بالنسبة للنخبة المالية في العالم، يمكن أن نعتبر أن الوقت الحاضر مناسب لأن يكون الواحد منهم موجوداً في منطقة جبلية في سويسرا، تحت حماية طوق من الشرطة المسلحة، وقادرا على أن يصرف فكره عن المشاغل من خلال التزلج على الثلج والدخول فجأة في بنك خاص. ويا للمفاجأة، فقد بدأ المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس أعماله يوم الثلاثاء، في الوقت الذي قال فيه ميت رومني إنه يدفع ضرائب فيدرالية تبلغ نسبتها نحو 14 في المائة من دخله، وفي الوقت الذي اقترح فيه باراك أوباما زيادة الضرائب على الأثرياء في خطابه عن حالة الاتحاد، كما حاول فيه ديفيد كاميرون أن يخفض إلى النصف العلاوة السنوية التي يحصل عليها ستيفن هِستر، الرئيس التنفيذي لرويال بانك أوف اسكوتلاند.
في رأيي ان ذلك الوقت كان غير مناسب لأن يكون المرء مديراً لأحد صناديق التحوط أو لإحدى شركات الأسهم الخاصة، وذلك أن مشكلاتهم تصل إلى أعالي الجبال، لكنها ليست مشكلات حقيقية على الإطلاق مقارنة بكون الشخص عاطلاً عن العمل أو أنه يدفع ضريبة الدخل المعتادة – لا سمح الله. وأصبح من غير الممكن الآن الدفاع عن المستوى المتدني من الضريبة المفروضة على الأرباح التي يحصل عليها الشركاء العامون في الشراكات المالية (على الرغم من عدم مساهمتهم في رأس المال)، وهذا لا يعني أنه لا توجد حجج للدفاع عن هذا المستوى. كل ما في الأمر أن هذه الحجج لم تعد كافية، وهي حقيقة يبدو الآن أن رومني يقر بها.
إن الاقتصاد العالمي يحابي مديري الصناديق بالطريقة نفسها التي يحابي فيها كبار النجوم والرياضيين، كما أنهم ليسوا بحاجة إلى إعفاءات ضريبية كذلك. وبالنظر إلى أن رومني في عام 2010 حقق دخلاً مقداره 7.4 مليون دولار عن طريق أرباح الشراكة، بعد أن كان قد استقال من عمله الرئيس التنفيذي لشركة بين كابيتال في عام 1999، فإنني أشعر بالتعاطف مع هِستر، الذي نشبت عاصفة ضخمة بسبب المبلغ الأقل الذي حصل عليه مقابل الوظيفة التي لا يزال يعمل فيها، ومن المؤكد أن هِستر كان بمقدوره الحصول على دخل أكبر لو عمل في إحدى شركات الأسهم الخاصة أو مديراً لأحد صناديق التحوط، وفي الوقت نفسه دفع ضرائب أدنى وعانى من أسى أقل.
فينس كيبل، وزير الأعمال البريطاني، يريد الحد من زيادات الرواتب التي تمنح لزعماء الأعمال من خلال إعطاء المساهمين في الشركات تصويتاً ملزِماً بخصوص هياكل الرواتب. وهو غير مرتاح للحقيقة التي تقول إن متوسط المنافع والعوائد التي يحصل عليها الرؤساء التنفيذيون في الشركات المدرجة على مؤشر فاينانشال تايمز 100 ارتفعت خلال الفترة من 1998 إلى 2010 من مليون جنيه استرليني إلى 4.2 مليون جنيه (وهو مبلغ من شأن الرؤساء التنفيذيين في الولايات المتحدة أن يرفضوه بكل ازدراء).
إننا نرحب بإشراف المساهمين على إساءة استخدام التنفيذيين في مجال الرواتب والعوائد المضخمة مقابل الأداء العادي. وفي رأيي أن شركة كيرن للطاقة كانت محقة هذا الأسبوع في إلغاء علاوة مقدارها 2.5 مليون جنيه استرليني على شكل أسهم تُمنح للسير بيل جاميل، مؤسس ورئيس مجلس إدارة الشركة، مقابل تقديمه عرضاً في الوقت المحدد. إن معظم الناس من أمثالنا يستطيعون إنجاز أمر بحلول الموعد النهائي المقرر لهذا الأمر دون أن نتلقى الرشا على ذلك. لكن ربما يكون من الأفضل بصورة عامة للوزير كيبل أن يتوقف عن الرجاء بتقييد الزيادة في رواتب وعلاوات الرؤساء التنفيذيين. إن هؤلاء الأشخاص يحصلون على عوائد كبيرة من هذا القبيل مقابل العمل في وظائف صعبة تتركز عليها أنظار الناس، مع المخاطرة بأن يتعرضوا للفصل من أعمالهم إذا أخفقوا في تحقيق الأهداف ذات الأجل القصير. ليس هذا فحسب، بل إن هؤلاء الأشخاص هم الأفراد الفقراء في عائلة الطبقة المالية في وول ستريت.
في عام 2004 كان عدد الأشخاص المهنيين في وول ستريت الذين تقع دخولهم في شريحة المائة مليون دولار يبلغ تسعة أضعاف عدد الرؤساء التنفيذيين الأمريكيين، في حين أن أعلى 25 شخصاً من مديري صناديق التحوط حققوا دخلاً إجمالياً يفوق جميع ما حققه الرؤساء التنفيذيون للشركات المدرجة في مؤشر ستاندارد آند بورز 500، وفقاً لما جاء في دراسة أكاديمية من إعداد ستيفن كابلان وجوشوا راوه. هذا الأسبوع قال وارين بوفيت في معرض حديثه عن مرشح الرئاسة الأمريكية ميت رومني على قناة بلومبيرج: ''إنه يجني المال بالطريقة نفسها التي أجني بها المال، وذلك ليس من خلال إجهاد ظهره أو الذهاب إلى العمل وتنظيف الحمامات أو مهما كان ذلك. إنه يجني المال من خلال دفع المال في عدة اتجاهات. ''إن دفع المال في عدة اتجاهات ليس أمراً سيئاً بحد ذاته – لاحظ أن سجل بوفيت في هذا المجال لا يبارى، كما أن شركة بين كابيتال حققت عوائد عالية في ظل رومني – لكن المكافآت غير عادية. ويستطيع المرء أن يجادل في السبب وراء هذه العوائد العالية بينما يفضل كالان وراوه حجة التكنولوجيا التي مفادها أن مديري الصناديق، شأنهم في ذلك شأن الرياضيين، يسيطرون الآن على سوق أوسع بسبب مهاراتهم. ومن الممكن أن تكون أتعابهم غير متناسبة وتزيد كثيراً على العوائد المستدامة التي تحققها شركات الأسهم الخاصة وصناديق التحوط للمساهمين فيها. لعل السبب البسيط وراء ذلك هو أن بإمكان الشخص أن يأكل كمية كبيرة من الشوكولاته إذا كان يعمل في مصنع للشوكولاته. أياً كان السبب، فإنه يتم دفع مبالغ سخية لمحترفي شركات الأسهم الخاصة، وصناديق التحوط الناجحين إضافة إلى الرأسماليين المغامرين، كما أن الرتب الأعلى لها نصيب معقول في أن تصبح من أصحاب المليارات. وهم يدفعون ضرائب متدنية لأن معظم أموالهم تأتي من الفائدة المنقولة التي تعد صناديق استثمار تحسب عوائدها مكاسب رأسمالية، وليست أرباحاً. وهذا الأمر كما لاحظه بوفيت يعني أن معدل الضرائب التي يدفعها أقل من مساعدته ديبي بوزانيك التي أعطيت موقعاً مهماً في خطاب حالة الاتحاد. وتظهر أرقام خدمة العوائد الداخلية أن معدل الضرائب الذي يدفعه أعلى 400 من أصحاب العوائد من دافعي الضرائب الأمريكيين تراجع من 29.9 في المائة عام 1995 إلى 18.1 في المائة عام 2008.
إن تبرير اعتبار الفائدة المنقولة مكاسب رأسمالية أمر يلفه الضباب في أحسن الحالات. وتقول هذه الصناعة إن هذا الأمر ينطبق لأن المكاسب ليست مؤكدة، ولا يعرف أحد ما إذا كان الاستثمار مجدياً، ومؤجلاً. ويساهم مشارك عام ''بأسهم مرهقة'' من خلال تقديم خبرة لتحويل الشركات التي استثمر فيها الصندوق. إذا كان عدم التيقن، وعدم التأجيل، كافيين لتحويل العوائد إلى مكاسب رأسمالية، فإن ذلك يجب أن ينطبق على المؤلفين، وكتّاب السيناريو، إضافة إلى عدد آخر من المهن. ويبدو معظم نشاطات الشركاء غير الماليين في صناديق الاستثمار أقرب إلى العمل، منه إلى تأسيس المشاريع. وسيتسبب إنهاء المعاملة التفضيلية للفائدة المنقولة في احتجاجات خارج وول ستريت من شركاء في صناديق عقارية، ورأسماليي المشاريع المغامرة الذين يعتبرون أنفسهم أشخاصاً جيدين. ولكن الدليل على أن ريادة المشاريع والإبداع سيلحق بهما الأذى من جانب مديري الصناديق الذين يطلب منهم دفع ضريبة الدخل، محدود ولم يؤد أبداً إلى تقليل وفرة مصرفيي الاستثمار.
إن الحافز في أن تصبح شريك أسهم خاصة في صندوق، بدلاً من أن تعمل كعالم رياضيات، أو جراح أو رئيسا تنفيذيا لشركة عامة قوي بالفعل. وإن آخر ما تحتاج إليه الاقتصادات هو حوافز لأولئك الذين يجرفون الأموال.