ديترويت- تتعدد محاولات الراوي في إيجاد وتوليد مفاتيح سردية مبتكرة لرواية "وراق الحب"، للسوري خليل صويلح، الفائزة بـ"جائزة نجيب محفوظ للرواية العربية" في دورتها الـ14 (2009)، التي يمنحها قسم النشر في الجامعة الأميركية بالقاهرة، الذي أصدر مؤخرا النسخة الإنجليزية للرواية للمترجمة إليكسا فيرات.
وإمتاع القارئ ومؤانسته وتوريطه في "وراق الحب"، لا يتم من خلال تطوير خطوط درامية رئيسية فحسب، وإنما عبر إثارة تفريعات جانبية أو عابرة، ولكنها مع ذلك تبقى مثل مخازن ذخيرة في رابعة النهار، قد تنفجر في أي لحظة، أو لدى ارتكاب أي خطأ أو حماقة.. أو حتى تهكم مباغت.
يقول الراوي المهووس بإيجاد عتبات ومسارب حكائية لتوطيد حكايته "ما ينقصني هو شخصية مبهرة مثل الكولونيل أوريليانو بوينديا (في رواية "مائة عام من العزلة" لغابرييل غارسيا ماركيز)، فطيلة حياتي لا أذكر أن أحدا مر بهذه القرية، أو وطأ أرضها برتبة تتجاوز رتبة مساعد أول.
ويبقى الحب خيار صويلح الأوحد وهاجسه الأكبر عبر صفحات الرواية، التي تستحضر تاريخا طويلا وممتعا لأحوال العشق والغرام، سواء عبر المقترحات غير المكتملة لحكاية التاجر البغدادي الذي وقع في هوى ياسمين زاد الدمشقية، التي اشترطت عليه مهرا بنسخ أجمل ما قيل في الحب والفراق والموت، أو لقصة غرامية متخيلة بين شاب دمشقي وامرأة تركية حسناء يلتقيان أثناء رحلة في قطار ذاهب من دمشق إلى حيفا قبل مائة عام، أو عبر سرد تجارب عشقية أخرى تقيم نوعا من التوازي والتقاطع مع حكايات قدمتها أعمال روائية عالمية لغابرييل غارسيا ماركيز أو ماريو بارغاس يوسا وإيزابيل أليندي وميلان كونديرا وغيرهم.
و"وراق الحب" رواية داخل رواية، تتوسع متاهتها وتتعمق بسبب تناصها واستطرادها الدائم، لتقدم بشكل ذكي وبارع ما يدعوه كونديرا "سيرة الكائن المنسي". ولكنها في آخر الأمر مكتوبة "بطريقة تجعلها غير قابلة لأن تروى"، حسب كونديرا أيضا في رواية الخلود، فالراوي والروائي يتبادلان الأدوار بطريقة تبدو معها لعبة التبادل نوعا من نزع الأقنعة "وما زاد حنقي أكثر كمية الحماقات التي كان ينطق بها بطلي وأنا أتخفى وراءه بدور الراوي".-(الجزيرة نت)