طالب من كارنيجي ميلون في قطر يطوّر تطبيقاً رائداً لمعرفة مشاعر مغرّدي "تويتر"

في إطار رسالتها لإطلاق قدرات الإنسان، تعمل مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع على تشجيع الشباب لإظهار قدراتهم الإبداعية، واستخدامها في إحداث فرق وترك بصمة إيجابية في مجتمعاتهم.
وينعكس هذا الدعم في المواهب المميزة التي تزخر بها جامعات المدينة التعليمية، والتي تعجّ بالطلاب المبدعين الذين يسعون بدون كلل لتطوير مجتمعاتهم، وتحقيق طموحاتهم العلمية والأكاديمية.
ومن هؤلاء الطلاب، يلمع اسم الطالب صبيح بن وصي (22 عاماً)، الذي يتابع عامه الدراسي الأخير في جامعة كارنيجي ميلون في قطر إذ تمكن الشاب من تطوير مشروع دراسي عادي إلى منتج تجاري قد يحدث ثورة في مجال تحليل المعلومات بوسائل التواصل الاجتماعي.
تمكن صبيح من ابتكار تطبيق جديد للإنترنت، أطلق عليه اسم "فيدبوكس" بالتعاون مع زميله روكشار نياز، وتحت إشراف بهرانج موهيت، أستاذ مادة علوم الحاسوب، ويعمل هذا الابتكار على تصنيف مشاعر المغرّدين وآرائهم على موقع تويتر بصورة تلقائية من خلال سبر المواقف التي تعبر عنها التغريدات وتصنيفها إلى مشاعر إيجابية، أو سلبية أو محايدة.
وعلى الرغم من أن ملايين الناس حول العالم يستخدمون موقع تويتر في تبادل المعلومات والأخبار، إلا أنّ الباحثين لم يشرعوا سوى مؤخراً في دراسة وتحليل ومحاولة فهم مشاعر المغرّدين وآرائهم وأفكارهم باستخدام أنظمة وأدوات التعلم الآلية المعتمدة إلكترونياً. ومع أن أتمتة هذه المشاعر تتسم بتعقيدات كبيرة إذ غالباً ما تميل اللغة السائدة بين المغرّدين في موقع تويتر إلى العامية، وتضم الكثير من المفردات والاختصارات الجديدة، فضلاً عن المصطلحات والتعبيرات التي يتم ابتكارها باستمرار في مختلف التخصصات.
ولتخطي هذه الصعوبات، يجري تطبيق "فيدبوكس" ما يشبه الاستفتاء في تصنيف مواقف الناس حول حدث معيّن، خلال لحظة معيّنة. ويقول صبيح: "على الرغم من أن "فيدبوكس" لا يزال في مرحلة الاختبار، إلا أنه يحمل فكرة واضحة: فهو تطبيق يسهّل البحث الآلي عن "الهاشتاجات" أو الوسومات، من أجل الوصول للتغريدات الحية من الإنترنت. ليقوم بعدها بفرز هذه التغريدات، باستخدام لوغاريتم تصنيف الآراء على تويتر الذي طوّرناه في الجامعة، ويصنفها إلى إيجابية أو سلبية أو محايدة".
ويضيف الشاب: "أدرس مادة ريادة الأعمال كمقرّر فرعي، وهو ما يجعل تطوير الأفكار وتنفيذها من الأمور التي أحبها، وأبرع فيها".
وعن كيفية استخدام التطبيق في عالم الأعمال يشرح صبيح: "إذا كنت مديراً للتسويق في شركة معينة، وأرغب بمعرفة ردود فعل المستهلكين حول منتج جديد، فما عليّ سوى استخدام هذا التطبيق لتحليل تغريداتهم، والحصول على تقييم موضوعي له". وهي فكرة، رغم بساطتها، إلا أنّ تطوير التقنية الملائمة لتطبيقها فائقة الصعوبة والتعقيد.
وكان هذا الشاب قد عمل على تطوير هذا التطبيق من أجل عرض نموذج تطبيقي لنظام تصنيف الآراء على تويتر في "ملتقى العقول" 2014 بجامعة كارنيجي ميلون في قطر، وهو ملتقى يتيح للطلاب المبدعين عرض مشاريعهم البحثية أمام خبراء السوق، وأعضاء هيئة التدريس، وزملائهم من الطلاب وأفراد عائلاتهم. وتستضيف جامعة كارنيجي ميلون في قطر، "ملتقى العقول" بهدف دعم الطلاب وحثّهم على المشاركة في البحوث المبتكرة.
وقد أثمر هذا الجهد الثنائي والعمل الشاق عن فوز بن وصي ونياز بجائزة "أفضل مشروع بحثي قبل التخرج" وجائزة "أفضل ملصق بحثي" عن تطبيق "فيدبوكس" في ملتقى عام 2014.
كما فاز الثنائي أيضاً بالمركز الرابع في مؤتمر SemEval 2014، وهي مسابقة عالمية في مجال التقييم الحاسوبي تستقطب الباحثين من كل أنحاء العالم. ويقدّم الشابان منتجهم في ورشة عمل SemEval في ايرلندا خلال شهر أغسطس المقبل، في إطار المؤتمر الدولي حول علم اللغات الحاسوبية.
ويتحدث بن وصي عن شغفه بالذكاء الاصطناعي، حيث سبق له أن طوّر حين كان في عمر الثمانية عشرة بوابة إلكترونية رائدة لبيع الملابس التقليدية في باكستان، وطنه الأم. وقد أصبحت هذه البوابة مشروعاً تجارياً ناجحاً يعرف باسم www.maarvi.com. ويقول: "لقد اخترت دراسة علوم الحاسوب لأنني أنظر إلى العلم والمعرفة كوسيلة لمساعدة الناس. وهذا يدفعني للاهتمام بالتأثير على المجتمع من خلال الإبداع والابتكار، بعيداً عن حدود عالم الأعمال وقيوده الكثيرة. ويسمح الذكاء الاصطناعي بتسهيل أغلب الأعمال غير المهمة ويجعلها أسرع وأذكى".
ويضيف قائلاً: "لقد انتقلت من باكستان إلى الدوحة لأتابع دراستي الجامعية، حيث واجهت العديد من المصاعب التي لم أعهدها من قبل، ومن هنا، فقد تبادر إلى ذهني كيفية إيجاد الحلول من خلال الحوسبة، وذلك لتحسين حياة الناس وتمكينهم من اتخاذ القرار الصائب من أجل عالم أفضل".
ولعل الابتكار الأخير لبن وصي في مجال إدارة المأكولات سيضعه على الدرب الصحيح لتحقيق طموحاته. فقد حصل على منحة بقيمة 140 ألف ريال قطري من "مسابقة قطر الوطنية لخطط الأعمال" (الفكرة)، والتي تديرها قطر للمشاريع. ويتمحور نظام "فوديتFoodate " حول استقصاء الخيارات الغذائية الشخصية للمستهلكين من أجل إدارة أفضل للمواد الغذائية ومدة صلاحيتها، وبالتالي تقليص الهدر.
ويختم بالقول: "لقد بادرت بالعمل على معظم مشاريعي من أجل إيجاد حلول لمشكلاتي اليومية، ومن هنا فإنني أعتقد أن عملي سيساهم في تحقيق حياة أفضل للجميع، من خلال التقنية المتطورة".
خلفية عامة
مؤسسة قطر
تأسست مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع سنة 1995 بمبادرةٍ كريمةٍ من صاحب السموّ الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر بهدف تنمية العنصر البشري واستثمار إمكاناته وطاقاته.
توجّه مؤسسة قطر اهتماماتها إلى ثلاثة مجالات هي التعليم والبحث العلمي وتنمية المجتمع، كونها ميادين أساسية لبناء مجتمع يتسم بالنمو والإستدامة، وقادر على تقاسم المعارف وابتكارها من أجل رفع مستوى الحياة للجميع. تُعد المدينة التعليمية أبرز منجزات مؤسسة قطر وتقع في إحدى ضواحي مدينة الدوحة، وتضمّ معظم مراكز المؤسسة وشركائها.
جامعة كارنيجي ميلون
على مدى ما يزيد عن قرن من الزمن، ظلَّت جامعة كارنيجي ميلون تُلهِم إبداعات تُغَيِّر العالم. كما أن جامعة كارنيجي ميلون، التي تصنّف دوماً بين أفضل وأرقى الجامعات في العالم، تقدم مجموعة من البرامج الأكاديمية لما يزيد عن 12,000 طالب، 90,000 خريج و50,000 جامعة وهيئة تدريسية يتوزعون على فروعها الجامعية في مختلف دول العالم.
تقدم جامعة كارنيجي ميلون قطـر برامجها التعليمية الجامعية ذات المستوى المرموق في العلوم البيولوجيّة، إدارة الأعمال، علم الأحياء الحاسوبي، علوم الحاسوب و أنظمة المعلومات. جامعة كارنيجي ميلون جِدُّ ملتزمة بالرّؤية الوطنية لدولة قطر 2030 من خلال تنمية الشعب، المجتمع، الإقتصاد و البيئة.