كتاب متخصص يشيد بمساهمة معهد مصدر ومدينة مصدر في رفع مستوى الوعي حول الطاقة المتجددة

أصبحت الحاجة للحفاظ على الطاقة والحد من الارتفاع المتوقع في الطلب من خلال التكنولوجيا الحديثة أكثر ضرورة في أعقاب التوقعات التي تشير إلى أن إجمالي الطلب على الطاقة في الشرق الأوسط سيصل إلى 391 جيجاواط بحلول عام 2028 مقارنة مع المستوى الحالي البالغ 292 جيجاواط، وفق كتاب مصادر الطاقة المستقبلية في الخليج: هل هي هيدروكربونية، أم نووية، أم متجددة الذي قام بجمعه ونشره مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.
وبحسب الكتاب، فإن التوسع المتسارع في العمليات التجارية والصناعية قد أدى إلى زيادة هائلة في الطلب على الكهرباء. وعليه، يتعين على دول مجلس التعاون الخليجي اعتماد تدابير كفيلة بالحفاظ على الطاقة وزيادة الاستثمارات في الطاقات البديلة والتقنيات المستدامة. ويمكن الرجوع إلى الكتاب لدى مكتبة معهد مصدر.
وإذ تثني على الدور الهام الذي يقوم به معهد مصدر ومبادرة مصدر، تشير ورقة العمل التي أعدها سعادة الدكتور بكر بن حمزة، مستشار شؤون الكهرباء الطاقة في المملكة العربية السعودية، إلى الأنشطة البحثية الجارية في مجال الطاقة الشمسية في معهد مصدر، والجهود الطموحة لإقامة مشروع ضخم للطاقة الشمسية في دولة الإمارات العربية المتحدة.
ويمثل الكتاب مجموعة قيمة من الأوراق البحثية التي تم تقديمها في الدورة السنوية 13 من مؤتمر الخليج للطاقة الذي نظمه مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في عام 2007، حيث ركز المؤتمر آنذاك على قضية مصادر الطاقة المستقبلية في الخليج: هل هي هيدروكربونية أم نووية أم متجددة. وتم تقديم الأوراق البحثية من قبل عدد من الخبراء، ومنهم سعادة علي عبد الله العويس، وكيل وزارة الطاقة المساعد لشؤون الكهرباء والمياه؛ والدكتور نايف محمد العبادي، أستاذ البحوث المشارك ومدير معهد أبحاث الطاقة في مدينة الملك عبد العزيز العلوم والتكنولوجيا في المملكة العربية السعودية ورئيس اللجنة التوجيهية للبرنامج الوطني السعودي لكفاءة الطاقة؛ ولويس اتشافاري، مدير عام وكالة الطاقة النووية في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.
ويضم الكتاب أيضاً أوراقاً بحثية أعدها كل من، الدكتور صالح المانع، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الملك سعود؛ والدكتور وهيب الناصر، أستاذ الفيزياء التطبيقية وعميد كلية العلوم في جامعة البحرين؛ والدكتور ناصر الناصر، المتخصص في مجال إنشاء المباني المستدامة من جامعة ريدينغ في المملكة المتحدة؛ والدكتور إبراهيم دانسر، أستاذ الهندسة الميكانيكية في جامعة أونتاريو بكندا؛ والدكتور كينيث كاتزمان، المحلل البارز لشؤون إيران والعراق وأفغانستان والخليج العربي في خدمة أبحاث الكونغرس؛ والدكتور سليم الرحمن، المدير المؤقت لمركز التميز في أبحاث الطاقة المتجددة في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن.
وقال الدكتور عبد الله الحفيتي، رئيس لجنة مدراء مكتبات المؤسسات الأكاديمية والبحثية بدولة الإمارات ومدير مكتبة معهد مصدر: "يهدف هذا الكتاب حول الطلب على الطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي والموارد الأكاديمية الأخرى في مكتبتنا إلى تقديم رؤى شاملة وغنية عن مستقبل قطاع الطاقة في المنطقة. كما أن هذه المعلومات تبقي الطلبة على اطلاع بالحاجة إلى البحث عن حلول للعديد من القضايا، بما في ذلك الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة والابتكارات في مجال التقنيات المتقدمة. وكلنا أمل بأن تحقق من هذه الموارد الفائدة المرجوة منها للطلاب في مساعيهم الأكاديمية وكذلك دعم الجهود المبذولة في مجال البحث والتطوير".
ومن جانبه قال سعادة الدكتور جمال سند السويدي، المدير العام لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية: "يضم الكتاب مجموعة من الأوراق البحثية التي تتناول جملة من المواضيع، بما فيها الطلب المستقبلي على الطاقة وأهمية الحد من متطلبات الطاقة وكذلك الطاقة النووية وإدارة موارد النفط والغاز في المنطقة. ويحظى الدور الهام الذي يقوم به معهد مصدر ومصدر بإشادة العديد من الخبراء الإقليميين والدوليين أثروا الكتاب بأفكارهم ورؤاهم القيمة، ونأمل أن يعود الكتاب بفائدة كبيرة على المهنيين والطلبة في أبحاثهم حول الطاقة المتقدمة والتقنيات المستدامة".
ويتطرق الكتاب بشكل معمق إلى الضرورة الحتمية لزيادة القدرة على توليد الطاقة في دول الخليج خلال السنوات القليلة المقبلة من أجل دعم جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مشيراً إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي تصنف من بين أعلى المعدلات من حيث نصيب الفرد من استهلاك الطاقة، مشدداً على وجوب خفض حصة الفرد من الطاقة والنفايات.
ويبدأ الكتاب بمادة أعدها سعادة علي عبد الله العويس الذي أعرب عن اعتقاده بضرورة أن تشارك دول مجلس التعاون الخليجي في الجهود العالمية الرامية إلى تعزيز دور وانتشار مصادر الطاقة البديلة والمتجددة. وبحسب رأيه، ينبغي على دول مجلس التعاون الخليجي أن تستفيد من الطاقة الشمسية نظراً لتوفر أشعة الشمس على مدار السنة، ما قد يفتح آفاقاً جديدة لاستخدام الطاقة الشمسية بما يجعلها من أهم بدائل مصادر الطاقة التقليدية، واصفاً الطاقة الشمسية بأنها "خيار استراتيجي حتمي".
من جانبه، يلفت لويس اتشافاري إلى أن الوضع الحالي يوفر فرصاً هامة لتطوير مصادر الطاقة النووية لتكون مكملاً لمصادر الطاقة التقليدية والمتجددة. ويشير اتشافاري إلى أنه بإمكان دول مجلس التعاون الخليجي أن تفكر بالخيار النووي كبديل للوقود الأحفوري من أجل تنويع مصادر إمداداتها من الطاقة والحفاظ على مكانتها كمصدّر للنفط. وفي ذات السياق، حثّ دول مجلس التعاون الخليجي على أن تكون مستعدة لإنشاء البنى الأساسية الملائمة، بما في ذلك تنمية الموارد البشرية من خلال التعليم والتدريب.
وبحسب الدكتور صالح المانع، فهناك توجه واضح في دول مجلس التعاون الخليجي نحو تبني الطاقة النووية السلمية لتوليد الطاقة وتحلية المياه، نظراً لانخفاض تكلفة الطاقة التي تولدها المحطات النووية بنحو 30% مقارنة بالمصادر التقليدية. وأوصى الدكتور المانع بإنشاء محطات نووية صغيرة لأغراض البحث العلمي من أجل بناء قدرة المنطقة على إجراء البحوث العلمية، موضحاً أن الانعكاسات السياسية والاستراتيجية لمثل هذه المحطات النووية الصغيرة ستكون أخف من اعتماد منشآت كبيرة على نطاق واسع.
من جانبهما، أكد الدكتور وهيب الناصر والدكتور ناصر الناصر على ضرورة الاستفادة من التكنولوجيا النظيفة والحد من الانبعاثات للحفاظ على النفط والغاز. وفي هذا السياق، أوصيا بتشييد مبانٍ مستدامة مجهزة بمعدات توليد الطاقة الكهروضوئية، وكذلك التركيز على البحث والتطوير لابتكار أدوات وتقنيات قابلة للتسويق التجارية في مجال الطاقة المتجددة.
ويحثّ الدكتور إبراهيم دانسر في ورقته البحثية على الانتقال من الاقتصاد القائم على الوقود الأحفوري إلى اعتماد مصادر الطاقة المتجددة، مع التأكيد على أهمية التعليم والتدريب. وأما الدكتور سليم الرحمن، المدير المؤقت لمركز التميز في أبحاث الطاقة المتجددة بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن في المملكة العربية السعودية، فيوضح أن دول مجلس التعاون الخليجي لديها ما يكفي من الموارد لتعزيز المعرفة أو تقديم الابتكارات الجديدة في مجال الطاقة البديلة، مشيراً في هذا الصدد بشكل خاص إلى جهود معهد مصدر ومبادرة مصدر.
ويخلص الكتاب إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي بحاجة إلى استراتيجية منهجية شاملة للطاقة بحيث تعطي الأولوية لاستهلاك الطاقة ولا سيما خفض الاستهلاك بهدف تحقيق الاستفادة القصوى من الإنتاج. وعلاوة على ذلك، يؤكد الكتاب أنه يتوجب على المعنيين في المنطقة دراسة إمكانية تنفيذ حلول عملية وفعالة للاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة المتاحة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
يذكر أن معهد مصدر، الذي تم تأسيسه بالتعاون مع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، يوفر لطلابه فرصاً مميزة في شتى ميادين البحوث العلمية، بدءاً بالبحوث النظرية ثم التطبيقية وانتهاءً بمرحلة التسويق التجاري. ويهدف المعهد، عبر ما يوفره من مرافق حديثة للبحث والتطوير في مجال التكنولوجيا النظيفة، إلى الإسهام في دعم التنوع الاقتصادي في الدولة من خلال تطوير الابتكارات التقنية وإعداد الموارد البشرية اللازمة. كما يلتزم المعهد عبر كادره التدريسي المتخصص وطلابه المتميزين، بإيجاد حلول لتحديات الطاقة النظيفة والتغير المناخي.
خلفية عامة
مصدر
تعد "مصدر" مبادرة أبوظبي متعددة الأوجه لتطوير وتسويق وتطبيق تقنيات وحلول الطاقة المتجددة والبديلة، أسستها حكومة إمارة أبو ظبي في أبريل من سنة 2006. وتشكل الشركة صلة وصل بين الاقتصاد الحالي القائم على الوقود الأحفوري، واقتصاد طاقة المستقبل، حيث تعكف على تطوير الأثر الصديق للبيئة للطريقة التي سنعيش ونعمل وفقها في المستقبل.