لا بد من مواجهة التضخم بالاستثمار في المملكة السعودية

تاريخ النشر: 05 سبتمبر 2011 - 09:31 GMT
لقد أعاد بعض الاقتصاديين في المملكة أسباب التضخم في السوق السعودية بنسبة 70 في المائة لأسباب دولية ونسبة 30 في المائة لأسباب محلية في ظل توقعات بمزيد من التضخم الخارج عن السيطرة بحكم وضع الدولة كمستوردة لمعظم احتياجاتها
لقد أعاد بعض الاقتصاديين في المملكة أسباب التضخم في السوق السعودية بنسبة 70 في المائة لأسباب دولية ونسبة 30 في المائة لأسباب محلية في ظل توقعات بمزيد من التضخم الخارج عن السيطرة بحكم وضع الدولة كمستوردة لمعظم احتياجاتها

وضع الاقتصاد العالمي لا يدعو للتفاؤل، ومن تابع تصريحات مدير صندوق النقد الدولي الأخيرة والتحذير من خطر داهم سيجتاح دولا كثيرة، ومنها دول آسيوية وأخرى منفتحة على الأسواق العالمية، يقف على حقيقة أن هناك ما يدعو للحذر، كما أن أسباب تولد المخاوف تتزايد كل يوم، ولم تعد هناك وجهة واحدة تشكل مصدر الخطر، فدول كثيرة غارقة في الديون وأخرى تتردد في كشف معاناتها حتى لا تسهم في بث مزيد من المخاوف، ولم يعد للأزمة مركز واحد، بل تعدد في مراكزها ومواقعها، والساحة الدولية أصبحت ميدانا واحدا يعج بالحذر والخوف والترقب.

ولأن معاناة المستهلكين مع التضخم في الأسعار محل اهتمام الحكومات لما يترتب عليها من آثار جانبية فإن تدخل الحكومات لدعم الأسعار يزيد الإنفاق الحكومي، وهو ما يعتبر في نظر بعض المحللين الاقتصاديين، أحد أسباب التضخم، فإن كبح جماح التضخم في الأسعار لم يعد محل اتفاق حتى بين المتخصصين في علم الاقتصاد، الذين تباينت آراؤهم إلى حد عدم إمكان التوفيق بينها، وإذا كان هذا هو حال أهل الاختصاص فكيف يمكن للحكومات أن تتعامل مع أزمة الغلاء في الأسعار، وكيف يمكن لصندوق النقد الدولي وغيره من المنظمات المختصة أن تعالج موضوع التضخم العالمي وانعكاسه على مستوى المعيشة في مختلف دول العالم ومنها الدول الفقيرة؟

إن هناك آراء تعيد التضخم إلى أسباب عديدة، حيث لا يمكن التركيز في مكافحته على سبب واحد، فهناك أسباب خارجية لا يمكن التحكم فيها ولا تستطيع أي دولة سوى التعامل معها باعتبارها واقعا لا مفر منه، كما أن هناك أسبابا داخلية غير منفصلة عن العوامل الخارجية، خصوصا لدى الدول المستوردة لأنواع معينة من السلع كالغذاء، فمعاناة المستوردين أكبر من معاناة المنتجين، فإن خلاصة أسباب التضخم متداخلة متشابكة بصورة معقدة، فهي خليط من الصراع الدولي وتعارض المصالح بين القوى الكبرى، إضافة إلى توجيه جزء من الإنتاج العالمي نحو السلاح وتعظيم مخزن الدول الكبرى منه، إضافة إلى تلك الأسباب الأخلاقية والممارسات الضارة في السوق التي أصبحت كمن يصب الزيت على النار.

لقد أعاد بعض الاقتصاديين في المملكة أسباب التضخم في السوق السعودية بنسبة 70 في المائة لأسباب دولية ونسبة 30 في المائة لأسباب محلية في ظل توقعات بمزيد من التضخم الخارج عن السيطرة بحكم وضعنا كدولة مستوردة لمعظم احتياجاتنا، لكن لم يتم وضع حلول على المدى القريب أو البعيد، وكأن قدرنا أن نستمر راكبين في قطار التضخم دون رغبة منا في الخروج منه وتفادي مؤثراته ولو جزئيا في اقتصادنا الذي يعيش أفضل حالاته مع ارتفاع أسعار الطاقة وتوافر القدرة الشرائية لدى المستهلكين وتبني الحكومة برامج الدعم المنظم للتخفيف من آثار التضخم في معيشة الأسرة السعودية.

وإذا كان حالنا مع التضخم أفضل من غيرنا فإن علينا تقرير كيفية مواجهته من جذوره، فالإنتاج خير وسيلة، بل أفضل الوسائل العملية ولدينا القدرة المالية على تحدي الاستكانة الدائمة للاستيراد والدخول في برامج إنتاج السلع الرئيسة التي نستوردها والقابلة للإنتاج المحلي وبناء استثمار حقيقي وليس رقميا، فنحن لا نستفيد مطلقا من احتلال الصدارة في جاذبية البيئة الاستثمارية، ولن نكون منافسين فيها ولم نر حتى الآن شيئا يتناسب مع كل هذا الزخم في طرح قضية الاستثمار، فالميدان الحقيقي هو قدرتنا على استثمار رأس المال السعودي في الداخل وتقليص الاعتمادية على الخارج، فالفشل العالمي بدأ يلوح في الأفق سواء في تحرير التجارة ومواجهة أزمة الديون، وقد يعود العالم بأكمله عن توجهاته الحالية إلى أساليب وحلول قديمة أو مبتكرة.. فأين سنجد أنفسنا مستقبلا؟

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن