عدد كبير من المسلمين يطرح تساؤل هل يجوز الجمع والقصر في السفر أكثر من ثلاث أيام، حيث تشمل عملية القصر والجمع مجموعة كبيرة من الأحكام والضوابط التي ينبغي على الإنسان المسلم الإلمام بها في حكم الجمع والقصر للصلوات وذلك من باب الحفاظ على الفريضة والتخفيف عن الأفراد خلال فترة السفر.
مفهوم الجمع
يمكن تعريف الجمع بأنه ضم صلاتين متتاليتين في وقت أحداهما، ولكن بضرورة وجود عذر للجمع، وأتاح العلماء الجمع بين كل من صلاة الظهر وصلاة العصر، والجمع بين صلاة المغرب وصلاة العشاء ويتكون صفة كل صلاة منهما على حالها ولكن ينوي بهما المسافر نية الجمع، والجمع نوعان:
- جمع تقديم: وهي أن يجمع المسافر بين صلاة العصر وصلاة الظهر فيصلي العصر في وقت صلاة الظهر، ويقدم صلاة العشاء فيصليها بعد صلاة المغرب في وقت المغرب، فيصلي المغرب على صفتها وبعد السلام ينوي للعشاء جمع تقديم فيصليها على صفتها.
- جمع تأخير: وهي أن يصلي كل صلاة على صفتها في وقت الصلاة التالية لها فيصلي الظهر مع العصر في وقت العصر، ويصلي المغرب مع العشاء في وقت العشاء.
شروط الجمع بين الصلوات
أوضح جمهور أهل العلم على اختلاف مذاهبهم بعض الشروط من أجل جمع الصلوات على سواء كان ذلك جمع تقديم أو جمع تأخير هذه الشروط على النظام التالي.
شروط جمع التقديم في مذهب الشافعية والحنابلة:
- الترتيب حيث يتم البدء بالصلاة الأولى التي حضر وقتها فيبدأ بالظهر ويتبعه بالعصر، ويبدأ بالمغرب ويتبعها بالعشاء.
- استحضار نية الجمع عند صلاة العصر والعشاء ويجب أن تكون هذه النية في الصلاة صاحبة الوقت.
- الموالاة بين الصلوات أي البدء في الصلاة الأولى واتباعها بالثانية دون إطالة الفاصل بينهما.
- دوام العذر ويقصد به استمرار سبب المتاح للجمع بين الصلوات.
مفهوم القصر

يعرف قصر الصلوات بأنه تغير في صفة الصلوات الرباعية وهي الظهر والعصر والعشاء حيث تصلى ركعتين كصلاة الفجر، ولا يتم قصر كل من صلاة المغرب أو صلاة الفجر بل تصلى على عددها والقصر مباح للمسافر فقط.
شروط قصر الصلاة في السفر
جاء بيان شروط قصر الصلاة في السفر في عدد من النقاط أجمع عليها أهل العلم وهي على البيان الآتي:
- أن تكون مدة السفر لا تقل عن يومين.
- أن يكون السفر مباحا وليس لأجل معصية.
- أن يدوم وقت السفر حتى دخول موعد الصلاة المقصورة فإذا وصل قبل موعدها وجب له التمام.
- أن تكون الصلاة المقصورة أحد الصلوات الرباعية ( الظهر، العصر، العشاء).
- أن يكون المسافر عالما بجواز القصر فمن رأى الناس يقصرون ففعل كفعلهم غير عالم بالحكم لم تصح صلاته.
- نية القصر عند تكبيرة الإحرام ولو نسيها وجب عليه تماما الصلاة.
- عدم اقتداء المصلى القاصر للصلاة بمتمم لها فإذا فعل وجب عليه التمام لا القصر.
هل يجوز الجمع والقصر في السفر أكثر من ثلاث أيام
تختلف جمهور أهل العلم على القطع جواز الجمع والقصر لأكثر من ثلاث أيام خلال السفر، وجاءت أقوالهم على النظام الآتي:
- ورد في مذهب الإمام الشافعي والإمام مالك أن المسافر إذا نوى الإقامة فوق الأربع أيام وجب عليه الإتمام.
- ذهب الإمام أحمد بن حنبل إلى رأي أن المسافر لو نوى الإقامة أكثر من أربع أيام سقطت عنه رخصت القصر والجمع ووجب عليه التمام.
- استدل الحنابلة على مذهبهم من مجيء النبي ﷺ إلى مكة في يوم الأحد الذي وافق الرابع عشر من ذي الحاجة وأقام فيها أربعة أيام قبل الخروج إلى منى في يوم الخميس وأتم الصلاة.
- ذهب بعض أهل العلم إلا أن المسافر يجوز له الأخذ برخصة الجمع والقصر سواء استمر سفره لمده أربع أيام أو أكثر ما لم ينوي الإقامة.
- استدل العلماء على الرأي السابق من فعل النبي ﷺ أقام مددًا مختلفة يقصر فيها، فأقام في تبوك عشرين يومًا يقصر الصلاة.
مدة الجمع والقصر عند الشافعية
مدة الجمع والقصر للمسافر عند الشافعية أوضحها الشافعي في مذهبه تبدأ بتمام المسافة التي يرخص فيها القيام بجمع أو قصر الصلاة والتي تم تقديرها بواحد وثمانين كيلو متراً ذهابا فقط، وأوضح الإمام الشافعي أن المدة التي يرخص فيها الجمع والقصر هي أربع أيام بلياليها لا يحسب فيها يوم الدخول ولا يوم الخروج، ما لم ينوي المسافر الإقامة في هذه البلدة، فإذا نوى الإقامة حرم عليه الجمع والقصر بين الصلوات طوال مدة إقامته.
وأوضح الإمام الشافعي أيضا إذا كانت مسافة السفر أقل من واحد وثمانين كيلو متراً وكانت لحاجة لا يعلم المسافر وقتاً لتمامها فقد تستغرق ساعة أو يوم أو شهر فإن رخصة الجمع والقصر له تستمر لمدة ثمانية عشر يوماً، ويشترط لذلك عدم علم المسافر قطعا أن حاجته لن تقضى في أربع أيام، وإذا علم فلا يجوز له القصر ولا الجمع إلا في الطريق ذهاباً وإياباً.
حكم القصر لمن نوى الإقامة أكثر من أربعة أيام
اختلف جمهور أهل العلم في حكم قصر الصلاة للمسافر الذي ينوي الإقامة لفترة تزيد عن الأربعة أيام، وجاءت هذه الاختلافات على الوجه التالي.
مذهب المالكية والشافعية
- ذهب أصحاب هذا المذهب إلى أن مدة القصر للمسافر هي ثلاث أيام فقط لا يحسب فيها كل من يوم الدخول لأن فيه يتم تجهيز أمتعة السفر ويوم الخروج حيث يتم فيه الترتيب للخروج.
- إذا كانت نية المسافر أن يقيم في المكان الذي سيرتحل إليه أربعة أيام فأكثر فإن يجب عليه تمام الصلاة حال وصوله.
- استدل أصحاب هذا المذهب على ذلك من السنة النبوية في قول الرسول صلى الله عليه وسلم:( يُقِيمُ المُهَاجِرُ بمَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ ثَلَاثًا).
- يستدل على ذلك أيضا من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم في إحدى العمرات حين أقام في مكة المكرمة لمدة ثلاث أيام كان يقصر الصلاة في جميعها.
حكم الجمع والقصر للمسافر ابن العثيمين
أوضح الشيخ ابن العثيمين رأيه في قصر وجمع الصلوات للمسافر من خلال مجموعة من النقاط هي كالآتي:
- المسافة المبيحة للأخذ برخص السفر من قصر وجمع الصلاة لا يتم تحديدها بمسافة معينة بل من خلال عرف الناس فما يقال عنه فهو سفر وما لم يعرف بأنه سفر فلا رخصة له ولو كان مائة كيلو متر.
- استدل الشيخ في قوله السابق من حديث أنس ابن مالك رضي الله عنه حيث قال:( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ مَسِيرَةَ ثَلاثَةِ أَمْيَالٍ أَوْ ثَلاثَةِ فَرَاسِخَ صَلَّى رَكْعَتَيْن).
- ذكر الشيخ أيضا أنه في حالات حدوث اختلاف في العرف فيجوز للمسافر أن يأخذ بالقول المحدد مما اجتهد فيه بعض العلماء.
- يضيف الشيخ أن مدة السفر لا يتم تقيدها بمدة معينة بل للمسافر قصر الصلاة مادام لم ينوي الإقامة المطلقة أو الاستيطان في بلد السفر.
الأسئلة الشائعة

1. هل يجوز القصر في سفر السياحة؟
اتفق جمهور أهل العلم على جواز القصر في سفر السياحة إذا تحققت مجموعة من الشروط، هذه الشروط موضحة في النقاط الآتية:
- إذا كانت مسافة السفر تصل إلى ثلاثة وثمانون كيلو متر من حدود المدينة التي يقيم فيها المسافر، فإذا كانت أقل من ذلك فإنه لا يدخل في حكم السفر ويصلي صلاته كاملة.
- أن لا ينوي المسافر الإقامة في مكان السفر أربعة أيام فأكثر فإذا زاد عن ذلك وجب عليه تمام الصلاة.
- أن يكون سفر السياحة هذا مباحاً ليس فيه أمرٌ محرم فالمسافر لأمر محرم لم يجز له العديد من أهل العلم الأخذ برخص السفر.
2. هل يجوز للمسافر الجمع بعد وصوله؟
يرغب العديد من الأشخاص في معرفة حكم جمع وقصر باقي الصلوات بعد الوصول إلى المنزل في نفس اليوم الذي تم فيه جمع أو قصر الصلوات السابقة للوصول، وجاء بيان ذلك على النحو الآتي:
- إذا وصل المسافر إلى منزله فلا يجوز له جمع أو قصر الصلوات المشتركة في الوقت مثل صلاة الظهر والعصر أو صلاة المغرب والعشاء بل يجب عليه التمام.
- يتاح للمسافر الجمع بين الصلوات إذا وصل إلى منزله في موعد الصلاة الأخيرة مثل صلاة العصر إذا لم يكن قد صلى الظهر أو صلاة العشاء إذا لم يكن قد أتم صلاة المغرب.
- إذا وصل المسافر إلى منزله في موعد الصلاة الأولى سواء صلاة الظهر أو صلاة العصر فيجب عليه أن يقوم بإتمام الصلاة كاملة بغير قصر، ويصلي باقي الصلوات في موعدها كاملة لأنه يكون قد دخل في حكم المقيم.
3. هل يحسب يوم الدخول في السفر؟
اختلف جمهور أهل العلم على الوقت الذي يتم من خلاله بدء احتساب مدة السفر، وجاءت مذاهبهم في ذلك على أربعة أوجه هي كالآتي:
مذهب الشافعية
- اشترط الإمام الشافعي خروج المسافر من سور بلده إن كان له سور أو الخروج من العمران في سفر البر.
- عند سفر البحر يشرع البدء في قصر وجمع الصلاة منذ جريان السفينة أو تحرك القارب بعد ركوبه والابتعاد عن ساحل المدينة.
مذهب المالكية
- يبدأ حساب السفر بمجرد ابتعاد المسافر برا عن بيوت البلد التي يسكن فيها ولا يصبح في مقدرته رؤيتها من الجانبين.
- إذا ابتعد المسافر مسافة تصل إلى ثلاثة أميال عن البيوت الواقعة في بلده فقد أصبح في حكم المسافر ويحل له رخص السفر.
مذهب الحنفية
- يبدأ حساب السفر بعد مجاورة المسافر لمكان إقامته أو ما يتصل به من أماكن مثل مقابر الموتى أو أماكن الدواب.
- لا يدخل في مكان الإقامة البساتين المتصلة ببناء المدينة لأنها لا تعد من عمرانها.
مذهب الحنابلة
- يبدأ المسافر في رخص السفر إذا فارق حدود عمران مدينته وما دون العمران لا يدخل في هذه الحدود.
- إذا كان المسافر من سكان البادية فإنه يدخل في أحكام السفر حين يبتعد عن خيام قومه.
وفي نهاية موضوعنا هل يجوز الجمع والقصر في السفر أكثر من ثلاث أيام يجب على المسلم العلم أن الدين الإسلامي هو دين يسر وليس دين عسر ومن الضروري على المسلم التفقه في أمور دينه بشكل كامل لكي يتمكن من أداء كافة شعائر دينه بشكل صحيح.