منذ عدة أيام صرّح وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور، أنه بصدد وضع اللمسات الأخيرة على مشروع قانون «الإيجار التملكي». وقد جاء هذا التصريح في سياق انهيار بناية الأشرفية، وما رافقه من ضجيج حول مشكلة الإيجارات المزمنة. وبالإطلاع على مضمون هذا المشروع، تبين لنا أن لا علاقة له بحل مشكلة الإيجارات، لا من قريب أو بعيد. فهذا المشروع، بكل بنوده، يحفز المقاولين على إنشاء وحدات سكنية معفاة من الرسوم كافة، مقابل تأجير نسبة 80% من محتويات العقار، وفق «البدل الرائج»، ولمدة خمس سنوات، على أن يقرر المستأجر خلالها أو قبل نهايتها، شراء الشقة السكنية التي يقطنها «بالسعر الرائج» على أن تحتسب البدلات المدفوعة سابقاً جزءاً من القيمة الاجمالية لتملك الشقة.
إن هذا المشروع، في كل مندرجاته، يهدف إلى تشجيع الاستثمار في إنشاء الأبنية السكنية. ولكن المستفيد الأول والأخير منه هو المستثمر، وذلك لكون المستأجر الذي يرغب في دخول هذه التجربة هو مستأجر «حسب الطلب» ينتمي إلى فئة محدودة، قادر على دفع بدلات شهرية تفوق الستمئة دولار شهرياً.
ومما لا شك فيه، أن هذا «المستأجر المطلوب» القادر على دفع مثل هذا البدل الشهري المرتفع، بإمكانه ان يقدم مباشرة على شراء الشقة السكنية بما لديه من إدخار، أو بما تؤمنه له مؤسسة الإسكان أو المصارف من قروض، وبالتالي فهو ليس بحاجة للانتظار طويلاً حتى يقرر الشراء من المستثمر الذي ينطبق عليه مشروع القانون المذكور، خاصة أن أسعار العقارات في لبنان هي في ازدياد مطرد، وان أصحابها ليسوا جمعيات خيرية، وإنما هم مستثمرون يتوخون أعلى نسبة من الربح، بأقل مدة زمنية.
أما القول بأن مشروع «الإيجار التملكي» هو الحل الناجع لمشكلة الايجارات، وخاصة بالنسبة لأصحاب الدخل المحدود، من عمال ومستخدمين وموظفين وحرفيين صغار، هو تمويه وتضليل لا ينطلي على أحد. قد يكون هذا المشروع مفيداً للغاية لهذه الفئة المحدودة الدخل، لو أنه نص على حصر تنفيذ المشاريع السكنية في مختلف المناطق، بالمؤسسة العامة للإسكان، بحيث توزع على المستفيدين منها مقابل قروض طويلة الأجل، لا تقل مدتها عن خمس وعشرين سنة، وبفائدة رمزية. لكن هذه المسألة غير مطروحة في مشروع «الإيجار التملكي» على الإطلاق، وكان من الأجدى على المعنيين تغيير العنوان وجعله مشروعاً لتشجيع الاستثمار في الأبنية السكنية، قد يستفيد منه بعض من يمتلك الإمكانيات المالية. أما غالبية المستأجرين من أصحاب الدخل المحدود، فإنهم ينتظرون من الحكومة مشروعاً آخر يحقق العدالة والانصاف، ولا يضيف عليهم أعباء جديدة لا قدرة لهم على احتمالها.
النقابي علي جابر