كيف تسهم تربية النحل في قطر في إرساء مستقبل أكثر استدامة؟
  تعيد تربية النحل رسم خريطة الحِرف الزراعية نحو الزراعة المستدامة، واستعادة النظم البيئية، والحفاظ على التراث الثقافي. وقد بات النحل عاملًا أساسيًا في صياغة مستقبل أكثر مرونة.
خلال العام المنصرم، ارتفعت وتيرة جهود تربية النحل في نطاق مؤسسة قطر، من خلال منحل مخصص في قلب المدينة التعليمية تمّ تصميمه لرعاية مستعمرات النحل. يقود هذه المبادرة عبد الرحمن الأرياني، مستشار في مكتب نائبة رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر.
يدعم النحل مباشرة تكاثر الكثير من الفواكه والخضروات والنباتات الزهرية في العالم عن طريق التلقيح. في ظل تداعيات التغيّر المناخي وتنامي التحديات المرتبطة بالأمن الغذائي، أصبحت المحافظة على النحل أمرًا حيويًا لضمان نظم غذائية أكثر مرونة واستدامة.
في هذا الصدد، يقول الأرياني: "عالميًا، النحل مهم جدًا لإنتاج المحاصيل، حوالي 30 في المائة من الإنتاج الغذائي العالمي يعتمد على تلقيح النحل، إذْ بدونه، سنفقد مصدرًا أساسيًا للإنتاج."
يركز فريق العمل حاليًا على مقارنة النحل العربي بالنحل المستورد، حيث يشير الأرياني إلى أن الهدف النهائي يكمن في استبدال النحل الذي نستورده الآن بالنحل العربي، لافتًا إلى أنه "يُعتقد أن النحل العربي، المتواجد في جنوب السعودية واليمن وعُمان، هو أكثر تأقلُمًا مع بيئة هذه المنطقة. إذا ازدهر هنا، يمكننا تقليل الاعتماد على الأنواع المستوردة التي لا تتناسب مع الظروف المناخية السائدة في قطر."
يعتبر شهر سبتمبر بداية موسم السدر، الذي على أزهاره يتغذّى النحل أساسًا. ففي العام الماضي، أنتجت الخلايا في المدينة التعليمية نحو 135 كيلوغرامًا من العسل من 18 مستعمرة فقط.
ويوضح الأرياني: "تُعاد استثمارات الأرباح إلى دعم عمليات التوسع في تربية النحل، مما يجعلها مشروعًا مستدامًا ذاتيًا".
لكن النحل ليس مجرد عامل بيئي؛ فالعسل كان جزءًا من حياة العرب لأجيال، حيث يعدّ مصدر غذاء ودواء طبيعي. ولأهميته، هناك سورة قرآنية كاملة عن هذا المخلوق المذهل، وهي "سورة النحل".
ويعلق الأرياني:" العسل مذكور في القرآن الكريم كغذاء ودواء. وعليه، فإن في تربية النحل استمرارٌ لهذا التقليد، وتعليمٌ للأجيال القادمة مدى روعة هذه الكائنات الصغيرة التي تحمل في طيّاتها حكمة تفوق حجمها."
تعدّ المبادرات المجتمعية والمشروعات التعليمية أساسيّة لتعزيز تربية النحل في قطر، ويعمل الفريق بالشراكة مع جهات في مؤسسة قطر لتحقيق هذا الهدف. في وقت سابق من هذا العام، خاض طلاب من "أكاديميتي"، إحدى مدارس التعليم ما قبل الجامعي في مؤسسة قطر، عن كثب تجربة للتعرف على دور النحل الحيوي في دعم النظم البيئية وتعلّم كيفية التعامل مع الخلايا.
من جهته، يقول سيمون جونز، مدير التطوير والعمليات في مؤسسة قطر، والمشارك في مبادرة تربية النحل: "شارك الأطفال في تجربة عملية في المنحل، بحيث ارتدوا الزيّ المناسب، واستخدموا المدخنة، وفتحوا خلية، وأمسكوا إطارًا، وتعرّفوا عمليًا على ما تعلّموه في الفصل. من الرائع أن يفهموا مدى أهمية النحل بالنسبة للبيئة، وأن يحظوا بفرصة للتعلّم خارج الفصول الدراسية."
واختتم قائلًا: "منذ فصل الصيف، ازداد الاهتمام بشكل واسع بهذه المبادرة، وتلقّينا طلبات عديدة من المدارس والأفراد والجهات الذين تعرفوا على مشروعنا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وسنوفر جولات محدودة خلال أسبوع الاستدامة في قطر، الذي يُقام من1 إلى8  نوفمبر، ونتطلع إلى تطوير منهج دراسي للمدارسي، يُمكن للمعلمين تقديمه في الفصل، يتم في إطاره تنظيم جولات ميدانية إلى المنحل."
خلفية عامة
مؤسسة قطر
تأسست مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع سنة 1995 بمبادرةٍ كريمةٍ من صاحب السموّ الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر بهدف تنمية العنصر البشري واستثمار إمكاناته وطاقاته.
توجّه مؤسسة قطر اهتماماتها إلى ثلاثة مجالات هي التعليم والبحث العلمي وتنمية المجتمع، كونها ميادين أساسية لبناء مجتمع يتسم بالنمو والإستدامة، وقادر على تقاسم المعارف وابتكارها من أجل رفع مستوى الحياة للجميع. تُعد المدينة التعليمية أبرز منجزات مؤسسة قطر وتقع في إحدى ضواحي مدينة الدوحة، وتضمّ معظم مراكز المؤسسة وشركائها.