في بحث لوايل كورنيل للطب – قطر: الجراحة المجازة المعِدِيّة تقود إلى تخسيس الوزن على نحو مستدام

أثبت الدكتور ستيفن هنت أستاذ الطب الوراثي في وايل كورنيل للطب - قطر أن جراحة المجازة المعِدِيّة تقود إلى تخسيس الوزن على نحو مستدام. كما أنها تقود إلى تسكين النوع الثاني من السكري وارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكوليسترول في الدم أو الوقاية من تلك الأمراض بعدَ مرور 12 عاماً على إجراء جراحة السمنة المذكورة.

واضطلع الدكتور هنت بدور كبير في البحث طويل الأجل الذي توصّل إلى أن المرضى الذين أجروا جراحة المجازة المعِدِيّة المعروفة باسم "رو إِنْ واي" قد فقدوا ما معدّله 35 كيلوغراماً من أوزانهم بعد مرور 12 عاماً على إجراء الجراحة. وتبيّن من الدراسة أن 51% من المصابين بالنوع الثاني من السكري عند إجراء الجراحة قد تعافوا من المرض بعد مرور 12 عاماً على إجراء جراحة المجازة المعِدِيّة. كما تبيّن تحسّن معدل الوقاية من ارتفاع ضغط الدم وخلل الشحميات في الدم (ارتفاع الكوليسترول) أو تسكين المرضَين المذكورَين بين من أجروا الجراحة مقارنة بأولئك الذين لم يخضعوا للجراحة. ولحظت الدراسة انخفاض معدل الوفيات والإصابة بالسرطان بين أولئك الذين خضعوا للجراحة مقارنة بأولئك الذين لم يخضعوا للجراحة ذاتها.

ويقوم الجراح في جراحة المجازة المعِدِيّة "رو إِنْ واي" بتكبيس جزء من أعلى المعدة لتشكيل جيب صغير يقارب حجم البيضة. ثم يُربط هذا الجيب بجزء من الأمعاء الدقيقة يُعرف باسم "طرف رو" على شكل الحرف Y بحيث يتم تجاوز أغلب المعدة. ويحدّ ذلك بشدة من كمية الطعام التي يمكن أن يتناولها مريض السمنة ومن ثم تخسيس وزنه.

نُشرت الدراسة الرصدية المعنونة "محصلة الوزن والاستقلاب بعد مرور 12 عاماً على جراحة المجازة المعِدِيّة" في الدورية الطبية "ذي نيو إنجلَند جورنال أوف ميدسين" التي تُعد واحدة من أبرز الدوريات الطبية المحكّمة في العالم. واستندت الدراسة البحثية إلى خبرات باحثين في وايل كورنيل للطب - قطر وعدد من المؤسسات الطبية والبحثية في الولايات المتحدة، وحلّلت بيانات جُمعت طوال 12 عاماً من 1156 مريضاً يعانون سمنة مفرطة وراجعوا مركز جراحة السمنة في مركز "روكي ماونتن أسوشيتد فيزيشنز" لجراحة السمنة أو جامعة يوتا في سولت ليك بولاية يوتا. وقارن الباحثون حصيلة المرضى ضمن ثلاث مجموعات: 418 مريضاً أرادوا وخضعوا لجراحة المجازة المعِدِيّة "رو إِنْ واي"، 417 مريضاً أرادوا إجراء جراحة السمنة غير أنهم لم يفعلوا ذلك لأكثر من سبب أهمها عدم تغطية التأمين لمصاريف العملية، و321 مريضاً لم يرغبوا بإجراء الجراحة.

وفي هذا السياق، قال الدكتور هنت: "تُعتبر هذه الدراسة أول دراسة مقارنة بعيدة الأمد لرصد محصلة جراحة المجازة المعِدِيّة "رو إِنْ واي" وجاءت نتائجها مشجعة. فقد رأينا أن كثيرين من الذين خضعوا لهذه الجراحة قد فقدوا الكثير من الوزن وحموا أنفسهم إلى أبعد حد من الإصابة بالسكري. ولاحظنا عند بداية الدراسة البحثية تسكين المرض عند أغلب المصابين بالسكري، لا سيما أولئك الذين لم يبدؤوا بعد في تناول العقاقير الدوائية. بل لاحظنا أيضاً تسكين المرض عند مرضى النوع الثاني من السكري الذين يتناولون عقاقير دوائية، وإن كانوا أكثر عُرضة لخطر عودة المرض. وحتى عند عودة السكري، فقد لاحظنا في العديد من الحالات تعافي المريض لمدة تتراوح من 6 إلى 12 سنة، ما يعني ترجيح تأخّر بداية مضاعفات السكري الاعتيادية مثل اعتلال الأعصاب، وضعف البصر، وبتر الأطراف، وهذه محصلة جيدة إلى حد بعيد".

وأضاف قائلاً: "وفي دراسة موسعة أجُريت في ولاية يوتا عن جراحة المجازة المعِدِيّة، رُصد تراجع كبير في مجموع الوفيات وتراجع مماثل في إصابات السرطان والوفيات الناجمة عنه، لا سيما أنواع السرطان وثيقة الصلة بالسمنة".

غير أن المرضى الذين يخضعون لجراحة المجازة المعِدِيّة "رو إِنْ واي" هم أقل قدرة على امتصاص المواد المغذية مثل الكالسيوم وفيتامين دال، ويزداد معدل إصابتهم بالاكتئاب ومعدل الوفيات الناجمة عن حالات تسمم عَرَضية (يُعتقد أنها ناجمة عن تعاطي المخدرات) والوفيات الناجمة عن الانتحار مقارنةً بأولئك الذين لم يخضعوا للجراحة ذاتها.

وتابع الدكتور هنت قائلاً: "مرّ المرضى الذين أجروا الجراحة بصعوبات نفسية ولكنهم أكدوا أن حركتهم وصحتهم وطريقة حياتهم قد تحسّنت. وقد بدأ بعض الجراحين معالجة هذه المسألة من خلال إجراء تقييم يسبق الجراحة بشأن العوامل النفسية الاجتماعية، وتقديم المزيد من الإرشاد لمرضاهم، وباتوا يبادرون أكثر فأكثر نحو وصف العقاقير الدوائية لمسائل الصحة النفسية".

وإلى جانب وايل كورنيل للطب – قطر، شاركت في هذه الدراسة البحثية جامعة يوتا، وجامعة بريغام يونغ، ومنظومة الرعاية الصحية في جامعة ديوك، ومنظومة الرعاية الصحية بولاية يوتا، وعدد آخر من المؤسسات الطبية والبحثية. وقد أنجزت هذه الدراسة بتمويل من برنامج بحوث الطب الحيوي في وايل كورنيل للطب - قطر ومنحتين بحثيتين من لمعهد الوطني للسكري وأمراض الجهاز الهضمي والكُلى (NIDDK) التابع للمعاهد الوطنية للصحة، والمعهد الوطني للموارد البحثية (NCRR) وكلاهما بالولايات المتحدة.

وأشاد الدكتور خالد مشاقة، العميد المشارك لشؤون البحوث في وايل كورنيل للطب - قطر بالدراسة ونتائجها قائلاً: "لا يمكن التقليل من الأهمية البالغة لهذه الدراسة البحثية القائمة على المتابعة الرصدية لأمد بعيد، إذ تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك الفوائد المتحققة من جراحة المجازة المعِدِيّة "رو إِنْ واي" من حيث تخسيس الوزن المستدام. وهذا يؤثر في قرار الأطباء ومرضاهم على السواء إزاء هذه الجراحة عند التفكير في السبل المتاحة للسيطرة على السمنة والسكري معاً. وتتأكد أيضاً أهمية هذه الدراسة من خلال نشرها في "ذي نيو إنجلَند جورنال أوف ميدسين" التي تُعدّ واحدة من أهم الدوريات الطبية المتخصصة في البحوث الطبية الإكلينيكية والتطبيقية. وتؤكد هذه المساهمة البحثية من الدكتور هنت التأثير الكبير والمتميز عالمياً للبحوث التي ينجزها أعضاء الهيئة التدريسية في وايل كورنيل للطب - قطر".