شبح الحرب الأهلية يرعب المستثمرين ويهدد اقتصاد ليبيا... مستثمرون واقتصاديون أردنيون يختلفون حول فرص الاستثمار في ليبيا، رغم أن الأردنيين مرحب بهم.. مستثمرو الأردن يتوجسون من المغامرة في ليبيا، مخاوف من انعدام الأمن الفعلي والاستقرار السياسي وانهيار النظام البنكي الليبي..
يعتقد الكثير من رجال الاعمال الأردنيين والعرب، بل والعالميين ان المنطقة التي تطرأ فيها أية تغيرات وتحدث بها مشاكل تصبح بين يوم وليلة بيئة خصبة للاستثمار، وتصبح المكان الملائم لتأسيس استثمارات ومشاريع، ولا سيما ان حكومة البلد المنكوب تقدم عادة كل التسهيلات لرجال الاعمال والمستثمرين لتدعيم الحركة الاقتصادية في البلاد، كما ان مقدرات البلد في حالات الحروب والكوارث تبقى بلا رقابة، وتكون أكثر عرضة للنهب والسرقة بدون اي تدخل من حكومة البلاد أو حتى الشعب، وعلى هذا فقد اتجهت انظار رجال الأعمال ومنهم الأردنيون نحو ليبيا بعد نكبتها، وبعد تدميرها من قوات الناتو، حيث أغراهم الواقع المالي في ليبيا، حيث لا ضابط له في الوقت الحالي، وأرباح المشاريع ستكون خيالية في هذه الفترة، لذلك فرجال الأعمال والمستثمرون الأردنيون يعتقدون أن في ليبيا فرصهم الحقيقية في تنمية اموالهم وتحريك الاقتصاد الذي عانى من الركود في منطقة الشرق الاوسط.
فهل ستصبح ليبيا المقصد الرئيس لرجال الأعمال الأردنيين؟ وألن تكون هذه الأموال عرضة للمغامرة والضياع في ظل ضعف سيطرة المجلس الانتقالي على الشأن الداخلي للبلد؟ ''اللواء'' أجرت العديد من المقابلات مع رجال أعمال ومستثمرين أردنيين، بعضهم ينظرون الى ليبيا على اساس انها المكان المنقذ لهم، ومكان تطوير استثماراتهم، والبعض الآخر يستهجن الفكرة، حيث ان ليبيا اصبحت معقلاً للخارجين على القانون، ولا يوجد فيها أمان وأمن اقتصادي أو حقيقي.
العودة إلى طريق التنمية
عامر المصري مدير غرفة تجارة العقبة قال لـ (اللواء): بالفعل فإن الكثير من رجال الأعمال الأردنيين يحاولون استغلال ليبيا كوسيلة لتنمية نشاطاتهم وتجارتهم خارج البلاد، خاصة انها في الوقت الحالي بحاجة إلى من يعود بها إلى طريق التطوير والتنمية بعد دمارها والرجوع بها إلى الخلف لعقود طويلة، فليبيا على الأرجح سوف تصبح السوق الذي يستقطب الكثير من رؤوس الأموال، ليس من الأردن فقط، بل من كل دول العالم، لكن الأردن ستحتل مركزاً جيداً في ترتيب الدول المرحب بها في ليبيا.
وأضاف المصري : إن غرفة تجارة العقبة تسعى دائماً لكي يكون لها الدور الكبير في الحملات الاستثمارية المزمع القيام بها، ودراسة المشاريع المتعلقة بها، والأوضاع الأمنية والاجتماعية في ليبيا، ومدى ملاءمتها للاستثمارات والمشاريع الاقتصادية، وقد تم الاجتماع مع مسؤولين اقتصاديين ليبيين في الأردن، وكذلك مع رجال أعمال ومع مستثمرين، للوقوف على القطاعات الاستثمارية التي يمكن للأردنيين الخوض بها، والعمل ضمن أُطرها في ليبيا، وقد وجدت غرفة التجارة الكثير من اللغة المشتركة معهم، والتي تنبئ بنجاحات اقتصادية مستقبلية في ليبيا بمشيئة الله. وذكر المصري :أن وفداً من غرفة تجارة العقبة سيضم الكثير من رجال الأعمال سيتوجه في رحلة إلى ليبيا للاطلاع على الأوضاع على ارض الواقع، ودراسة المعطيات التي تبعث على التفاؤل.
أسواق واعدة
ومن جهته قال هشام الدويك نائب رئيس غرفة تجارة عمان: إن الأسواق الليبية هي أسواق واعدة، ومن البديهي أن يحاول المستثمرون ورجال الأعمال تأسيس مشاريع فيها، وبالفعل فإن الكثير من التجار الأردنيين أبدوا رغبتهم في العمل على تأسيس مشاريع لهم في ليبيا، حيث أنها في الوقت الحاضر لديها قدرة إستيعابية غير محدودة والإمكانيات المادية للبلد جيدة إلى حد ما. وأضاف الدويك :إن غرفة التجارة في عمان تعمل وفق دورها التقليدي، وهو التنسيق، فإذا رغب احد التجار بالذهاب إلى ليبيا لاستكشاف الأوضاع على أرض الواقع فيها، والتأكد من صلاحية بيئتها للاستثمارات، نقوم بالتنسيق بينه وبين وزارة الصناعة والتجارة التي تقود بالفعل تلك التحركات للمستثمرين الأردنيين.
وأضاف الدويك :أما عن عدم استقرار ليبيا، وتفاقم الأوضاع الأمنية فيها سوءاً فهذه قضية لا بد من أخذها بعين الاعتبار، فليبيا تعاني كثيراً جراء عدم الاستقرار، وجراء تنامي الحركات الانفصالية المسلحة والميليشيات، وضبط هذا الأمر منوط بالحكومة الليبية ومدى براعتها في التعاطي مع المليشيات المسلحة التي تحتفظ بترسانتها وبأسلحتها رغم ما يقال عن انتهاء الحرب في البلد.
أوضاع غير ناضجة
أما رائد سمارة رئيس غرفة صناعة إربد فقد قال: إن الأوضاع في ليبيا على المدى القريب غير ناضجة ولا واضحة، ليس فقط من النواحي الأمنية والظروف العامة غير المستقرة، والتي نضعها على رأس القائمة في حساب البيئات الاستثمارية، لا بل من نواحٍ اقتصادية وأخرى مالية، لكن المؤشرات إيجابية بعض الشيء، فالحكومة الليبية قد تصبح قادرة على وضع قواعد اقتصادية جديدة وشروط استثمارية وحوافز مناسبة.
وأضاف سمارة : إن الأردن ينظر بعين الاهتمام إلى ليبيا، خاصة أن الأسواق تعاني جراء الركود والحالة الاقتصادية المتعبة بسبب وطأة الأوضاع السياسية وعدم الاستقرار الإقليمي، فليبيا قد تصبح المخرج من تلك الأزمات، لكن هناك الكثير مما على الحكومة الليبية القيام به، كوضع قواعد الاستثمار وخلق محفزات، ووضع آليات تجذب المستثمرين وتشعرهم بالاستقرار والاطمئنان على أنفسهم، وعلى رؤوس أموالهم داخل ليبيا، كما يتوجب على الليبيين توفير بنية تحتية بنكية ،وإعادة تأسيس البنوك. ويتابع سمارة: أما في الوقت الحالي فالأوضاع غير ناضجة، ولا يمكن اعتبار ليبيا ببيئتها غير المستقرة، بيئة استثمارية جيدة، لكنها في القريب يمكن أن تتحول إلى بيئة مناسبة، وهذا متعلق بالحكومة الليبية وطرق تعاطيها مع الأمور .
لا جدوى
ومن جهته قال عضو غرفة تجارة الرصيفة علي محمد : بعيداً عن السياسة والأطماع الغربية والتعثر السياسي والاقتصادي، واستغلال مقدرات ليبيا لصالح الغرب، يمكن القول: إن الاستثمار فيها وفي هذا الوقت بالتحديد لن يكون مجدياً، أولاً: الاقتصاد المحلي الليبي أصبح شبه معدوم، والاستقرار الأمني متذبذب، لهذا قبل الحديث عن الاستثمارات في ليبيا لا بد من دراسة الأوضاع الأمنية والأوضاع الاقتصادية والاستقرار الاقتصادي فيها، والتأكد أنه لن يكون هناك أحد فوق القانون والدولة، وهذا على ما اعتقد لن يحدث قريباً.. حيث نشهد حتى الآن الكثير من الشد والجذب بين ميليشيات وقبائل ليبيا وعشرات القوى والجماعات المسلحة، وسوف تبدأ تلك الميليشيات والعشائر في القريب العاجل بالمطالبة بحصتها من الكعكة الليبية، وإذا لم يتم الاتفاق فيما بينهم سوف (وهو ما سيحدث على الأغلب) سوف نشهد حرباً أهلية في ليبيا.
ليبيا «الجديدة».. بيئة طاردة للاستثمار / بقية غسيل
لمزيد من المعلومات عن حقيقة الوضع الليبي التقت (اللواء) الخبير الاقتصادي عبد الله العلمي وهو أحد الاقتصاديين المكلفين بمراقبة الأوضاع في ليبيا لصالح عدة منظمات دولية حيث قال: إن البعض يحاول استغلال ليبيا في هذا الوقت باعتبارها السوق الذي لا يرد شيئا، وهذا على الأغلب سوف يجعل منها مكاناً ملائماً لغسيل أموال المخدرات والسلاح والاستثمارات غير النظيفة في الوطن العربي، ففي الوقت الحاضر المراقبة على الاقتصادي الليبي في مستوى لا يستطيع ضبط سوق صغير، فما بالك بدولة كانت تملك يوما من الأيام احتياطياً هائلاً من الأموال ومن المعادن الثمينة.
وذكر العلمي في سياق رده على استفسارات '' اللواء ''أن ليبيا لن تكون مستعدة لاستقبال المستثمرين ورجال الأعمال في الوقت الحالي، فعلى الحكومة الليبية العمل على فرض القانون وتصويب الأوضاع ليس فقط الاقتصادية بل السياسية أيضاً، فالاستقرار السياسي يجلب الاستقرار الاقتصادي، كما يتوجب عليها فرض رقابة على الأموال التي تدخل من الخارج، خاصة لرجال أعمال أجانب، لأن في تلك الأموال دماراً على سمعة الاقتصاد الليبي ،ولو استمرت الأمور على ما هي عليه فسوف نشهد تنامياً غير مسبوق في الحركة الاقتصادية المشبوهة وسوف تقترن طرابلس بغسيل الأموال.
غير صالحة
وأضاف العلمي : إن ليبيا في الوقت الحاضر لا تصلح للاستثمار، لأن فيها الكثير من الخارجين على القانون الذين يتربصون الضحايا، وسوف لن يهدأ هؤلاء إلا عندما يأخذون مصالحهم كاملة من الحكومة الليبية التي تعتبر أضعف من أن تسيطر على تجمعات قبلية مسلحة، وهذا شهدناه على أرض الواقع.. حيث لم تستطع الحكومة الليبية مصادرة أسلحتهم، وهذا مؤشر على ان الحكومة الليبية حتى الآن لم تلعب دورها الموكل إليها كحكومة حقيقية قادرة على إدارة البلاد، لكن في النهاية نرجو أن لا تنجرّ ليبيا نحو طريق مسدود.