرورة أنه لا يصوم رمضان؟
أوسوم ريبيل: لا أعتقد ذلك، فمعظم المثليين لا يصومون لأن "المثلية أمر محرّم في الإسلام، لدي أصدقاء مثليون يؤدون الفرائض الدينية مثل الصلاة وغيرها وقلة منهم لا يتعاطون المشروبات الروحية التي يحرمها الدين الإسلامي".
سؤال آخر: يوكو، هل أثرت حقيقة كونك مثليا على تجربتك في الصيام؟
يوكو: "نعم ففي الإسلام تعتبر المثلية أو إقامة علاقات جنسية مع شخص من نفس الجنس أمرا محظورا، بالنسبة لي أرغب أن أثبت لله بأنه يمكن أن أكون مثليا يقوم بجميع فرائض الإسلام الواجبة عليه دون مشاكل".
سؤال ٢: ماذا تقول للأشخاص الذين يعتقدون أنه من الغريب أن يؤدي المثليون فريضة الصيام؟
يوكو: المثليون كباقي الناس، أشخاص لهم معتقداتهم وأمور يؤمنون بها أيضا.
لاحظت أيضا أن وجهة النظر ذاتها موجودة في إجابات أشخاص غير مثليين عند سؤالهم عن رأيهم بالموضوع:
سؤال لعلي بدران: ما رأيك بصيام المثليين في رمضان بما أنك مسلم مؤمن بتعاليم دينه؟
علي: أعتقد بأن ما يفعله المثليون أمر خاطئ "بس عادي" لو كان الصيام حكرا على أشخاص بلا ذنوب فلن يصوم أحد.
سؤال: لميرنا طيّاره: هل تعتقدين بأن المثليين يواجهون صعوبة في الصيام مقارنة بغير المثليين؟ 
ميرنا: لا أظن ذلك؛ في النهاية هم بشر مثلنا.
يمكن أن نستخلص مما سبق أن المثليين الذين يعتبرون مذنبين في نظر الإسلام يصوم بعضهم بدافع التقوى (مثل يوكو) أو لا يصومون بسبب غياب الالتزام الديني في رمضان (مثل أوسوم ريبيل). على أي حال؛ يبدو بأن أولئك الذين يشعرون بالذنب حيال مثليتهم يمكنهم استغلال الصيام كدافع إضافي لإثبات التزامهم بأوامر الله في رمضان وكوسيلة تساعدهم شخصيا في إثبات قدرتهم على التدين بشكل مماثل لأقرانهم من غير المثليين.  
كما ويصوم البعض الآخر من المثليين غير المتدينين بدافع من الضغط النابع من البيئات التي يعيشون فيها (كما في حالة خالد إيتاني). لا تختلف الدوافع الخاصة بالصيام من عدمه في حالة المثليين عن الأشخاص غير المثليين فتصرّح ديما مثلا بأنها لا تصوم بسبب تناقص الالتزام الديني بالصيام خلال رمضان. وبينما يُبْقي معظم المثليون المسلمون هويتهم الجنسية سرا بسبب نظرة الإسلام إلى المثلية والتي تعاقب مرتكبها بالموت وفي خضم الصراع الخاص باختيارهم لأداء فريضة الصوم فإنه من الواضح أن دوافعهم للصيام في رمضان ما هي إلا أسباب متعلقة بمثيلتهم أولا وآخرا.