بعد عقدٍ من التوعية والعمل والتأثير، كيف أصبح "أسبوع قطر للاستدامة" حركة وطنية نحو مستقبل أكثر استدامة؟
  منذ انطلاقه في عام 2015، كمبادرة صغيرة لتعزيز الوعي البيئي، تطوّر أسبوع قطر للاستدامة ليصبح أحد الركائز الأساسية للحركة البيئية الوطنية، بحيث جمع أكثر من 750 ألف مشارك، ونفّذ 2,700 فعالية بالتعاون مع أكثر من 1,650 جهة من مختلف القطاعات.
هذا العام، يُقام أسبوع قطر للاستدامة، الذي ينظمه "إرثنا: مركز لمستقبل مستدام"، عضو مؤسسة قطر، بالتعاون مع وزارة البيئة والتغير المناخي، احتفاءً بمرور عشرة أعوام على إطلاقه، والنجاح الذي حققه في إحداث تغيير إيجابي واضح على مستوى الأفراد والمؤسسات والمجتمع بأسره.
وقالت شرين عبيدات، رئيس قسم الشراكات والتواصل في مركز "إرثنا": "على مدار تسع نسخ سابقة، تحوّل أسبوع قطر للاستدامة من منصة لتعزيز الوعي والعمل الفردي إلى حركة وطنية شاملة تجمع مختلف فئات المجتمع حول هدف واحد يتمثل في حماية البيئة وبناء مستقبل مستدام. وقد أسهمت هذه الفعالية في تعزيز الحوار والعمل حول قضايا محورية مثل الحد من النفايات، والحفاظ على التنوع الحيوي، والاقتصاد الدائري".
من خلال سلسلة الفعاليات المجتمعية التي أُقيمت ضمن أسبوع قطر للاستدامة، تم جمع آلاف الكيلوغرامات من النفايات من الأماكن العامة، في حين تبنّت مؤسسات وشركات عديدة سياسات جديدة لترشيد استهلاك الطاقة والموارد. كما ألهمت المشاركة في الأسبوع العديد من المدارس والجامعات لتطبيق برامج استدامة طويلة الأمد، بينما أصبحت استدامة الغذاء محورًا رئيسيًا في النقاشات والأنشطة.
وأوضحت شيرين عبيدات: "من خلال حملة "صحن نظيف"، نعمل على الحد من هدر الطعام وتشجيع أنماط تغذية صحية مستوحاة من المنتجات المحلية" مستشهدًا بمثال يوضح كيف أدت هذه المبادرة إلى إحداث تغيير سلوكي وتشجيع تبني عادات يومية تقلل من استهلاك الموارد وانبعاثات الكربون."
كما أسهم أسبوع قطر للاستدامة في إطلاق مبادرات مجتمعية امتدت آثارها لما بعد فترة الأسبوع، من أبرزها مشروع تأهيل أشجار القرم في قطر، التي يقودها "إرثنا"، والتي أصبحت اليوم برامج تطوعية طويلة الأمد يشارك فيها الأفراد والعائلات والطلاب.
وأضافت شيرين عبيدات: "دعا "متحف: المتحف العربي للفن الحديث"، الجمهور للمشاركة في إنتاج عمل فني يعكس مفهوم العمل الجماعي من أجل البيئة. وقد أصبحت مبادرات التسميد العضوي وحملات تنظيف الأحياء السكنية، والنوادي الشبابية المعنية بالاستدامة تندرج ضمن جهود مستمرة تمتد إلى ما هو أبعد من أسبوع الاستدامة نفسه. ومن الأمثلة على ذلك الدور المتزايد لـ"جزيرة الاستدامة"، مركز إعادة التدوير في المدينة التعليمية، التابعة لمؤسسة قطر، كمنصة للتفاعل العملي والتطوع البيئي."
وأشارت عبيدات إلى أهمية التعاون بين القطاعات المختلفة في تعزيز السياسات والتوجهات المستدامة، قائلاً: "يشكل أسبوع قطر للاستدامة منصة وطنية للتعاون وتوحيد الجهود نحو تحقيق الأهداف البيئية المشتركة. ويأتي دعم وزارة البيئة والتغير المناخي ووزارة الرياضة والشباب ليعزز من فاعلية هذه الجهود، ويربط بين أولويات الاستدامة الوطنية والمشاركة المجتمعية النشطة".
ومن جانبه، أكد راشد علي الجبر النعيمي، ممثل وزارة الرياضة والشباب، أن مشاركة الشباب ليست عنصرًا مكمّلًا، بل هي المحرّك الحقيقي لمسيرة الاستدامة في دولة قطر، موضحًا أن الشباب يترجمون هذه القيم عمليًا من خلال المساهمة في حملات التنظيف والتشجير، وتحديات الابتكار، والورش الإبداعية التي تجعل من الاستدامة سلوكًا يوميًا وثقافة مجتمعية متجذّرة في وجدانهم.
وأضاف قائلًا: "إن مشاركة وزارة الرياضة والشباب في أسبوع قطر للاستدامة تجسّد التزامها الراسخ بدعم رؤية قطر الوطنية 2030، ولا سيما في محوري التنمية البيئية والبشرية. فالأنشطة الرياضية والشبابية تمثل أدوات مؤثرة لنشر الوعي البيئي وتعزيز السلوكيات المسؤولة، بما يسهم في بناء مجتمع واعٍ ومستدام.
كما أن الشراكة مع مركز "إرثنا" بشكل خاص، ومؤسسة قطر بشكل عام، تُعدّ منصة استراتيجية لتوسيع التعاون مع المؤسسات التعليمية والبحثية، وتحفيز الابتكار في البرامج الشبابية بما يعزز مساهمة الشباب في تحقيق التنمية المستدامة.
أما المجلس الثقافي البريطاني، الشريك الاستراتيجي لأسبوع قطر للاستدامة 2025، فقد أشاد بالدور الذي يلعبه هذا الحدث في تمكين المجتمعات. وفي هذا الصدد، قال الدكتور وسيم قطب، مدير المجلس الثقافي البريطاني في قطر: "يُعدّ أسبوع قطر للاستدامة منصة مهمة تمنحنا صوتًا وفرصةً للمساهمة في تمكين المجتمعات وتعزيز التنوع الثقافي. أطلقنا هذا العام مبادرات جديدة، من بينها عروض الأزياء المستدامة، علاوة على استكمال ورش الفن الكوميدي التي بدأناها في معرض إكسبو للبستنة 2023".
وأضاف: "نحرص في المجلس الثقافي البريطاني على إشراك مختلف فئات المجتمع في جميع برامجنا، وأسبوع قطر للاستدامة يوفر لنا مساحة مثالية للتفاعل المجتمعي ودعم قضايا أساسية، مثل التغير المناخي والإدماج الاجتماعي في جميع أنحاء قطر. بالنسبة لنا، إنها فرصة مهمة لا تروم فقط تعزيز حضورنا، بل أيضًا تمكيننا من الإسهام بشكل فعّال في توفير فرص لهذه المجتمعات".
وفي ختام الحدث، أكدت شيرين عبيدات على التزام مؤسسة قطر بمواصلة البناء على ما تحقق، قائلةً: "نحتفل اليوم بعقدٍ من التقدم والإنجاز، ونتطلع إلى مستقبل أكثر استدامة من خلال تعزيز الشراكات وتوسيع نطاق المشاركة المجتمعية على مدار العام."
وتابعت:" سنواصل تعزيز الجهود بين المدارس والشركات ومنظمات المجتمع المحلي، بما ينسجم مع أهداف قطر الوطنية للاستدامة والمناخ".
خلفية عامة
مؤسسة قطر
تأسست مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع سنة 1995 بمبادرةٍ كريمةٍ من صاحب السموّ الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر بهدف تنمية العنصر البشري واستثمار إمكاناته وطاقاته.
توجّه مؤسسة قطر اهتماماتها إلى ثلاثة مجالات هي التعليم والبحث العلمي وتنمية المجتمع، كونها ميادين أساسية لبناء مجتمع يتسم بالنمو والإستدامة، وقادر على تقاسم المعارف وابتكارها من أجل رفع مستوى الحياة للجميع. تُعد المدينة التعليمية أبرز منجزات مؤسسة قطر وتقع في إحدى ضواحي مدينة الدوحة، وتضمّ معظم مراكز المؤسسة وشركائها.