تضع المظاهرات التي هزت الدول الأوروبية ومظاهرات «احتلوا وول ستريت» علامات استفهام كبيرة بشأن مصير نظام الرأسمالية واقتصاد السوق، الذي ترسخ بعد الحرب الباردة.
ففي فبراير/ شباط الماضي 2007 انطلقت شرارة الأزمة المالية العالمية في حين كان الجميع لم يستوعب بعدُ عمق المشكلة، ففي هذا الشهر ظهرت مشكلة عدم تسديد تسليفات الرهن العقاري والتي أعطيت لمدينين لا يتمتعون بملاءة مالية كافية على التسديد، إذ ازدادت هذه الظاهرة في الولايات المتحدة لتسبب أولى عمليات الإفلاس في مؤسسات مصرفية متخصصة.
وبعدها بعام تبدأ الحكومات الغربية بالتدخل والقيام بعمليات التأميم والتملك والتي تناقض شكلياً اقتصاد السوق المفتوحة والحرة، ففي فبراير/ شباط 2008 قامت الحكومة البريطانية بتأميم بنك «نورذرن روك» وبعدها بعدة أشهر تنهار أسماء كبيرة في أميركا أمثال «فريدي ماك» و «فاني ماي» و «ليمان براذرز» لتتكشف عورة اقتصاد الدول الغربية شيئاً فشيئاً وتدخل الولايات المتحدة عملية التأميم بتأمينها مجموعة تأمين في العالم «ايه آي جي» المهددة بالإفلاس وتعقب هذه الخطوة خطوات مشابهة لعملاق السيارات «جنرال موتورز».
لعل كل ذلك وانتقال الأزمة إلى أوروبا بتهاوي اليونان وإسبانيا وإيطاليا وغيرها من الدول التي ظهرت أنها غير محصنة تماماً بما يجري في العالم، جعل من يهللون بسقوط النظام الرأسمالي الغربي يكسبون مزيداً من الزخم. وعزز من ذلك الأصوات والاتهامات المتبادلة بين أوروبا وأميركا بمن هو قد يكون المتسبب في أسوأ أزمة اقتصادية يشهدها العالم. لكن ذلك لا يعني الكثير، فالنظام المالي الغربي أظهر فشلاً ذريعاً قائماً على «الجشع» والمكافآت «الضخمة» لرجال المصارف كما يرى الكثيرون ومنهم الثائرون في «وول ستريت».
إلا أن التحدي الكبير الذي سيكون أمام الساسة والاقتصاديين هو أن يضعوا نظاماً مالياً جديداً يتسم بالنزاهة والموضوعية ومعايير مسئولة تجاه المجتمع، لا يمكن اختراقها وإلا فإن «طمع المال» سيقود العالم إلى مستقبل مجهول.
علي الفردان